هل علينا الاستعداد للاحتفال بضياع القدس؟

ربما من الأجدر أن نترك اليوم أسلوب المجاملة في الحديث أو النزوع إلى الدبلوماسية في تناول هذا الموضوع الذي قد يكون صادماً للمواطن الفلسطيني البسيط، ولكنه ليس مفاجئً لبعض الرسميين الفلسطينيين وخاصة من الفصائل المتناحرة التي ترفض بشكل قاطع إنجاز المصالحة الفلسطينية.

فالرئيس الأميركي دونالد ترامب قد حدد منتصف آيار القادم كموعد للاحتفال بنقل السفارة الأميركية إلى القدس وأنه قد يشارك بنفسه في هذا الحدث ليثبت للجميع بأنه "رجل أفعال وليس أقوال" كمن سبقه من الرؤساء الأميركيين، أو حتى الزعماء العرب الذين يعرفون بأن ترامب قد أخرج ملف القدس من "صفقة القرن" فلم يُعد له مكان على طاولة المفاوضات؛ ولكن الزعماء العرب يخرجون إلى الإعلام بأقوال تحاول تخدير بعض المشاعر الحية الباقية لدى الشارع العربي حتى يسقط هذا الشارع بعد ذلك في فخ قبول هذا الواقع، وهم لا يدركون الدور الذي تمارسه بعض الأنظمة العربية في تعميق الانقسام الفلسطيني بناءً على تعليمات مباشرة من الإدارة الأميركية وبالتواطؤ مع الاحتلال.

إن كان هذا هو واقع الحال لدى بعض الأنظمة العربية فما هو الداعي للتواطؤ الفلسطيني مع هذه المؤامرة العربية أو الدولية؟

إن كانت بعض المبررات العربية للخنوع لتهديدات ترامب تقوم على أساس المصلحة السياسية الضيقة لبعض الزعماء العرب من أجل التشبث بكرسي الحكم؛ فما هو المبرر الذي قد تسوقه بعض الشخصيات المحسوبة على بعض التنظيمات الفلسطينية؟

كثيراً ما كنا نقول بأن أميركا ليست قدراً، أو أمراً لا يمكن مجابهته، وأنها لا تستطيع هي أو غيرها أن تفرض مثل هذه القرارات المجحفة والمناقضة للشرعية الدولية على الشعب الفلسطيني الذي يستمر في كفاحه ضد الظلم بما يزيد عن قرن من الزمان رغم كل التضحيات الكبيرة والغالية التي قدمها ولايزال يقدمها حتى يومنا هذا، فأين الفهم الفصائلي المأزوم من هذه الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها؟

ترى كيف تقرأ هذه الشرذمات الواقع حول مستقبلها إذا ما فقدنا القدس واستمر الانقسام الفلسطيني يسحق أبناء الوطن وكأنه يشارك الاحتلال والاستيطان في القضاء على البقية الباقية من القضية الفلسطينية؟

من الواضح أن القوى الخارجية ليس على أجندتها ما يدعو إلى الإسراع في إنهاء الانقسام الفلسطيني بل العكس هو الصحيح، فهل علينا الاستمرار في الالتفات يميناً وشمالاً عمن يجبرنا على إنهاء الانقسام في ظل السعي لترسيخ الحل الإقليمي وتجاوز الشرعية الفلسطينية؟

هل انتهى أو انعدم وجود المخلصين في الشعب الفلسطيني في مختلف أطره وتنظيماته السياسية المعروفة؛ بحيث أنه لم يعد هناك من يستطيع الوقوف في وجه الرافضين للوحدة الوطنية؟

إن كان الأمر كذلك؛ قد يستحق الأمر في التفكير في مشاركة الاحتلال وترامب الاحتفال بتهويد القدس وشطب القضية الفلسطينية، وأن تبحثوا لكم عن علم جديد يكون شاهداً على خيانتكم، وجنسية أخرى تتلبسون بها حتى لا يحترق الشهداء في مرقدهم الأخير في هذه الدنيا، وحينها استحق أن أقول لهؤلاء ومن يجاملهم؛ عليكم من الله ما تستحقون!