إمتاع الأنام بالرحلة إلى بيت الله الحرام

خالد جودة أحمد
يجب ألا يغلب تلك الطمأنينة الاستعجال

أصدر الكاتب عاطف صقر كتابه المعنون "صحفي فوق أمواج العالم"، عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.

ضم الكتاب حكي مجموعة رحلات قام بها الكاتب بحكم عمله الصحفي خاصة في أماكن الصراع والتوتر في العالم، فقد قام الكاتب برحلات في أفريقيا وأوروبا وآسيا وأميركا، منها الرحلة إلي أرض الصومال الجديدة والصومال وأوغندا وجيبوتي ودول شمال أفريقيا: تونس والجزائر والمغرب، كما زار فرنسا واليابان والولايات المتحدة الأميركية، عبر رحلة بلغت 277 صفحة.

والكتاب كشأن كتب الرحلات له صفة الإمتاع ضم فيها الكاتب رؤيته وبعض تفاصيل الحياة ورصد العين المفتوحة على أهم المعالم والسلوك في شتي الثقافات مع إيراد معلومات قريبة وحديثة تضع القارئ أمام نبض الواقع المباشر.

وقام الكاتب بإيراد خاتمة الكتاب بالرحلة لأداء فريضة الحج (ص 269 إلى ص277) أي ثماني صفحات فقط من حجم الكتاب الكبير، لكنها رغم ذلك كانت تتسم بالتركيز كما ضمت دروسا مستفادة وخبرة نفسية مر بها الحاج الصحافي في رحلته، ونشير لعناصر من هذا التناول المركز:

أول أمر جرى تأكيده كان "نية الحج" فيذكر أنه انتوى الحج عام 2001 رغم أن الحجيج قد استوفي تأشيرات الحج بالتالي لم يصبح له مجال للحصول على الموافقة، لكن أشواقه للحج وإحساسه الطاغي بأنه سيحج هذا العام دلته إلى اليقين الداخلي بأنه من حجيج هذا العام، وبالفعل تحقق ذلك بفضل الله، يقول: "وتأكدت أن توفير ظروف الحج أمر قدري عندما يريد الله سبحانه وتعالي".

الأمر الثاني الذي استوقفني هو الجدول اليومي البديع، وإدارة الوقت في المدينة المنورة، من تقدير المسافة الزمنية بين المسجد النبوى والمسكن، واختيار مكان الصلاة بين المسجد وسطح المسجد، والحرص على الصلاة في الساحة أمام المسجد أو فوق السطح لكثرة العدوى بالإنفلوانزا، وبالفعل يعود الكثيرون من رحلة الحج وهم في حالة صحية متردية بسبب ما يصابون به من تلك العدوى، ثم تنظيم أوقات النوم والمكث في المسجد لأطول فترة ممكنة (من قبل صلاة العصر حتى صلاة العشاء) وله هنا ملاحظة ذكية وتدل على قدر الاهتمام والإدارة العلمية لوقت تلك الرحلة المباركة وهي إنتقاء الأطعمة التي تساعد على بقاء الحاج كل هذه الفترة الطويلة في المسجد بتناول الأكل الخفيف الذي يعتمد علي الجبن والعسل، والبعد عن الفول والبيض، ثم ملاحظة ذكية أخرى وهي النوم بعد العشاء استعدادا لصلاة الفجر حيث إن التأخير يضيع صلاة الفجر في جماعة والفرض مقدم عن النافلة.

الأمر الثالث كان سرد مناسك الحج من حيث البيان الفقهي لحج التمتع وموضوع المبيت بمنى في طريق الذهاب إلى عرفة وكيف يحدث التعارض بين السلطات والكثيرين حول الذهاب من بعد ظهر يوم الثامن من ذي الحجة إلى عرفات مباشرة، بينما وجه الاعتراض هو الرغبة في أداء السنة على وجهها الأكمل وإن كان الكاتب تحلّى بالرؤية الثاقبة من قوله عن تراجع الكثيرين عن هذا الأمر خوفا من فوات الوقوف بعرفة (نتيجة الزحام الشديد) والحج عرفة.

الأمر الرابع الوقوف بعرفة والصعود على جبل الرحمة، وقد ختم الكاتب تلاوة القرآن الكريم والذي بدأه بالمدينة المنورة وقراءة رياض الصالحين، وتدل تلك دلالة واضحة على وعي الكاتب وحسن استثماره وتخطيطه للرحلة إلتماسا لبركة ختم القرآن الكريم علي هذا النحو.

الأمر الخامس حديث الكاتب عن الطمأنينة في أداء المناسك وأنه يجب ألا يغلب تلك الطمأنينة الاستعجال.

الأمر السادس تقديم الكاتب وصفًا أدبيًا جميلًا وكيف حل الإيمان في أركان نفسه محل مطلب النفس برد المكيدة، وقناعتة بان الخير يكفي الناس جميعا وأن الدعاء لا يجب أن يغفل عنه الإنسان أبدا.

الأمر السابع هو أجمل ما قام الكاتب بسرده فهو وصف "غارة الشيطان" علي نفس الحاج – وصدق الكاتب فعلى حجم الطاعة يكون حجم الغارة – والضغط الشديد عليه لإجباره على التنكر لكل ما منحه الله من عطايا الإيمان والتقوى، والعودة لنقطة الصفر – بل أحيانا النزول بالسالب – من جديد ووصف أن ما يعين على الوقاية من تلك الغارة الشرسة هو ترك النميمة خاصة والنظرة الحرام واستعمال الدعاء.

الأمر الأخير إرشادات بخصوص المشتريات.