روسيا تلقي بثقلها عسكريا وسياسيا لإسقاط الغوطة الشرقية

لا تراجع روسيا عن الهجوم على الغوطة

موسكو/أنقرة - أعلنت روسيا الخميس أنها ستواصل \"دعم\" قوات النظام السوري في هجومها على الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق، مؤكدة بذلك دعمها العسكري لهذه العملية الدامية.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال منتدى في موسكو \"سنواصل مكافحة الإرهابيين وسنهزمهم. سنهزمهم في الغوطة الشرقية حيث يشن الجيش السوري حاليا عملية بدعمنا\".

ومنذ قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في نهاية 2017 سحب قسم من القوات الروسية من سوريا، لا تتطرق موسكو كثيرا إلى ضلوعها إلى جانب قوات حليفها الرئيس السوري بشار الأسد.

ودخلت قوات النظام السوري ليل الأربعاء إلى حمورية، أبرز البلدات الواقعة تحت سيطرة فصيل فيلق الرحمن في جنوب الغوطة الشرقية المحاصرة في هجوم تزامن مع قصف كثيف.

وبدأت قوات النظام السوري هجومها على الغوطة الشرقية في 18 فبراير/شباط وقتل 1220 مدنيا منذ ذلك الحين بحسب آخر حصيلة.

وتخضع الغوطة الشرقية لحصار مستمر منذ خمس سنوات تسبب بأزمة إنسانية أثارت تنديدا من منظمات دولية عديدة.

وتوقع يان إيغلاند مستشار الأمم المتحدة أن تشهد سوريا \"معارك طاحنة\" في آخر منطقتين خاضعتين للمعارضة حتى بعد انتهاء الهجوم الذي تشنه القوات الحكومية على الغوطة الشرقية قرب دمشق.

وانصب الاهتمام العالمي على معركة الغوطة وهي آخر جيب للمعارضة قرب العاصمة وتحاصرها الحكومة، وعلى عفرين في أقصى شمال البلاد حيث تشن تركيا عملية عسكرية ضد وحدات حماية الشعب الكردية السورية التي تراها تهديدا لأمنها.

لكن إيغلاند قال إن المنطقتين لن تكونا آخر نقطتين ساخنتين في الحرب وذلك بعد ثلاثة أعوام من تحول دفة الحرب لصالح الرئيس بشار الأسد.

وقال المسؤول الأممي الذي يرأس المجلس النرويجي للاجئين \"ما نخشاه هو أنه بعد الغوطة الشرقية قد نرى معارك طاحنة داخل وحول إدلب (في شمال غرب البلاد) وفي الجنوب في درعا\".

وقال إن هذه ستكون فقط الأحدث في حلقة \"معارك النهاية\" الطاحنة والقاسية بعد القتال في حمص وحلب والرقة ودير الزور.

وأضاف أنه في كل معركة كان المدنيون عالقين بين الأطراف المتحاربة التي بررت قسوتها بزعم أنها تحارب الإرهاب أو الدكتاتورية.

وقال إيغلاند \"إن الوقت لم ينفد بعد لإجراء حوار بشأن إدلب وبشأن درعا وعفرين\"، مضيفا أن \"إدلب ستكون مبعث قلق هائلا لأن أدلب معسكر لاجئين هائل إلى حد كبير\".

ولوقف أحد أسوأ مظاهر القتال وهي الضربات الجوية على المنشآت الطبية، قال إيغلاند، إن نظام تنبيه جديدا لإحداثيات أكثر من 12 مستشفى قد بدأ العمل مؤخرا.

وأضاف المسؤول الدولي \"لقد قدمنا إحداثيات المستشفيات في الغوطة الشرقية وفي إدلب إلى الولايات المتحدة وإلى روسيا ولن نطلب ضمانات من روسيا بعدم مهاجمتها وحسب بل سنطلب أيضا ضمان ألا تستهدف القوات المسلحة السورية وسلاحها الجوي المستشفيات\".

وقال \"كنت على اتصال مع الروس ومع الأميركيين أمس (الاربعاء) بهذا الشأن. المنظمات الأهلية الإنسانية قدمتها إلى الأمم المتحدة والأمم المتحدة نقلتها إلى روسيا وإلى الولايات المتحدة وسوف ينقلانها إلى حلفائهما\".

قمة ثلاثية في اسطنبول

وفي تطور آخر يعقد رؤساء روسيا وإيران وتركيا (الدول الضامنة لاتفاق استانا) قمة في اسطنبول في 4 ابريل/نيسان تخصص للنزاع السوري كما أعلنت وزارة الخارجية التركية الخميس.

وكانت مصادر رئاسية تركية أعلنت في 8 فبراير/شباط عن هذه القمة لكن بدون تحديد موعد لها رسميا.

وسيجتمع وزراء خارجية تركيا وايران وروسيا الجمعة في استانا في كازاخستان لإجراء مباحثات تتناول مساعي التوصل إلى حل للنزاع السوري الذي دخل الخميس عامه الثامن.

وقالت وزارة الخارجية التركية في بيان نشر الخميس \"خلال هذا الاجتماع سيتم أيضا بحث التحضيرات المتعلقة بالقمة الثلاثية التي ستعقد في 4 ابريل/نيسان ويستقبل خلالها الرئيس التركي رئيسي روسيا وايران\".

وكانت روسيا وايران المؤيدتان للنظام السوري، وتركيا الداعمة للمعارضة عقدت قمة ثلاثية أولى في منتجع سوتشي البحري في نوفمبر/تشرين الثاني 2017.

وخلال هذا اللقاء طرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على نظيريه التركي رجب طيب أردوغان والايراني حسن روحاني فكرة تنظيم اجتماع بين ممثلي النظام والمعارضة.

وعقد اللقاء في نهاية يناير/كانون الثاني، لكن دون تحقيق نتائج ملموسة.

والنزاع السوري الذي بدأ عام 2011 بتظاهرات سلمية ضد نظام الرئيس السوري بشار الاسد ودخل الخميس عامه الثامن أوقع أكثر من 350 ألف قتيل وتسبب في نزوح أكثر من 11 مليون سوري وتعقد مع مرور السنوات عبر ضلوع قوى أجنبية وكذلك مجموعات جهادية.

وتشن تركيا منذ 20 يناير/كانون الثاني هجوما في عفرين في شمال غرب سوريا لطرد وحدات حماية الشعب الكردية المدعومة من الولايات المتحدة، لكن تعتبرها أنقرة \"ارهابية\".

وظل اتفاق استانا المتعلق بإحداث مناطق لخفض التصعيد حبرا على ورق، حيث انتهكه النظام السوري بأوسع وأعنف هجوم على الغوطة الشرقية بغطاء جوي روسي اضافة إلى مناطق أخرى مشمولة بالاتفاق.

كما تواجه المعارضة اتهامات مماثلة بانتهاكها للاتفاق عبر قصف دمشق من حين إلى آخر، فيما تنفي أي مسؤولية لها في خرق الاتفاق، متهمة قوات النظام السوري بأنها من بدأت بقصف مناطق مشمولة باتفاق خفض التصعيد.

واستفاد النظام السوري بشكل كبير من اتفاقيات الهدنة ليحقق المزيد من المكاسب الميدانية، فيما وفرت روسيا غطاء عسكريا وسياسيا لكل عملياته التي أدانها المجتمع الدولي.