تنتخب أو لا تنتخب

قربت الانتخابات في العراق وبانت وجوه بدعاياتها البائسة المكررة والجديد منها كذبة جديدة ونفاق جديد وزور جديد.

وجوه لا تستحي من عارها السابق لتضيف له عاراً جديداً بعدم تأنيب الضمير والتألم لما حصل بسببهم.

يغشى بصرهم وبصيرتهم ضجيج الهاتفين لهم محولين جادة المحاسبة على رعب وظلامة السنين السابقة لمديحٍ بإنجازات وهمية تعد بأصابع اليد الواحدة لا الأثنين.

سموها انجازات وهي مجرد مهام وظيفية مناط بصاحب المنصب عملها وتغاضوا عن الكم الكبير من النكبات والويلات والكوارث وسوء إدارة البلاد لسنواتٍ وسنواتٍ وسنوات.

ها قد أتت على العراق ثالث الانتخابات.

في البلد الذي مزقته الصراعات الداخلية والخارجية والسياسات.

يدّعي الشعب أن له إرادة بالتغيير ويجب أن تصل طموحاته بمحاسبة الفاسدين وتحرير الوطن من هيمنة أحزاب ما أتت إلا بخراب البلد وضياع ثرواته.

يدّعي الشعب أن له صوتا سيُسمع وسيُعبّر عنه بكل قوة وحرية في صناديق الاقتراع.

أخشى أن يكون مجرد إدعاء وسيكرر الشعب غلطته الأولى والثانية فيعززها بثالثة ربما تكون القاضية.

للحرية أعداء ينبغي على الواعي مواجهتهم بالمشاركة في الانتخابات.

للحرية أعداء قتلوا بأسمها الناس وقطعوا بها الأرزاق وبها تحاصصوا وغنموا ثروات البلاد.

للحرية اعداء قد فاز منهم من قبل في الانتخابات السابقة الكثيرين جداً وفشلوا فشلاً ذريعاً في عملهم في البرلمان والحكومة ومجالس المحافظات لمّا انتخبهم الشعب عن جهلٍ وميلٍ عصبي لتيار اولئك المرشحين الديني أو السياسي.

للحرية أعداء فحاربهم بالمشاركة في الانتخابات بكل نبل وشرف بعدما حاربوا الشعب العراقي بكل خسة ونذالة.

تبعاً للوعي الشعبي للحرية والديمقراطية تأتي نتائجها، فمتى ما كان الخيار الشعبي واعيا ونبيها كانت النتائج رائعة، وبالعكس لو كان الخيار الشعبي متسرعا وجاهلا ومتغابيا وبلا تفكير فتكون النتائج بائسة وهذا ما حصل بشكل كبير جداً في الانتخابات السابقة.

أوصلت الانتخابات الكثير من الشخصيات التافهة لمناصب ومسؤوليات في الحكم والتشريع، ولكن من أوصلهم هو من انتخبهم عن جهل أو عن كراهية بغيره فينتخبه لا لكفاءته ولا لفكره بل كراهة بغيره.

أو ممن أنتخب وفق مشتهاه الطائفي وتياره الديني وميله السياسي واضعاً خلفه مرشحين كفوئين.

من الناس من لم يشارك في الانتخابات، وهذا حرية شخصية محترمة ولكن عليهم أن يدركوا أنهم ساهموا بسكوتهم وعدم مشاركتهم بوصول من يتكلمون عنهم في بيوتهم وبين زملائهم من أن أكثر الفائزين في الانتخابات فاسدين وجهلة فهؤلاء الناس لم يوصلوا من يحسبوهم كفوئين وأصحاب فكر بعدم إنتخابهم لهم.

ألا يوجد مرشح تظنون أنه يستحق أن تعطوه صوتكم، ممن تعرفون فكره الراقي وكفائته العالية.

قلت تعرف فكره الراقي وكفائته العالية وليس قصدي المعرفة الشخصية فهذا شيء إجتماعي خاص وأما مصير البلاد والناس فهو الأساس بلا شك.

انتخب من تظن أنه الأصلح رغم قلتهم وبكل حرية واستقلالية ولكن فكّر قبل أن تنتخب فصوتك مسؤولية.

انتخب لكي لا يعود الفاسد ولا الكاذب من جديد ممن انتخبه الناس بنسبة مصوتين كبيرة (فقط) لأنه ينتمي لتيار ديني وسياسي يحلو للبعض اسمه فانتخبوا مرشحاً (فقط) لأنه من هذا التيار الديني والسياسي (فقط) وهم ممن أهانوا الشعب وحطوا من كرامته لما فازوا وتقاعسوا وتخاذلوا في أداء واجباتهم، فبرهن أن لديك صوتا حرا تدلي به بكل حرية وعزم وإرادة وقم بتغييرهم جميعاً فكلهم أما فاسدون أو ساكتون عن الفساد.

انتخب لتحقق أماني الشهداء والأبرياء الذين قضوا على مذبح الحرية وبتفجيرات الإرهابيين وصراعات السياسيين والتوافقات السياسية البائسة والصفقات الفاسدة في تمرير القوانين، فلتلك الدماء صوت يجب أن يُسمع ويتحقق بحياة أفضل وأكثر عدلاً وإنصافاً للشعب عن طريق التغيير وانتخاب المرشحين المناسبين فقد حانت ساعة التغيير.

مرت علينا سنوات عجاف كافية لئلا تغيب عن الذكرى طرفة عينٍ أبداً، وحتى تخرج الروح من الجسد، وحتى يشيب الصغير وهو يتحدث عن ذكراها، ويهرم الكبير وهو يئن من ألمها ويلعن من ساسها وسوّاها، وحتى يأتي جيل جديد عله ينعم بغيابها وعدم تكرارها.

انتخب من تعرفه، وتعرف سمعته جيداً، ومع من هو متحالف، أضمن قائمة تم تجربتها سابقاً وها هو العراق يئن اليوم من سوء الخدمات وضياع الثروات بسبب سوء حكمهم السابق وفساد تحالفاتهم السابقة.

انتخب لتكون شيئاً وتساهم بالتغيير، وبدلاً من أن تلعن الظلام إشعل شمعة لتنير دربك ودرب الآخرين.

انتخب باستقلالية فأكثر السياسيين يعتقدون أن أكثر جماهير الشعب كالبهيمة المربوطة يسوقوها حيثما أرادوا لها أن تُساق، ويتركوها متى ما أرادوا.

من كل ما تقدم لا بد انك عرفت من ستنتخب فأتبع عقلك لا جهلك.

اتبع ضميرك لا تبعيتك الدينية أو السياسية.

اتبع مستقبل الأطفال ومستقبل البلاد ولا تتبع من يضحك عليك وعلى مستقبلك وعلى مصيرك بعبارات دينية أو عاطفية أو سياسية وكلها نفاق وخداع، فحقيقتهم أنهم عبيد التبعيات الدينية والسياسية ممن يريد أن يزيد بجهالتك ومن ثم يتجاهلك.