السعودية.. درء خطر الإخوان المسلمون

مسارات لا تتجاور وتتناسب مع الإخوان

ما يُعزِّز الثقة فى الأرضية الصلبة التى يستند إليها موقف المملكة السعودية ضد الإخوان أنه ليس نتيجة اقتناع طارئ بعد مجادلة نظرية عابرة عن مخاطرهم، وإنما تَشَكَّل بعد تجربة مباشِرة حقيقية مريرة اكتوت فيها السعودية على أرضها منهم، بعد أن فتحت لهم الذراعين فى عزّ محنتهم فى صراعهم ضد عبد الناصر، الذى سبق وخاض معهم تجربته المريرة، التى تيقن فيها، مما توصلت إليه السعودية بعد عقود، من أن خطرهم يتجاوز الشطط فى الأفكار، التى لو اكتفوا بها لكان يمكن معالجتها بالمزيد من الحوار وسعة الصدر، إلى اكتشاف نزوعهم الأصيل فى عقيدتهم إلى اعتماد العنف.

تشكيل جناح مسلح يقتل مخالفيهم فى الرأى المسالمين، وإلى حد تدمير وتخريب المنشآت العامة والخاصة، وإلى إحساسهم الراسخ بالاستحقاق فى الحكم، وفى الوقت فسه الآخرين نفس الحق، وهو نسف للاعتداد بالإرادة الشعبية، وإلى إغماطهم المواطنين أصحاب الديانات الأخرى من أى حق، كما أنهم يزدرون المرأة ويعتبرونها خطراً على أخلاق المجتمع، ثم إنهم ينتظمون فى جماعة سرية لها ولاءات دولية تقوم على السمع والطاعة، ولا يعرف أحد شيئاً عن تمويلهم ولا عن كيفية اتخاذهم القرار، وأما أكبر أخطائهم أنهم يُغلِّفون كل هذه السياسة الدنيوية الجشعة قصيرة النظر بتبريرات دينية لا يقبلون مجرد طرحها للمناقشة.

انكشفت هذه الأفكار الكارثية للسعودية وكان يجب لها أن تصطدم مع الطموحات المستقبلية التى يتمناها لبلاده ولى العهد الشاب الأمير محمد بن سلمان، ما دام أنه يعلن أنه ينشد الحداثة والتطوير ويُشجِّع العلم والعلماء ويتبنى الفنون والآداب ويعد بأن يمنح المرأة السعودية حقوقها المهدرة..إلخ. وهذا، كما تري، مسار لا يمكن أن يتجاور فى سلام مع الإخوان!

وهذه من أهم نقاط التلاقى بين السعودية فى رؤيتها الجديدة مع مصر بعد 30 يونيو، بما يعود على الطرفين بفوائد جمة، وهو ما يلقى على كاهل مصر القيام بمسؤولية تعود عليها بمكسب درء بعض خطر الإخوان، بأن تكون عوناً للسعودية فى معركتها ضد الإخوان، ولدى مصر خُلاصة دروس من مآسى التجربة العريضة معهم، ولديها أيضاً خبراء وكوادر فى كيفية التعامل معهم.

أحمد عبد التواب

كاتب مصري