مساءلة برلمانية لماكرون وماي تحرج 'شرعية' الهجمات على سوريا

الموضوع يعتبر أكثر حساسية بالنسبة لتيريزا ماي

باريس/لندن - تواجه حكومتا فرنسا وبريطانيا الاثنين أسئلة يطرحها برلمانا البلدين حول مدى شرعية وصحة الضربات الغربية لسوريا في موضوع أكثر حساسية بالنسبة لتيريزا ماي منه بالنسبة إلى ايمانويل ماكرون.

ويناقش النواب الفرنسيون المسألة في الساعة 15:00 بتوقيت غرينيتش في الوقت نفسه تقريبا مثل نواب بريطانيا حيث لا يزال الجدل حاميا حول التدخل البريطاني في العراق في 2003.

وكانت الضربات وهي الأولى بهذا الحجم قد أثارت معارضة داخل الطبقة السياسية في البلدين حيث قال نواب إنها غير شرعية طالما لم تجر تحت غطاء الأمم المتحدة.

وقالت النائبة عن الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة مارين لوبن الاثنين إن \"رئيس الجمهورية يعي تماما أنه انتهك القانون الدولي، إنه يحاول أن يخلق مفهوما للشرعية الدولية\".

وحاول الرئيس الفرنسي مساء الأحد أن ينزع الألغام من حقل شرعية الهجمات بتأكيده عبر التلفزيون أن \"الأسرة الدولية هي التي تدخلت لديكم ثلاثة أعضاء دائمين في مجلس الأمن تدخلوا في الإطار الصارم لهذه الشرعية الدولية\".

وصباح الاثنين ذكّر بـ\"أننا اتخذنا العديد من القرارات في مجلس الأمن الدولي التي لم يتم احترامها وفي هذا الإطار من الشرعية الدولية تدخلت فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا\".

وقال رئيس حزب المعارضة اليمينية \"الجمهوريون\" لوران فوكيه إنه لا يعتقد \"بفائدة الضربات العقابية\"، بنما ندد اليسار الراديكالي على لسان جان-لوك ميلانشون زعيم \"فرنسا المتمردة\" بما وصفه بأنه \"ضربات غير مسؤولة\"، معبرا عن قلقه من خطر التصعيد.

وفي بريطانيا، اعتبر زعيم حزب العمال جيريمي كوربن أنه كان على المملكة المتحدة أن \"تؤدي دورا قياديا في السعي إلى وقف اطلاق النار في النزاع وأن ترفض إملاءات واشنطن\".

والمسألة الأخرى التي يمكن أن يطرحها النواب هي الحاجة إلى موافقة البرلمان على الضربات أو بالأحرى عدم اللجوء إليها.

والواقع أن قرار الحكومة شن ضربات لا يطرح إشكالية في الولايات المتحدة بالنسبة للرئيس دونالد ترامب وكذلك في فرنسا، حيث يجيز الدستور للرئيس التدخل في الخارج، أما في بريطانيا فالوضع أكثر تعقيدا.

ومن الناحية النظرية، لدى تيريزا ماي سلطة المشاركة في عمل عسكري بدون الرجوع إلى البرلمان، لكن منذ التدخل في العراق في 2003، اعتُمدت ممارسة تقوم على طرح تنفيذ أي عمليات عسكرية في الخارج للتصويت في البرلمان.

ورأى كوربن أن مسألة شرعية هذه الضربات \"ينبغي أن تعالج بحذر\"، مطالبا باعتماد أحكام جديدة تعزز من قدرة البرلمان على منع التدخل العسكري الذي تقرره الحكومة من دون غطاء منه.

وقال \"أعتقد أنه كان ينبغي أن تتم استشارة البرلمان وأن يصوت على المسألة\"، في إشارة لمشاركة بريطانيا في الهجوم الثلاثي على أهداف في سوريا تقول واشنطن وباريس ولندن إنها مراكز لتطوير الاسلحة الكيماوية.

وفي فرنسا، حرص ماكرون على القول بوضوح مساء الأحد أن هذه الهجمات لا تمثل اعلان حرب على سوريا لأن هذا كان سيجعلها مخالفة للدستور الذي تنص المادة 35 منه على أن \"البرلمان هو الذي يجيز اعلان الحرب\".

وتضيف المادة نفسها أن على الحكومة أن تبلغ البرلمان بقرارها اعطاء الأمر للقوات المسلحة بالتدخل في الخارج خلال ثلاثة أيام كحد أقصى بعد هذا التدخل وأن تحدد الأهداف. ويتبع ذلك نقاش لا يستتبع أي تصويت.

ويمكن للبرلمانيين أن يناقشوا التصريحات الدبلوماسية التي أدلى بها ماكرون الأحد عندما قال إنه أقنع دونالد ترامب بأنه ينبغي البقاء في سوريا وبأن الضربات أحدثت شرخا بين روسيا وتركيا الفاعلين الرئيسيين في الأزمة السورية، مثيرا ردود فعل فاترة في واشنطن وفي أنقرة.

ولاتزال مشاركة بريطانيا في غزو العراق في 2003 بذرائع امتلاك النظام العراقي حينها أسلحة كيمياوية ثبت لاحقا أنه تم فبركة الأدلة المزعومة، تلقي بظلال ثقيلة على الوضع في المملكة المتحدة.

وواجه رئيس الوزراء البريطاني حينها توني بلير سيلا من الانتقادات والضغوط بسبب ما اعتبره سياسيون بريطانيون خضوعا لإدارة الرئيس الأميركي الجمهوري حينها جورج بوش الابن.

وأعاد مشاركة رئيسة الوزراء البريطانية المحافظة تيريزا ماي في الهجمات على سوريا دون الرجوع للبرلمان، إلى الأذهان ما قام به توني بلير.

وفي الوقت ذاته تأتي المشاركة البريطانية فيما تشهد المملكة انقسامات على خلفية بريكست حيث تخوض الحكومة البريطانية مفاوضات شاقة ومعقدة للانسحاب من الاتحاد الأوروبي بأخف الأضرار الممكنة فيما تحاول ماي انتزاع اتفاق تجاري يقلل خسائر بلادها الاقتصادية إلى جانب تخفيض فاتورة الانسحاب التي تطالب بروكسل لندن بتسديدها.