الأمير محمد يتوج زيارته لبريطانيا بصفقة مقاتلات طال انتظارها

السعودية سبق أن تلقت 72 طائرة من يوروفايتر طلبتها قبل عشر سنوات

لندن – مضت بريطانيا والسعودية خطوة صوب صفقة سلاح بعدة مليارات من الجنيهات الاسترلينية الجمعة ليتناولا العنصر الأكثر حساسية في العلاقات بينهما في نهاية زيارة رسمية لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى لندن امتزج فيها دفء الدبلوماسية مع احتجاجات بالشوارع رفضا لمواصلة لندن صفقات تسليح الرياض على خلفية قيادة السعودية تحالفا عربيا دعما للشرعية في اليمن في مواجهة انقلاب الحوثيين المدعومين من إيران على السلطة بقوة السلاح.

وواجهت السعودية حملة دعاية مغرضة في الفترة الماضية بدعوى مقتل العديد من المدنيين في غارات جوية، ردت عليها الرياض بتأكيد استهداف مواقع المتمردين الحوثيين والذين استخدموا مرارا مبان سكنية واخذوا المدنيين رهائن لديهم.

وزار الأمير محمد بن سلمان لندن لمدة ثلاثة أيام في مهمة تستهدف بناء علاقات تجارية واستثمارية أوسع نطاقا والتقى مع الملكة إليزابيث ورئيسة الوزراء تيريزا ماي ومسؤولين تنفيذيين بعدة شركات.

وقالت شركة بي.إيه.إي سيستمز التي تصنع مقاتلات تايفون إن البلدين اتفقا الجمعة على استكمال المحادثات بشأن طلبية لشراء 48 مقاتلة تايفون في صفقة بعدة مليارات من الجنيهات الاسترلينية.

والصفقة قيد الدراسة منذ سنوات غير أن إنجازها كان صعبا.

وقال وزير الدفاع البريطاني جافين وليامسون \"فتحت زيارة ولي العهد فصلا جديدا في العلاقات التاريخية التي تربط بلدينا\".

وأضاف \"اتخذنا خطوة حيوية صوب وضع اللمسات النهائية على طلبية أخرى لشراء طائرات تايفون من شأنها أن تعزز الأمن في الشرق الأوسط وتدعم الصناعة البريطانية والوظائف في قطاع الطيران البريطاني الذي لا يبارى\".

وكانت السعودية وبريطانيا قد حددتا هدفا لحجم التبادل التجاري والاستثمار يبلغ 65 مليار جنيه استرليني في الأعوام المقبلة مع تطلع لندن لأسواق جديدة لقطاع خدماتها بعد الانفصال عن الاتحاد الأوروبي بينما يسعى ولي العهد السعودي لطمأنة المستثمرين إلى مناخ العمل في بلاده.

لكن يظل للدفاع والأمن أهمية خاصة. وتتحدث بريطانيا عن الدور الذي لعبه تبادل المعلومات المخابراتية مع السعودية في إنقاذ أراوح بريطانيين ووافقت على بيع أسلحة وذخيرة بمليارات الجنيهات للرياض.

غير أن هذا ربما أثار جدلا بين البعض. وفي حين قوبل الأمير محمد بن سلمان بحفاوة دبلوماسية بالغة، نظم المئات احتجاجا الأربعاء على صفقات الأسلحة ودور السعودية في حرب اليمن.

ودافعت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الأربعاء عن العلاقات الدفاعية بين البلدين وقالت إن جميع مبيعات الأسلحة خاضعة لقواعد دقيقة، لكنها تحدثت أيضا وبشكل مباشر مع ولي العهد السعودي عن القلق من الأزمة الإنسانية في اليمن.

وكانت صفقة المقاتلات تايفون قد واجهت صعوبات في مفاوضات حول مكان إنتاج الطائرات مع حرص السعودية على أن يتم جزء من العملية على أراضيها.

ورغم الحملة الدعائية غير العادية التي شهدت إعلانات داعمة للأمير محمد والسعودية في صحف بريطانية وعلى سيارات أجرة ولوحات إعلانات إلكترونية في أنحاء لندن، فقد خطفت قضية تسميم عميل روسي مزدوج في بريطانيا عناوين الصحف الرئيسية البريطانية من الزيارة.

وكان برنامج جولة الأمير محمد خاصا إلى حد بعيد حيث شمل لقاءات مع مصرفيين ومسؤولي شركات ومشرعين ولم يتحدث علنا طوال الجولة.

لكن في الرياض، هيمنت صور الأمير البالغ من العمر 32 عاما في اجتماعه مع رئيس الكنيسة الأنجليكانية الخميس على الصحف حيث تناولتها العناوين الرئيسية باعتبارها نموذجا لنهج أكثر تسامحا من جانب المملكة.

وكانت قضية اليمن الشائكة حاضرة على جدول الأعمال على عشاء خاص في مقر الإقامة الريفي لماي ليل الخميس.

ويعكس توقيع بريطانيا بروتوكول اتفاق مع السعودية لبيعها 48 مقاتلة من طراز \"يوروفايتر تايفون\"، اتجاها بريطانيا قويا لتعزيز العلاقات مع الرياض.

وانتظرت شركة بي.إيه.إي سيستمز، أكبر شركة للصناعات الدفاعية في أوروبا، طويلا طلبية سعودية كبيرة لشراء هذه المقاتلات وأبطأت إنتاج المقاتلة في 2016 لضمان استمرار قدرتها التنافسية.

ووقعت مذكرة نوايا بين البلدين بشأن إتمام المحادثات بعد لقاء ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ووزير الدفاع البريطاني جافين وليامسون.

وقال تشارلز وودبيرن الرئيس التنفيذي لشركة بي.إيه.إي، إن هذه خطوة إيجابية صوب الموافقة على عقد مع شريك مهم.

وأضاف \"نحن ملتزمون بدعم المملكة مع شروعها في تحديث القوات المسلحة السعودية وتطويرها قدرات صناعية أساسية ضرورية لتنفيذ رؤية 2030\" في إشارة إلى برنامج السعودية للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي.

والمقاتلة تايفون هي أهم طائرة قتالية تصنعها بي.إيه.إي سيستمز إذ شكلت الطائرة نحو ثلث مبيعات الشركة في 2016.

واعتبرت الشركة التي تنتمي إلى كونسورسيوم يوروفايتر الأوروبي مع إيرباص والإيطالية فينميكانيكا، أن بروتوكول الاتفاق يشكل \"مرحلة إيجابية\" نحو إنجاز العقد مع السعوديين، مؤكدة عزمها على \"دعم تحديث القوات المسلحة\" في المملكة.

ووقع الاتفاق بعد محادثات كانت جارية بين البلدين ما يؤكد اهتمام السعودية بهذه الطائرات.

وسبق أن تلقت السعودية 72 طائرة من هذا الطراز طلبتها قبل عشر سنوات.

وفي حال تم توقيع اتفاق نهائي، فستشكل الصفقة مكسبا لبرنامج يوروفايتر في حين لا تزال المحادثات جارية مع قطر لشراء 24 طائرة بقيمة 8 مليارات دولار.

ومع تباطؤ إنتاج طائرات يوروفايتر، اضطرت مجموعة الصناعات الجوية والدفاعية البريطانية في أكتوبر/تشرين الأول إلى الإعلان عن إلغاء 1400 وظيفة في فرع صناعة الطائرات.

ويتم تصنيع هذه الطائرة التي أطلقت عام 2003 وتلقت المجموعة حتى الآن طلبيات على 600 منها من ثمانية بلدان، في إطار برنامج وضعته أربعة بلدان هي بريطانيا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا.

وكانت صادرات هذا الطراز من الطائرات المنافسة لطائرات رافال من إنتاج مجموعة \"داسو\" الفرنسية، متواضعة نسبيا حتى الآن إذ لم تطلبها سوى أربع دول هي النمسا والسعودية والكويت وعمان فضلا عن الدول الأربع المشاركة في المشروع.