تشكيلية سورية تؤكد أن هناك من يسعى لتهميش المرأة وتجاهل إبداعها

أحب الصدق والفرح كثيراً

رغم أن الواقع السوري مثخن بالألم والفجائع، فكل لحظة تكاد تكون تراجيديا محزنة، لكن هناك من يحاول أن يشعل شمعة الفن والجمال لعلها تبعث بعض الأمل وتنقل لنا ما لا تراه عدسات الفضائيات، ريشة الفنان الملطخة بالألون لا تكتفي بنقل الواقع السطحي المرئي لكنها تذهب أبعد من ذلك وتنحت الحقائق ثم تغرسها في الذاكرة الإنسانية لتظل خالدة، ربما ستأتي أجيال أخرى ستستفيد من عبر هذا الواقع.

نستضيف الفنانة التشكيلية السورية سوسن حاج إبراهيم التي قالت إنها ترسم وترسم فلا يمر أي يوم دون أن تكون لريشتها مغامرة جديدة وتضيف: \"أنتمي للمدرسة التعبيرية التي أستطيع فيها ممارسة الرسم بجرأة ومحبة وأشعر بوجود أشياء ما يدفعني لها الخيال وخزينتي البصرية من مشاهد خلال أسفاري المتكررة، كذلك ذكريات الطفولة فأنا أعشق كل ما هو طفولي وربما أعبر عنه ببساطة وعمق طفولي\".

وهي تهتم بقضايا المرأة وهمومها عن هذه النقطة تحدثت قائلة: \"أهتم بالمرأة وجماليتها الداخلية والخارجية وهمومها وأدفعها نحو التمسك بحريتها وممارسة عملها ونشاطاتها دون قيد أو شرط، أشجعها أن تلبس ثوب العفة وثوب الراقصة الحرة، أحب تصويرها متألقة وجميلة تتراقص مع جمال الموسيقى وكثيراً ما ستجد أداة أو دلالة موسيقية في لوحاتي مستخدمة الألوان الجميلة والحارة تارة والباردة تارة أخرى.

أحن لطفولتي والريف والمرأة الجميلة بمختلف أعمالها فلاحة وقارئة فنجان، أتامل النساء محاولة رسم ما يدور في أذهانهن من أحلام وقلق على المستقبل القريب والبعيد، وجودهن في اللوحة يأخذ أشكالاً متعددة لتظل المرأة الأم والأرض. وأنا مولعة بالسلام والحب وأعبر عن هذه المواضيع بعفوية فتجد الطيور والحمام والزهور والألون البهيجة لعلها تعيد بعض ما نفقده ونعاني منه في ظل الحرب، فأنا أطرح هموما إنسانية عامة ولا يعني هذا أن نلغي الرجل فهو موجود بأعمالي كرفيق وحبيب وزوج وولد وهو شريك كمثال يمكنكم تأمل لوحة \"عازف السيكسفون\".

عن مسارات الفن التشكيلي السوري ترى سوسن حاج ابراهيم أنه يرسم الواقع بأساليب وطرق مختلفة وهناك إبداعات كبيرة فاقت التصور، فبعضها فيها تخفيف وألوان جميلة تخفف من الواقع، والآخر الويلات والجرائم والحزن مجسد بألوان وخطوط حزينة ورغم غلاء كل مستلزمات الرسم والفن وقلة وجودها في السوق وقلة شراء المنتج الفني إلا أن هناك عشقا للتشكيل ولم تقف أو تتجمد الحركة الفنية وتستمر المعارض العامة والخاصة وكل فعالية هي متنفس له لذته الخاصة.

وعن الفنانة التشكيلية السورية ترى سوسن أنها تحضر بقوة ضمن المشهد الفني السوري وتنافس وتصارع كل عوامل التهميش وهي بحاجة للتشجيع المادي والمعنوي. وتضيف بقولها: الفنانة والمرأة السورية بشكل عام قوية وقادرة على الاهتمام بمجتمعها وتبحث ليكون دورها فعالاً وتقوم بتثقيف نفسها وتطوير مواهبها وعدم الوقوف أمام عقبات تطورها وهي لا تسعى للصراع مع الرجل، هي تبحث عن شراكة عادلة ومتساوية وتتعاون معه لحمل رسالة الحب والجمال ونبذ الجهل، والفن هنا وسيلة ثقافية وجمالية ورسالة لكل العالم لنبذ العنف ونشر السعادة والفرح والحب والسلام، والفنانة السورية تعشق بلدها وتتأثر بكل ما يحدث ونجد صورة الجريح والطفل اليتيم أو المهجر حاضرة بقوة.

وأما العوائق التي تصادف الفنانة السورية فهي كثيرة وتشبه ما تصادفه الفنانة العربية في مجتمعاتها فهناك من يسعى لتهميشها وكبح صوتها أو تجاهل إبداعها.

سوسن إبراهيم تعشق الألوان الحارة والأحمر والأصفر والأخضر وتقول: \"أشعر بالحب حين تكون لوحتي فيها تمازج بين الحار والبارد لتصل إلى المتذوق ولا أسعى لتعبيريات معقدة حتى لوحاتي التجريدية تظل تحمل سمات إنسانية مصاغة في قوالب ممكنة الفهم، أنا أحب الصدق والفرح كثيراً رغم وجود بعض الهموم في قلبي واللوحة متنفسي اليومي أشكي وأعبر بالرسم وأحكي وأعزف ألحان راقصة تسعدني وتسعد المتلقي. والفنان لديه مزاجية واختلافات عن البقية ولكني لا أنفصل عن أعمالي ولا عن مجتمعي.\"

وترى الفنانة السورية أن هناك غيابا وعدم انتشار للثقافة التشكيلية وزيارة المعارض لخوف المتذوقين من الخروج أثناء الأزمة، والحرب أثرت بشكل كبير، فالفنان السوري محاصر وحكم عليه بضعف الانتشار.

وهي ترى أن هناك من يقوم بالنقد ولكن لا يوجد نقد أكاديمي خالص يعتمد الدراسة والتحليل الصحيح والأكاديمي دون تحيز وتوجيه فنحن نشكو من قلة النقاد ودعم الفن نحو المقدمة والتحفيز على المنافسة والعمل وتحسين الأداء التشكيلي، وأظن هذه مشكلة فنية عربية كبرى وعامة.

ونوهت ضيفتنا إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت من أهم الوسائل ليصل صوت الفنان السوري إلى الداخل والخارج رغم مخاطر هذه الوسائل كتعرض العمل للنهب والسرقة، كما أن هناك نشطاء وبجهود ذاتية ينظمون ويشتركون في معارض جماعية ونشاطات وفعاليات وهي تنتعش مع التحسن الأمني وتجد أصداء مشجعة لآن الناس يحلمون بالسلام والحب ويكرهون الحرب والدمار.