أمير الكويت يُدشن مرحلة سياسية جديدة تقطع مع التعطيل

إعلان الشيخ مشعل الأحمد عن تشكيل حكومة جديدة بعد قرار حل البرلمان وتجميده لمدة 4 سنوات، يفتح الطريق لتنفيذ برنامج إصلاحات طال انتظارها.

الكويت - بإعلان أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الصباح تشكيل حكومة جديدة بعد قرار حل البرلمان وتجميده لمدة أربع سنوات، تكون الكويت قد دخلت منعطفا سياسيا جديدا يروم التركيز على تنفيذ برنامج الإصلاح الذي طال انتظاره والذي تعطل بفعل الأزمة المتواترة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.
وبدا الشيخ مشعل الأحمد منذ توليه مقاليد الحكم حازما في قراراته غير راض عن حالة الجمود السياسي والاقتصادي بفعل السجالات والشد والجذب بين مجلس الأمة (البرلمان) والحكومات المتعاقبة.
والخطوة الأخيرة تبدو قطعا مع مرحلة التعطيل بإنهاء مسببات التعطيل وتدشين مرحلة جديدة يتوقع أن تنطلق خلالها برامج الإصلاح الاقتصادي والسياسي وتتصاعد فيها مكافحة الفساد ومحاسبة كبار المسؤولين المشتبه في تورطهم في فساد مالي وإداري.
وأظهر الشيخ مشعل خلال خطابه الأخير حزما لوضع حدّ لتدخلات النواب في اختصاصات الأمير، ضمن جهوده لوضع حدّ للأزمات السياسية التي تسببت في تأخير انطلاق الإصلاحات وخاصة الاقتصادية.

وأصدر الشيخ مشعل الأحد مرسوما أميريا تضمن تشكيلة الحكومة الجديدة برئاسة الشيخ أحمد عبدالله الأحمد الصباح وتضم 13 وزيرا، وفق وكالة الأنباء الكويتية الرسمية "كونا".

وتعدّ الحكومة الجديدة السادسة والأربعين في تاريخ الكويت، فيما يضمّ الفريق الحكومي سيدتين هما نورة المشعان التي احتفظت بحقيبة الأشغال العامة والبلدية، بينما تولت الأستاذة الجامعية أمثال الحويلة حقيبة الشؤون الاجتماعية والعمل وشؤون الأسرة والطفولة والشباب.

واحتفظ كل من وزير الخارجية عبد اليحيا ووزير النفط عماد العتيقي بمنصبيهما، بينما احتفظ الشيخ فهد اليوسف الصباح بحقيبة الدفاع وأُسندت له حقيبة الداخلية، وهو كان يتولى هذه الحقيبة بالوكالة في الحكومة المستقيلة.

وشمل التغيير أربع حقائب هي العدل والأوقاف والشؤون الاجتماعية وشؤون الأسرة والطفولة والشباب ووزارة التجارة والصناعة، بالإضافة إلى وزارة الكهرباء والماء والطاقة المتجددة والإسكان.

ويأتي تشكيل الحكومة الجديدة بعد يومين على إعلان أمير الكويت حلّ مجلس الأمة ووقف العمل ببعض مواد الدستور لفترة لا تزيد عن أربع سنوات.

ووجه الشيخ مشعل في خطاب ألقاه الجمعة انتقادات لاذعة إلى المنظومة السياسية، مشددا على أنه لن يسمح باستغلال الديمقراطية لتحطيم الدولة.

وتشير تحركات أمير الكويت إلى أنه لن يبالي بالجدل القائم الذي أثارته قراراته باعتبار أن القرارات التي اتخذها تدخل ضمن صلاحياته، بينما ينسب الضجيج القائم حاليا لنشاط مكثف يحركه الإخوان خاصة على المنصات الاجتماعية.
ويبدو أن الشيخ مشعل الذي اختبر طيلة مسيرته السياسية من توليه مناصب قيادية في الدولة وصولا إلى ولاية العهد فأميرا للبلاد، كيفية التعامل مع الأزمات السياسية، وصل إلى قناعة أن لا حل للجمود السياسي والاقتصادي إلا بمعالجة حازمة لمسبباته أي البرلمان الذي غرق في التركيز على الاستجوابات والتعطيل مدفوعا بأجندة الغالبية المهيمن التي ذهبت بعيدا في معركة ليّ الأذرع مع الحكومات المتعاقبة التي لم تعمر طويلا.

وتأتي قرارات الأمير في خضم أزمة سياسية بين رئيس الوزراء المكلّف ومجلس الأمة وتدخل النواب في صلاحياته ومن بينها اختيار الوزراء وولي العهد.

وأثارت الإجراءات التي اتخذها الأمير جدلا واسعا في الكويت ووصفها عديد النشطاء بـ"الضرورية" لوضع حد لسنوات من الشد والجذب بين النواب والحكومات المتعاقبة.

ونص المرسوم الأميري على أن حل البرلمان يأتي بناء على "ما بدر من مجلس الأمة من تجاوز للثوابت الدستورية في إبراز الاحترام الواجب للمقام السامي وتعمد استخدام العبارات الماسة غير المنضبطة"، وفق الوكالة الكويتية الرسمية.

وهذه المرة الثالثة التي تُعلّق فيها الحياة السياسية في تاريخ الكويت، إذ شهدت البلاد حالة مماثلة في 1976 و1986.

وتعثّر الإعلان عن تشكيلة الحكومة قبيل جلسة افتتاح البرلمان التي كانت مقررة الثلاثاء المقبل، بعدما رفض أعضاء مجلس الأمة الانضمام لها.

ويشترط الدستور الكويتي أن تضم الحكومة نائباً واحداً على الأقل، لكن الحكومة الجديدة خلت من أي نائب بسبب قرار الحل.

وكان أمير الكويت عين الشيخ أحمد عبدالله الأحمد الصباح رئيساً للوزراء منتصف أبريل/نيسان الماضي، بعدما رفض الشيخ محمد صباح السالم الصباح تولي المنصب مجدداً وسط تجاذبات متواصلة بين الحكومة والمجلس الذي انتخب مطلع الشهر نفسه.

وفي الثامن من مايو/أيار الجاري صدر مرسوم أميري تم بموجبه تأجيل اجتماع مجلس الأمة إلى 14 مايو/أيار، في خطوة رفضها نواب المعارضة معتبرين أنها "غير دستورية".