اتحاد القرضاوي صورة لتنظيم القاعدة

لهذا اعتبر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ارهابياً

ترجع جذور نشأة "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" إلى عام 2003، حينما قررت جماعة الإخوان في قطر، حل نفسها، للعمل على صناعة "قلب مرجعي مشبع بالعلم الشرعي الإسلامي"، متجسداً في "الاتحاد"، برئاسة الدكتور يوسف القرضاوي، وتمويل من الدوحة، وفتح "الاتحاد" أبوابه في 2004، بهدف استبدال "التنظيم"، بـ"تيار" إسلامي عابر للقارات والمحيطات، وهكذا نشأ التيار وفي صفوفه أفراد من مشارب مختلفة.

بدوره لم يكن زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، بعيدا عن هذه الفكرة، فقد تطرق إلى مشروع القلب الأيديولوجي الاصطناعي، في رسائل أبوت آباد، ورشح قطر لتنفيذه، إلا أنه دعا إلى استنساخ قلب آخر يتلاءم مع المعطيات المرحلية الجديدة التي فرضتها "الثورات". وهو ما أكدته وثيقة هامة، اطلعت عليها "العربية.نت"، تشير إلى اعتماد تنظيم "القاعدة"، وفي العام ذاته، سياسة، الخروج من ضيق "التنظيم" إلى رحاب "التيار".

ففي وثيقة مؤرخة في يونيو 2004م، ومعنونة "القاعدة قبل وبعد المقرن"، كتب لويس عطية الله، ناعيا عبدالعزيز المقرن، قائلا: "إن كثيراً من منظري الغرب ومحلليه السياسيين، اعترفوا بأن القاعدة تحولت من تنظيم إلى حركة جماهيرية، يقتنع الناس بأفكارها ويتبنونها حتى ولو لم يكن ثمة ارتباط تنظيمي بينهم وبين القاعدة كمنظمة"، واستشهد عطية الله، بما خلص إليه النفيسي، مضيفاً: "القاعدة كحركة تختلف عنها كتنظيم، وكما يقول الدكتور النفيسي، فالقاعدة هي الرد التاريخي من الأمة الإسلامية".

التحول إذن من تنظيم هرمي يتأثر بفقدان وخسارة قياداته، إلى تيار شبكي، هو خلاصة ما توصل إليه لويس عطية الله، مع تأكيده بأن "القاعدة ليست منظمة معزولة أو حزبا تنظيميا محددا، بل هي حركة تمارس دور الجامعة الجهادية العالمية". وهكذا يبين أن القاعدة والإخوان، توصلا إلى ضرورة حل التنظيم لكل منهما، ولأسباب داخلية متطابقة، أهمها البعد الأمني الذي تسبب في خسارة الكوادر وإضعاف النشاط.

مع قلب إخواني إسلاموي، وأطراف مُعسكَرة، وأخرى إعلامية ودعائية، انطلق المشروع الإسلاموي الكبير مع أولى "الثورات" في تونس، فكانت بمثابة "الرزق للمجاهدين"، بحسب وصف زعيم القاعدة، قائلا: "الحمد لله، لقد كانت هذه الثورات رزقا وافرا للأمة عامة وللمجاهدين خاصة".

لذا لم يكن غريبا، مع أولى انبعاثات ما سُمي بـ"الربيع العربي"، هذا الاستقطاب الأيديولوجي الجامع بين الإسلامي الراديكالي، واليساري أو الليبرالي، مع أصحاب القبعات والعمائم، بكل ما بينهم من تناقض أيديولوجي.

أضاف "بن لادن": "لا يصح أن نبقى منهمكين في جبهة #أفغانستان، التي تشهد انتشارا واسعا لحركة مجاهدة، بينما قلب العالم الإسلامي يشهد ثورات شعبية شاملة، بل يجب علينا زيادة الانتشار الإعلامي المبرمج والموجه، وأن تكون جهودنا في توجيه الأمة، مدروسة، ولها خطة محددة نتشاور جميعا عليها، فالمرحلة خطيرة جدا، ولا تحتمل التباين بين توجهاتنا".

استطرد بن لادن، قائلا: "ومبدئيا، فإن أهم خطوات المرحلة القادمة، هي تشجيع الشعوب التي لم تثر بعد، للخروج على الحكام، فيتم تركيز السهام على إسقاط الحكام دون الحديث عن المسائل الخلافية".

وواصل بن لادن، داعياً، إلى "استنفار جميع الطاقات التي لديها قدرات بيانية نثرا أو شعرا مرئيا أو مسموعا أو مقروءا وتفرغها تماما لتوجيه شباب الأمة، وإرشادهم"، وآمرا بـ"ترك إدارة العمل في أفغانستان ووزيرستان للقيادات الإدارية والميدانية"، ومناديا: "أسرعوا في ترتيب طريق آمن لخروجكم في يوم غائم من المناطق التي أنتم فيها، لتتيسر لكم الأجواء المهيأة للقيام بالواجب السابق".

أضاف بن لادن: "وجود المجلس الثوري في غاية الأهمية، لتوعية الناس قبل الثورة، ومع انتهائها، يخمل الناس نحو الوحدة، ويكون المجلس بمثابة حكومة مع مرور الوقت، ونواة لقيام دولة إسلامية". موجها "بضم الأحمري والنفيسي وحامد العلي للمجلس، والتشاور معهم".

واستكمل بن لادن كاشفا الدور القطري، إذ قال: "والحمد لله قطر تستطيع القيام بهذه المهمة، ويكون خارج قطر (يقصد المجلس الثوري)، فالحمل ثقيل، فهي(قطر)، ممكن تتحمل التكاليف والإعداد والتشاور، وهي تبنت الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بطريقة غير مباشرة". وفي تدوينة بعنوان مشروع إعلامي متكامل السحاب، جاء فيها: "الشريعة هي الحاكمة، من محمود له رسائل نطبعها ونُطلِع عليها يوسف الأحمد وعبد الله المالكي"، وانتقد جهود بعض أفراد التنظيم، في عدم لياقتها بالتنظيم.. وقال في موضع آخر من التدوينة: "ينبغي أن يكون لدينا تصور عام، وقلنا إن هذا الظرف لا يحتمل أن يتكلم كل على حدة.. نحن ليس لدينا كفاءات متفرغة تدير شؤون الأمة.. فالمناسب يتكلم باسم القاعدة للدعوة إلى مجلس، وفتح الأبواب ووضع خطوط عريضة للمستوى الذي نريده، وليس مجرد تسجيل حضور، لا يتناسب مع الاحداث والقاعدة".

وفي مدونة مؤرخة بتاريخ 15 جمادى الأولى 1432هـ، قال بن لادن: "أهم ما يهمنا فيها مجلس الشورى ومراسلة الأخوة لاستنهاض الهمم في ذلك، النفيسي والأحمري وحامد العلي"، وبحسب ما ظهر في باقي التدوينة، فالأمر جاء بالتزامن مع ما عرف بمناصرة الموقوفين أمنيا في السعودية "فكوا العاني"، وحملة "إلا الحرائر"، الذين وصفهم بن لادن بـ"شباب الثورة بالحجاز"، قائلا: "هذه فرصة لكل أهل السجناء يتظاهرون ويفتحون باب الثورة".

لكن ماذا قصد بن لادن، بكلمات الأحمد والمالكي ولماذا هي بالتحديد؟ في 2012 أصدر عبد الله المالكي كتابه عن دار نشر "الشبكة العربية للأبحاث والنشر، بعنوان "سيادة الأمة قبل تطبيق الشريعة"، وفيه تناول "المالكي"، وجوب "التحاكم" إلى الشريعة والالتزام بمرجعيتها، باعتباره أصلا من أصول الدين، ومحكمة من محكمات الشريعة بل مقتضى الشهادة الرسالية.. بالمقابل لعب "يوسف الأحمد" دورا بارزا فيما يسمى بحملة "فكوا العاني"، والدعوة إلى الخروج بمظاهرات، ليتم توقيفه في 2011 ويفرج عنه في 2012، ليتم إيقافه مرة أخرى، بينما النفيسي كانت جل لقاءاته للدعاية بما يسمى الربيع العربي، والتبشر بسقوط الحكومات العربية عموما والخليجية خصوصا.

أما "محمد الأحمري"، الذي وجه بن لادن بضمه إلى المجلس الثوري، فهو أحد تلامذة محمد سرور مؤسس السرورية، الذي استقطبه للكتابة بمجلة "السنة" في التسعينات الميلادية، قبل أن ينقلب متجها نحو الجناح الآخر (الإخوان)، وهو ما بدا جليا بمقاله، "خدعة التحليل العقدي"، مظهرا انفتاحا بالغا، على جماعة "الممانعة والمقاومة" ممثلة بحسن نصر الله، والحليف الإيراني، واختتم بالانتقال الى قطر، في إقامة دائمة والحصول على الجنسية القطرية.

هدى صالح
ملخص منشور العربية
"كيف استنسخت قطر اتحادة القرضاوي صورة لتنظيم القاعدة"