كيف لنا أن نثق بكم وننتخبكم؟

من الثابت ان من حق اي مواطن عراقي ان يقوم بالترشيح لعضوية مجلس النواب او ايه جهة او هيئة تشريعية او تنفيذية حسب احكام الدستور والقانون اذا ما توفرت فيه الشروط والمتطلبات القانونية والشخصية التي تؤهله للموقع الذي يصبو اليه، ومن حقه ايضا ان يختار القائمة والشعار الانتخابي الذي يتقدم به الى جمهور الناخبين وان يقول او يسجل البرنامج او الدعاية التي يختارها في حملته الانتخابية، وان ينشر ويعلق صوره وبوستراته في المكان الذي يريده او يرغب ان تكون فيه من دون الاضرار او التأثير على غيره من المرشحين او التعدي على حقوق الناخبين وحريتهم واحترام الامكنة والمواقع الخاصة والعامة بحيث لا يشكل فعله ما يمكن ان يقع تحت نصوص القانون وما يشكل جرائم انتخابية (وهو ما سنتناوله في مقال قادم).

لكن هذا الحق يكون مقيدا عندما يكون الترشيح ضمن قائمة او حزب حيث يتوجب عليه بعض الالتزامات والاشتراطات التي تتحول من مسؤولية المرشح الى الحزب او القائمة التي قبلت انضمام المرشح الفلاني اليها والذين يحملون رقم تسلسل معين ضمن القائمة التي ترشح فيها والتي ترفع شعارات ودعايات خاصة بهذه القائمة او الحزب.

وما نجده اليوم مع انطلاق الحملة الانتخابية للدورة الرابعة لانتخابات مجلس النواب العراقي والعدد الكبير من القوائم والشخصيات التي ضمتها والحملات الضخمة وملايين الصور والبوسترات بمختلف الاحجام والالوان والتي لم تترك مكانا او جدارا او عمودا الا ورفعت فيه صورا وملصقات حتى وصل الحال الى استغلال المقابر واعمدة الكهرباء وكل ما يمكن ان يلصق او يحمل شيئا حتى تندر الكثيرون باستعدادهم لتأجير اعمدة الكهرباء ومن دون ان يكلف المرشحون انفسهم مهمة اضاءة الكلوبات المعطوبة فيها.

وامام هذا الكم الهائل من الرسائل والاعلانات التي تحاصر المواطن في كل مكان، كيف يمكن للناخب ان يختار او يٌحدد المرشح او القائمة التي يمكن ان تحقق طموحه او تمثل اختياره الحقيقي بكل حرية وشفافية ومن دون أي ضغط او اكراه او وعد او وعيد مما يمارس بشكل واضح وملموس.

ان من الملاحظ ان مرشحي هذه الدورة وخصوصا ممن ضمتهم القوائم الكبيرة والاحزاب والتكتلات المعروفة خلال الدورات السابقة انها تتجه نحو الضعف والانحدار، بل وتصل الى حد السقوط في العديد من المرشحين الذين يبدو وكأنه تم تجميعهم بحيث يلبون مختلف الرغبات والغايات حتى من دون الاستفادة من تجارب الدورات السابقة والتي يقول البعض ان الدورة الاولى كانت افضل من الثانية والتي هي افضل من الثالثة من خلال المنجز من القوانين والتشريعات والدوام ومراقبة اداء الحكومة وغيرها من الامور التي يفتقد اليها مع الاسف العراق في وجود مراكز ابحاث او جهات متخصصة تقوم بمتابعة وتقييم ومراجعة اداء عمل السلطات: التشريعية (مجلس النواب) والتنفيذية (الحكومة ورئاسة الجمهورية) والقضائية (مجلس القضاء والادعاء العام) وغيرها من مؤسسات الدولة مثل هيئات حقوق الانسان والنزاهة ومفوضية الانتخابات وغيرها... وما الذي انجزته خلال السنوات الاربع الماضية؟ وما هي المصاريف التي تم صرفها عليها؟ من رواتب ومخصصات المستشارين ونفقات الحمايات والايفادات والميزات التي حصلت عليها وبما يمكن ان يبين الصورة الحقيقية لهذه المؤسسات، هل هي لخدمة الشعب ام لخدمة اشخاص واحزاب ومنتسبيها والتي وصلت الى حد خلق مناصب ووظائف وهمية وغير مجدية اصلا من اجل ارضاء هذا الحزب ام المكون او الطائفة او القومية كما هو الحال في مناصب نواب رئيس الجمهورية والنفقات التي يسمونها سيادية ومصاريف النثرية والمنصب لمئات المناصب والشخصيات في العراق.

ان التفكير والمراجعة في النقاط اعلاه ومقارنتها بحال المواطن العراقي المسكين الذي وحسب احصائية العديد من المنظمات الدولية يعيش الملايين منه تحت خط الفقر وبعضهم على جمع القمامة من المزابل وملايين المهجرين والنازحين واللاجئين والارامل والايتام والشهداء والجرحى والمعوقين وضحايا العمليات العسكرية والارهابية ومدارس الكرفانات والمدارس الطينية والمشاريع الوهمية والمدن الصناعية الذي وضع حجر الاساس للعديد منها في السنوات السابقة والتي لم يتم افتتاح او اكمال أي منها حتى الآن، وهو مايعطي الجواب للعديد من الاسئلة: كيف نثق بكم..وكيف يمكن ان نصدق مشروعكم الانتخابي؟ وانتم خلال الدورات السابقة لم تقدموا ولم تنفذوا اياً من وعودكم وبرامجكم الانتخابية.