أذربيجان تتوسط لتهدئة التوتر بين تركيا وإسرائيل

باكو تلعب دوار إستراتيجيا من خلال تسهيل الحوار بين تركيا وإسرائيل، مدفوعة برغبتها في تعزيز نفوذها كوسيط بين الأطراف الإقليمية.

باكو - تسعى أذربيجان إلى توسيع نفوذها الإقليمي معوّلة على علاقاتها الوثيقة مع تركيا وإسرائيل لتطرح نفسها وسيطا بين بلدين خصمين لديهما مصالح متضاربة في سوريا.

ويؤكد المستشار الدبلوماسي للحكومة الأذربيجانية حكمت حاجييف أنّ باكو استضافت ثلاث جولات على الأقل من المفاوضات بين أنقرة والدولة العبرية اللتين تنشطان في سوريا، مشيرا إلى تهديدات أمنية.

وقال لصحافيين أتراك خلال زيارة نظّمها مجلس الصحافة العالمي ومقرّه إسطنبول، إنّ "أذربيجان تقود مبادرات دبلوماسية للتوصل إلى اتفاق"، مضيفا أنّ "تركيا وإسرائيل تثقان فينا".

وأثارت الإطاحة بحكم بشار الأسد في سوريا في نهاية العام الماضي، من قبل فصائل معارِضة بقيادة إسلاميين، قلقا في إسرائيل.

ومنذ ذلك الحين، نفذ الجيش الإسرائيلي مئات الهجمات على الأراضي السورية، بما في ذلك يوم الجمعة الماضي، بحجة السعي إلى منع أسلحة النظام السابق من السقوط في أيدي الجهاديين وحماية الأقلية الدرزية. كما اتهمت الدولة العبرية أنقرة بالسعي إلى تحويل سوريا إلى محمية تركية.

وفي أذربيجان، يعتبر إلهام علييف حليفا وثيقا للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ولطالما أظهر تأييدا لمواقفه على المستوى الدولي، بما في ذلك بشأن سوريا.

ولكن علاقاته الجيدة مع إسرائيل التي تعتمد بشكل كبير على النفط الأذربيجاني وتزوّد باكو بالأسلحة، تشجّع أذربيجان على تسهيل النقاشات "التقنية" بين حليفيها.

ويقول فريد شافييف رئيس مركز تحليل العلاقات الدولية الذي يتخذ من باكو مقرا، "سننجح في حال توصل الطرفان إلى اتفاق يحترم بموجبه كل طرف مخاوف الطرف الآخر"، مضيفا أنّ "سوريا، وخصوصا منطقتها الشمالية، تشكّل مصدر قلق أمني بالنسبة إلى تركيا".

ويشير إلى أنّ تركيا تريد السيطرة على هذه المناطق ولكنها تريد أيضا "تعزيز وجودها" حول القواعد العسكرية في تدمر ومطار تي فور في وسط البلاد، لضمان الأمن حول دمشق.

وتمّ تعليق العلاقات بين تركيا وإسرائيل في بداية الحرب التي تشنّها الدولة العبرية ضد حركة حماس في قطاع غزة، ردا على الهجوم الذي نفذته الحركة الفلسطينية على الأراضي الإسرائيلية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

ويؤكد مسؤول تركي كبير لفرانس برس مشترطا عدم الكشف عن هويته أنّ "تركيا لن تطبّع علاقاتها مع إسرائيل، طالما أنّ الحرب في غزة مستمرّة".

وأوقفت أنقرة رسميا التجارة مع إسرائيل، غير أنّ أصواتا معارِضة تؤكد أنّ التبادلات مستمرّة بين البلدين، خصوصا تسليم النفط عبر خط أنابيب باكو - تبليسي - جيهان، وهو ميناء يقع على الساحل الجنوبي لتركيا. ووصفت وزارة الطاقة التركية هذه التقارير بأنّ "لا أساس لها من الصحة على الإطلاق".

وفي أذربيجان، يرفض حاجييف التعليق على هذه المسألة، ويشير إلى أنّ باكو تلقّت دعما قيّما من إسرائيل في خضمّ النزاع في قره باغ، قائلا "اشترينا أسلحة من إسرائيل خلال الحرب، ودفعنا ثمنها وقدّمت لنا تل أبيب الدعم الدبلوماسي".

ولتقليل دور أنقرة، يشير إلى أنّ "النفط الأذربيجاني يصل إلى جيهان، ولكن بمجرّد تحميله على السفن... فإنّ الوجهة النهائية لا تخصّكم".

ويؤكد رئيس نادي علماء السياسة في باكو زاور محمدوف، أنّ أذربيجان تلعب دورا "استراتيجيا" من خلال تسهيل الحوار بين تركيا وإسرائيل، مضيفا أنّ "هذا يعكس بوضوح نفوذها المتزايد كوسيط" بين الأطراف الإقليمية.

وخاضت أذربيجان وأرمينيا حربين في العامين 1990 و2020 للسيطرة على إقليم ناغورني قره باغ الجبلي، قبل أن تستحوذ باكو عليه في هجوم استمر 24 ساعة في سبتمبر/أيلول 2023.

وتسعى باكو حاليا إلى تطبيع علاقاتها مع أرمينيا، وتعزيز وجودها في منطقة تتنافس فيها روسيا وتركيا على النفوذ.

وبالنسبة إلى المحلّل التركي سيركان دميرتاش، فقد تدخّلت إذربيجان لتجنّب مواجهة محتملة بين أنقرة والدولة العبرية في سوريا ما بعد الأسد.

ويقول إنّ "المواجهة بين أفضل حليفين لها في المنطقة تعتبر احتمالا لا تريد أن تشهده أذربيجان على الإطلاق"، مضيفا أن "الأخبار الأخيرة تفيد بأنّه تمّ تحقيق تقدّم، وهو ما يعدّ دليلا على نفوذ أذربيجان المتزايد في المنطقة بعد حرب قره باغ".