معركة لا تهدأ بين موسكو ولندن حول تسميم سكريبال

جريمة تفاقم التوتر بين روسيا والغرب

لندن - قال جيريمي فليمينج مدير جهاز المقر الحكومي للاتصالات وهو جهاز مخابرات بريطاني الخميس إن تسميم الجاسوس الروسي السابق في بريطانيا بغاز للأعصاب الشهر الماضي أظهر "مدى استعداد روسيا للتصرف بطيش".

وفي أول خطاب عام له منذ تعيينه في منصبه العام الماضي قال فليمينج إن واقعة تسميم سيرغي سكريبال وابنته يوليا في سالزبري بجنوب انكلترا في الرباع من مارس/اذار كانت "صارخة وصادمة بشكل لافت".

واتهم روسيا "بعدم الالتزام بقواعد اللعب" والخلط بين النشاط الإجرامي ونشاط الدولة.

وتتهم بريطانيا روسيا بتنفيذ الهجوم بينما تنفي موسكو أي تورط لها فيه. وأدت هذه الواقعة إلى واحدة من أكبر الأزمات الدبلوماسية بين روسيا والدول الغربية منذ الحرب الباردة تجلت في طرد متبادل لعشرات الدبلوماسيين من الطرفين.

وقال فليمينج أمام مؤتمر للإنترنت في مانشستر بشمال انكلترا "سمعتم ما قلته وسأكرره... الهجوم على سيرغي ويوليا سكريبال في سالزبري كان أول مرة يستخدم فيها غاز للأعصاب في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية".

وقال "إنه أمر خطير. ويظهر هذا مدى استعداد روسيا للتصرف بطيش وعدم اكتراث الكرملين بالنظام الدولي القائم على قواعد وكيف أنهم بكل أريحية يعرضون حياة العامة للخطر".

واتهمت موسكو بريطانيا بمحاولة تأجيج المشاعر المناهضة لروسيا ولمحت إلى أن الهجوم ربما كان من تنفيذ البريطانيين أنفسهم .

ونفت روسيا حيازة غاز الأعصاب الذي تقول بريطانيا إنه استخدم في الهجوم بينما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن من الهراء الاعتقاد بأن موسكو كانت لتسمم سكريبال وابنته.

كما كشف فليمينج في كلمته عن حملة إلكترونية نفذها جهاز المخابرات الذي يديره ضد تنظيم الدولة الإسلامية وقال إنها المرة الأولى التي تنجح فيها بريطانيا في تقويض جهود العدو بشكل ممنهج ومتواصل وفي إطار تحرك أوسع.

وقال "كانت لهذه العمليات مساهمة كبيرة في جهود التحالف للقضاء على دعايتهم وأعاقت قدرتهم على تنسيق الهجمات ووفرت الحماية لقوات التحالف على أرض المعركة".

وأضاف "في 2017 مرت فترات كان من المستحيل فيها تقريبا أن ينشر داعش خطابه للكراهية على الإنترنت أو يستخدم قنواته المعتادة لنشر هذا الخطاب".

وأكدت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الخميس ما توصلت إليه لندن حول طبيعة غاز الأعصاب الذي استخدم في الهجوم على العميل الروسي السابق وابنته وقالت لندن سابقا انه من نوع نوفيتشوك وجاء من روسيا.

ولم تسم المنظمة المادة الكيميائية مشيرة إلى أن المعلومات بشأن تركيبتها ستتوفر كاملة في تقرير سري يمكن للدول المنضوية في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الاطلاع عليه.

وفي حين طلبت لندن عقد اجتماع لمجلس الأمن لمناقشة نتائج تقرير المنظمة، أكدت روسيا أنها لن تقبل ما توصلت إليه المنظمة.

وأفاد ملخص لتقرير المنظمة التي تتخذ من لاهاي مقرا لها بأن العينات التي خضعت لاختبارات "تؤكد ما خلصت إليه المملكة المتحدة بشأن ماهية المادة الكيميائية السامة" التي استخدمت في الهجوم على سيرغي سكريبال وابنته يوليا واصابت أحد رجال الشرطة.

وأضافت أن "المادة الكيميائية السامة كانت عالية التركيز".

لكن في الخلاصة التي كشفت السرية عنها، لم تجر المنظمة أي تقييمات بشأن الجهة التي نفذت الهجوم في مدينة سالزبري البريطانية.

واتهمت بريطانيا والدول المتحالفة معها على غرار الولايات المتحدة موسكو بشن الهجوم وسط نفي الأخيرة ما أثار سجالا دوليا أدى إلى طرد دبلوماسيين من كلا الطرفين.

وذكرت بريطانيا أن المادة تدعى "نوفيتشوك"، وهي مجموعة من المركبات الكيميائية القاتلة التي يقال إن الحكومة السوفييتية طورتها في سبعينات وثمانينات القرن الماضي.

وأفادت الحكومة البريطانية بأن روسيا عُرفت باستخدامها فيما أصرت موسكو على أنها دمرت جميع أسلحتها الكيميائية.

وأعلنت بريطانيا الخميس أنها طلبت عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي لمناقشة نتائج تقرير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بشأن تسميم الجاسوس الروسي السابق على الأراضي البريطانية الشهر الماضي.

ويتوقع أن يجري اجتماع المجلس الأسبوع المقبل، بحسب البعثة البريطانية للأمم المتحدة.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا الخميس إن "روسيا لن تقبل أي استنتاج يتعلق بقضية سكريبال إلا حين يتم السماح للخبراء الروس بالوصول إلى العينات التي ذكرتها منظمة حظر الاسلحة الكيميائية".

وقالت زاخاروفا "لا توجد معلومات البتة عن كيف وممن وفي أي ظروف تم أخذ العينات. وهذا يثير تساؤلات الخبراء الروس وبالطبع يتطلب مزيدا من التحليل المفصل".

وأكدت أن روسيا لا تزال منفتحة على اجراء تحقيق مشترك.

ورغم أن مكان تواجدها غير معروف، إلا أن يوليا ابنة سيرغي سكريبال صرحت بأنها تحصل على الدعم من ضباط الشرطة الذين يطلعونها على نتائج التحقيق.

والأربعاء قالت يوليا انها لا ترغب حاليا في قبول عرض المساعدة القنصلية من السفارة الروسية، بحسب تصريحات نشرتها شرطة لندن.

وكانت يوليا جاءت من روسيا لزيارة والدها المقيم في سالزبري بعد عملية تبادل سجناء بين موسكو ولندن وواشنطن في 2010 بعد أن كان يمضي عقوبة بالسجن 13 عاما في روسيا بتهمة التعاون مع الاستخبارات البريطانية.

وبحسب الاعلام البريطاني نقلت السلطات البريطانية يوليا إلى مكان آمن ما أثار غضب السفارة الروسية التي اعتبرت الأربعاء على تويتر أنها "محتجزة رهينة".

في السادس من ابريل/نيسان، أعلنت وزارة الداخلية البريطانية أنها رفضت طلب تأشيرة إلى فيكتوريا سكريبال ابنة شقيق سيرغي.