دمشق تشكو أنقرة للأمم المتحدة مطالبة بانسحاب فوري من عفرين

النظام السوري يتهم تركيا باحتلال عفرين

عفرين (سوريا) - نددت دمشق الاثنين بـ\"احتلال\" تركيا مدينة عفرين ذات الغالبية الكردية، مطالبة إياها بالانسحاب منها، وذلك بعيد توعد الرئيس التركي مجددا بأن توسع قواته نطاق عمليتها لتشمل مدنا أخرى في شمال سوريا.

وأعلنت وزارة الخارجية السورية في رسالة وجهتها إلى مجلس الأمن أن \"سوريا تدين الاحتلال التركي لعفرين وما يقترفه من جرائم وتطالب القوات الغازية بالانسحاب فورا من الأراضي السورية التي احتلتها\".

وقال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستافان دي ميستورا الاثنين إن سوريا تتجه نحو تقسيم كارثي وقد تشهد عودة تنظيم الدولة الإٍسلامية إذا لم يتم التوصل إلى تسوية سلمية لا تقصي أحدا.

وقال لجمهور في معهد الدراسات العليا في جنيف \"الحقيقة هي أن التقسيم الهادئ والطويل المدى لسوريا الذي نشهده في اللحظة الراهنة في مناطق سيطرة مختلفة، سيكون كارثة ليس فقط على سوريا بل على المنطقة بأكملها\".

وأضاف \"من دون حل سياسي لا يقصي أحدا، بما يشمل من تم استبعادهم وتحديدا الأغلبية السنّة، ستعود داعش\".

وأمام الهجوم التركي الذي بدأ قبل نحو شهرين على منطقة عفرين، طالب الأكراد دمشق بالتدخل عبر إرسال قوات ونشر دفاعات جوية، إلا أنها اكتفت بإرسال قوات \"شعبية\" انتشرت على عدة جبهات وسرعان ما استهدفها القصف التركي.

واتهم ممثل حزب الاتحاد الديمقراطي، أبرز الأحزاب الكردية في سوريا، في باريس خالد عيسى المجتمع الدولي بلعب دور \"المتفرج\".

وقال \"هناك مسؤولية أخلاقية تقع على المجتمع الدولي في مواجهة اعتداء غير مبرر وغير قانوني\".

وطالما أعلنت أنقرة نيتها التوجه إلى مناطق أخرى يسيطر عليها الأكراد وهي التي تخشى إقامة حكما ذاتيا كرديا على حدودها على غرار كردستان العراق.

وبعد التقدم الأخير، باتت القوات التركية تسيطر على كامل إقليم عفرين الكردي من أصل ثلاثة أعلن فيها الأكراد الادارة الذاتية قبل سنوات.

وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في وقت سابق الاثنين \"عبر سيطرتنا بالأمس على مدينة عفرين، تجاوزنا أهم مرحلة\"، مضيفا \"سنستمر في هذه العملية الآن إلى حين القضاء بشكل كامل على هذا الممر الذي يشمل منبج وعين العرب (كوباني) وتل أبيض وراس العين والقامشلي\".

وتقوم القوات التركية والمقاتلون الموالون لها الاثنين بعمليات تمشيط في عفرين، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي وثق مقتل 13 مقاتلا من الفصائل الأحد جراء انفجار ألغام داخل المدينة.

وأعربت الولايات المتحدة الاثنين عن \"قلقها البالغ\" حيال تداعيات العملية العسكرية في عفرين.

وفور دخولهم إلى عفرين التي بدت الأحد شبه خالية من سكانها، عمد مقاتلون سوريون موالون لأنقرة إلى أخذ مواد غذائية وأجهزة الكترونية وبطانيات وسلع أخرى من المحال والمنازل، وسط \"فوضى عارمة\".

تعب وجوع وخوف

وكان المقاتلون الأكراد انسحبوا من المدينة قبل دخول القوات التركية.

وقال القيادي في الإدارة الذاتية الكردية ألدار خليل ان الانسحاب جاء بهدف \"حماية المدنيين وتجنيبهم القصف\".

وأعادت الوحدات الكردية، وفق مسؤولين، انتشارها في محيط المدينة. وتوعد الأكراد بـ\"ضرب\" القوات التركية حتى \"تحرير\" كامل المنطقة، التي تعد واحدة من أقاليم إدارتهم الذاتية الثلاثة.

وطالبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الاثنين بالوصول إلى عفرين. وقال رئيس اللجنة بيتر ماورير\" بات لدينا عدد كبير من النازحين\"، مضيفا \"سيتعين علينا ايجاد أفضل طريقة للوصول إلى هؤلاء السكان خلال الأيام والأسابيع المقبلة\".

وأوضح \"لا نعرف من بقي في عفرين\"، التي نزح منها خلال الأيام الماضية أكثر من 250 ألف مدني وفق المرصد.

وأعرب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الاثنين عن \"قلقه الشديد ازاء الوضع في منطقة عفرين وكذلك في الغوطة الشرقية\" المحاصرة قرب دمشق والتي تشهد منذ 18 فبراير/شباط حملة عسكرية لقوات النظام.

وناشد الممثل المقيم لأنشطة الأمم المتحدة في سوريا علي الزعتري \"إيصال المساعدة العاجلة للمعالجة الفورية للوضع الكارثي لعشرات الآلاف من سكان الغوطة الشرقية وعفرين\".

وقال إن \"الأهالي يعانون من التعب والجوع والصدمة والخوف، مما يحتم علينا توفير المساعدة العاجلة لهم\".

قلق أميركي

وأعربت الولايات المتحدة الاثنين عن \"قلقها البالغ\" حيال تداعيات العملية العسكرية التركية في عفرين في شمال سوريا وخصوصا في ظل نزوح عدد كبير من المدنيين من المدينة.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية هيذر ناورت \"يبدو أن غالبية سكان المدينة ومعظمهم أكراد فروا تحت تهديد هجمات قوات الجيش التركي وفصائل المعارضة المدعومة من تركيا\".

وتابعت \"نحن أيضا قلقون حيال معلومات عن عمليات نهب داخل مدينة عفرين. لقد أعربنا مرارا للمسؤولين الأتراك عن قلقنا الكبير حيال الوضع في عفرين\".

وسيطرت القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها الأحد على مدينة عفرين في شمال سوريا التي كانت في حماية وحدات حماية الشعب الكردية.

وبدأت تركيا وفصائل سورية موالية في 20 يناير/كانون الثاني حملة عسكرية تحت تسمية غصن الزيتون ضد منطقة عفرين أسفرت عن مقتل أكثر من 1500 مقاتل كردي، قالت أنقرة إنها تستهدف وحدات حماية الشعب الكردية التي تصنفها \"إرهابية\" وتعتبرها امتدادا لحزب العمال الكردستاني.

وفي شرق سوريا، تشكل وحدات حماية الشعب الكردية العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية، المليشيات المسلحة التي حاربت وهزمت تنظيم الدولة الإسلامية في معقله في الرقة السورية.

ورغم أن القوات الخاصة الأميركية تواصل دعم قوات سوريا الديمقراطية في شرق الفرات، إلا أنها لم تتحرك أبدا لمساعدة القوات الكردية في عفرين، الجيب الذي كان يخضع للحكم الذاتي للأكراد في غرب الفرات.

وتسبّب القتال بإحراج للولايات المتحدة التي تسعى للحفاظ على علاقاتها مع حليفتها التقليدية في حلف الأطلسي من جانب والمقاتلين الأكراد الذين أثبتوا فاعلية في قتال تنظيم الدولة الإسلامية على الأرض على جانب آخر.

وقالت المتحدثة ناورت إن الهجوم أدى إلى تدهور \"الوضع الإنساني في المنطقة حيث تقول وكالات الأمم المتحدة إنه يشهد نزوح مئات الالاف من منطقة عفرين\".

لكنها أوضحت أن \"الولايات المتحدة لا تتحرك في منطقة شمال غرب سوريا حيث تقع عفرين\".

وتابعت \"نبقى أيضا ملتزمين بهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية ومع شركائنا قوات سوريا الديمقراطية في شرق سوريا\".

لكنها حذرت من أن القتال شتت الجهود عن المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية الذي قالت إنه بدأ \"يعيد تجميع صفوفه في بعض المناطق\"، مؤكدة أن \"هذا باعث حقيقي ومتزايد على القلق\".

قصف عنيف على الغوطة ودوما

وفي تطور آخر تدور معارك عنيفة الاثنين يرافقها قصف جوي في ما تبقى تحت سيطرة الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية والتي استعادت قوات النظام أكثر من 80 بالمئة منها.

وأحصى المرصد الاثنين مقتل 19 مدنيا جراء القصف على الغوطة، غداة مقتل 13 مدنيا في مدينة دوما وحدها.

ومنذ فبراير/18 شباط تسبب الهجوم بمقتل أكثر من 1435 مدنيا بينهم 282 طفلا.

وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن إن القصف على دوما هو \"الأعنف\" منذ أسبوع، ويأتي إثر هجوم مفاجئ نفذه فصيل جيش الاسلام ضد قوات النظام في جبهتي مسرابا وبيت سوى جنوب دوما.

وتدور اشتباكات الاثنين أيضا في جنوب الغوطة بين فصيل فيلق الرحمن وهيئة تحرير الشام (النصرة سابقا) من جهة وقوات النظام من جهة ثانية.

وأورد التلفزيون السوري الرسمي الاثنين أن الجيش يواصل تقدمه في الغوطة التي زارها الرئيس السوري بشار الأسد، وفق ما نشرت حسابات الرئاسة على مواقع التواصل الاجتماعي الأحد.

وبدا الأسد في مقاطع فيديو وهو يقود سيارته من طراز هوندا، ويذكر اسم كل منطقة يمرّ فيها من دمشق وصولا إلى جسرين التي سيطرت قواته عليها مؤخرا. وقال إن هدف الفصائل كان \"خنق مدينة دمشق\".

وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) الاثنين أن أمّا وابنتها قتلا جراء قذيفة للفصائل المعارضة سقطت في أحد أحياء العاصمة.

ويتواصل النزوح من بلدات في جنوب الغوطة إلى مناطق تسيطر عليها قوات النظام. وقدّر المرصد السوري عددهم الاثنين بأكثر من أربعة آلاف مدني، ما يرفع عدد النازحين من الغوطة إلى نحو 70 ألفا منذ الخميس.