زيارة ماكرون لروسيا قائمة رغم 'إهانة' بوتين

فرنسا تراهن على جذب موسكو

باريس - تسعى فرنسا إلى إحياء العملية السياسية لإنهاء الأزمة في سوريا في أعقاب الضربات الغربية السبت ضد مواقع للنظام السوري، وسط رهان على أن ذلك يصب أيضا في صالح روسيا، الحليف القوي لدمشق.

وبعد ساعات على الضربات، اعلن وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لو دريان مد اليد الى موسكو، قائلا \"نحن مستعدون للعمل منذ الان مع جميع البلدان التي يمكن ان تساهم فيها\".

وتأمل باريس في \"العمل بجدية\" مع روسيا، للتوصل الى \"حل سياسي\"، كما اعلن الاليزيه.

وأكد الاليزيه أن زيارة الرئيس ايمانويل ماكرون المقررة الى مايار/مايو الى روسيا تبقى قائمة.

ويبدو الاقتراح الفرنسي طموحا في ضوء ردود الفعل الروسية الاولى بعد الغارات الاميركية والفرنسية والبريطانية.

وقال السفير الروسي لدى واشنطن اناتولي انتونوف ان الضربات في سوريا تشكل \"اهانة للرئيس الروسي\" فلاديمير بوتين.

كما قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا ان سوريا تعرضت للاستهداف بالعملية العسكرية الغربية بينما كانت لديها \"فرصة لمستقبل سلمي\".

وبعد حلب وحمص، استعاد النظام المدعوم عسكريا من روسيا وايران، الغوطة الشرقية في 12 نيسان/ابريل.

وبعد هذه الانتصارات العسكرية، بات يسيطر من جديد على ما لايقل عن 60% من الاراضي السورية.

ويتوقع دبلوماسيون وخبراء ان يهاجم النظام إدلب، آخر محافظة كبيرة ما زالت تحت سيطرة الفصائل والجهاديين في شمال غرب سوريا، ومنطقة درعا في الجنوب.

فشل كبير

وتقدم روسيا دعما غير مشروط لحليفها رغم الانتهاكات المتكررة لقرارات مجلس الامن الدولي حول وقف اطلاق النار ووصول المساعدات الإنسانية إلى السكان في مناطق محاصرة.

كما انها اطلقت عمليتها السياسية الخاصة لحل النزاع، مع ايران وتركيا، ما يعرض للخطر مسار عملية جنيف برعاية الامم المتحدة، والمتوقفة منذ أشهر.

ولم يحصل بوتين لم يحصل، كما تقول البلدان الغربية، على النتائج المرجوة من مؤتمر السلام السوري في سوتشي في كانون الثاني/يناير، وقد يجد صعوبة في اسماع صوت العقل لحليفه الرئيس بشار الأسد.

وكشف مسؤول فرنسي ان \"مؤتمر سوتشي واجه مع ذلك فشلا كبيرا \" ، مضيفا بأن \"الجميع باتوا نوعا ما في مازق حول العملية السياسية\".

وقال زياد ماجد استاذ العلوم السياسية في الجامعة الاميركية في باريس، ان الضربات يمكن للمفارقة ان تؤدي الى احياء عملية السلام من خلال إظهار البلدان الغربية الحزم امام الكرملين.

واكد \"الروس لم يحققوا الحل السياسي رغم انهم يربحون عسكريا\"، مشيرا الى أن الاكراد المدعومين من الولايات المتحدة، ما زالوا يسيطرون على شمال شرق البلاد، كما ان الاتراك يقومون بما يلائمهم على الارض.

لا غموض

واضاف ماجد ان \"المفاوضات ستصبح حاسمة اكثر اذا ادرك الروس ان الغربيين هذه المرة لا يتوخون الغموض والتردد، وانهم يريدون بأي ثمن انهاء النزاع في سوريا\".

وقال ان الروس يستطيعون \"القيام بتسويات أكثر من الإيرانيين لأنهم يستخدمون سوريا للعودة الى الساحة الدولية ويتمسكون بحليف اقليمي بإمكانهم إبداله بآخر\".

واشار ماجد الى ان الايرانيين يتصرفون من جهتهم وفق منطق اقليمي، يقضي \"بتواصل جغرافي من طهران الى بيروت مرورا ببغداد ودمشق\"، لتأمين ايصال الاسلحة الى حليفهم اللبناني القوي حزب الله.

واذا كان ديدييه بيون، نائب مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس، لا يعتقد بان الضربات ستترك تاثيرا، إلا انه في المقابل يرى \"نافذة دبلوماسية\" لاحياء العملية السياسية.

ويقول ان \"الضربات ليست مفيدة عسكريا كما انها تزيد من حدة التوتر\" مضيفا ان \"لحظات التوتر غالبا ما تؤدي الى الأسوأ، لكنها يمكن ان تؤدي ايضا الى الافضل\".

وذلك يحتاج، كما يقول، الى ارادة قوية لعدد كبير من البلدان، بدءا بأعضاء مجلس الامن.

وأضاف \"فلنكن حذرين لأننا فشلنا مرارا في مسالة الملف السوري\".