أردنية تحول منزلها إلى مقصد لمحبي السياحة البيئية

وجدان ملكاوي تستلهم فكرة مشروعها الفريد من أسلوب اتبعه مقاتلو الحرب العالمية الثانية وكذلك اليابانيون والفراعنة.

إربد (الأردن) - "ارميها وربك يرويها".. ثلاث كلمات تعيش معها ولها الشابة الأردنية وجدان ملكاوي، والتي استلهمتها من فكرة يعود تاريخها لحرب دموية، استنزفت البشر والشجر، لتحولها إلى مشروع فريد عنوانه استدامة النظم البيئية والمحافظة على النباتات البرية.

حولت وجدان (39 عاما) عش الزوجية الكائن على مساحة أرض لا تتعدى 700 متر مربع، بمدينة "أم قيس" التابعة للواء بني كنانة في محافظة إربد شمالي الأردن، إلى لوحة طبيعية تزدان بمئات الأنواع من الأشجار والنباتات دائمة الخضرة، والتي أطلقت عليه اسم "بيت الورد".

وجدان لا تحمل أي شهادة جامعية ولم تتلق أي تعليم في مجال الزراعة، ولكنها تأثرت بخبرات والدها، واسترشدت بما اكتسبته منه، لتتحول إلى خبيرة، كما يصفها البعض، ومقصدا للسيّاح من مختلف دول العالم.

ولم تتوقف السيدة الأردنية عند حدود التقليد والمستهلك من الأفكار، إذ قررت أن تصنع لنفسها فرصة تميزها عن غيرها، لتجد من خلال البحث على الإنترنت، أسلوبا اتبعه مقاتلو الحرب العالمية الثانية (1939- 1945)، وتحوله إلى نموذج تُحافظ فيه على النباتات البرية، وخاصة المهدد منها بالانقراض.

وانطلاقا من ذلك، توضح "وجدت من خلال البحث على الإنترنت فكرة تعود للحرب العالمية الثانية، وتُنسب لطيار أميركي (لم تذكر اسمه)، كان يقوم يرمي الحلوى للأطفال في برلين، فيما يدلل على حبه لإنهاء الحرب ورفض للقتل والتدمير".

وتتابع أن "اليابانيين حاولوا أن يستلهموا من هذه الفكرة ما يخدم الطبيعة، وكانوا ينثرون بالطائرات كرات ترابية، ويضعون فيها بذور أشجار، في محاولة لإحياء المناطق القاحلة التي تأثرت من جراء الحروب"، لافتة إلى أن بحثها أوصلها إلى أن "فراعنة مصر استخدموا ذات الفكرة بعد فيضان نهر النيل، وعام 2002 تم استخدامها في فلسطين أيضا".

وتضيف "حاولت تطبيق الفكرة على بعض النباتات البرية، وهي الزعتر والزعيتمان والجرجير البري والبابونج والعكّوب والعصفر البري، وغيرها من النباتات الأخرى".

وجدان

وفي توضيحها لتفاصيل الفكرة، تبين السيدة الأردنية "أقوم أولا بالتأكد من صلاحية البذور للنمو، وزراعتها داخل المنزل، وعندما أتأكد من صلاحيتها، أبدأ بالعمل عليها".

وتقوم وجدان بتشكيل كرات ترابية بعد خلطها ببعض الأسمدة والمخصبات، ثم تعمل على حشوها ببذور النباتات، قبل رميها في مناطق عشوائية، وفق قولها، مشيرة "أحيانا يتم اللجوء إلى ممارسي رياضة المشي للمساعدة في اختيار الأماكن المناسبة لهذه الكرات"، موضحة "الكرات لا يتعدى حجمها بضع سنتيمترات، وهذا يهدف للحفاظ عليها من جهة، وضمان وفرة المادة العضوية لذات البذرة في داخلها وبما يساعدها على النمو من جهة أخرى".

ويصل عدد ما تشكله من تلك الكرات نحو 200 يوميا بمساعدة زوجها أسامة المصري (49 عاما)، بحسب وجدان التي تصف نفسها بأنها "أول من ينفذ هذه الفكرة بالأردن"، قائلة "أعمل بها بشكل شبه يومي، ولكنني أكثر العمل قبيل فصل الشتاء، لأنني أحب أن أرى تغييرا في المكان مع قدوم الربيع.. ارميها وربك يرويها".

وتلفت بأنها أصبحت مقصدا لعشاق السياحة البيئة، وبأنها تستقبل مجموعات من السياح، والذين يعيشون تجربة المشاركة في تشكيل الكرات الترابية.

وتقول إن علاقتها بالطبيعة بدأت منذ كانت في الصف السابع، إذ وجدت وهي في طريق العودة إلى المنزل نبتة شبه ميتة، فحملتها معها وقامت بإعادة زراعتها والاهتمام بها، حتى نمت من جديد، مشيرة إلى أنها نقلتها معها إلى منزل الزوجية، وهي من ألهمتها ما تقوم به حاليا.

وتضيف "بدأت بزراعة عقل النباتات المختلفة في كؤوس بلاستيكية صغيرة، وتطور الأمر معي إلى أن تحول المكان إلى مشتل يحوي آلاف النباتات المختلفة، وعنوان للسياحة البيئية".

وتعرب عن أملها في أن يتم إدراجها على المسارات السياحية في منطقتها، لاسيما وأن المنطقة تحتوي على أهم المواقع الأثرية بالمملكة، والمعروفة باسمها (مدينة أم قيس الأثرية)، لتعلم الأجيال والفئات المجتمعية المختلفة على هذه الفكرة الرائدة.