أردوغان يستبق الانتخابات البلدية بتصفية الحسابات مع الخصوم

محاكمة رئيس بلدية اسطنبول بتهمة جديدة تأتي في ظرف استنائي بعد فوز أردوان بولاية رئاسية جديدة وفي الوقت الذي بدأ فيه حزب العدالة والتنمية التحضير للانتخابات البلدية 2024.
أكرم إمام أوغلو يحذر من ضعف المعارضة قبل الانتخابات البلدية
زعيم الشعب الجمهوري يرفض إفساح المجال لقيادات شابة
إمام أغلو عرض على كليشدار أوغلو التنحي من منصبه على رأس الحزب

اسطنبول - بدأت الخميس محاكمة رئيس بلدية اسطنبول أكرم إمام أوغلو، أحد المعارضين الرئيسيين للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على خلفية تهم فساد جديدة قد تقوّض طموحاته السياسية، بينما تأتي المحاكمة في ظرف سياسي استثنائي تعيشه تركيا بعد فوز أردوغان بولاية رئاسية جديدة.

وتأتي المحاكمة في توقيت ينصب فيه التركيز على التحضير للانتخابات البلدية المقرّرة في مارس/اذار 2024 والتي سيحاول فيها أردوغان استعادة السيطرة على اسطنبول وغيرها من المدن الكبرى.

وتذهب بعض التحليلات إلى أن الرئيس التركي قد يدشن مرحلة تصفية حسابات مع ألد خصومه وفي مقدمتهم أكرم إمام أوغلو الذي حطّم هالة الرئيس الذي لا يقهر وحوّل الفائز إلى بطل بالنسبة للخصوم الليبراليين لحزب العدالة والتنمية الإسلامي، في مسقط رأس أردوغان.

وإمام أوغلو مستهدف قضائيا منذ أصبح رئيس بلدية اسطنبول في العام 2019 حين ألحق هزيمة كبرى بأردوغان وحزبه اللذين سيطرا على أكبر مدينة في تركيا على مدى 25 عاما. وجُرّد في بادئ الأمر من الفوز الذي حقّقه في الانتخابات البلدية بفارق ضئيل ليعود ويفوز بهامش أكبر في جولة الانتخابات المعادة، لكن طموحاته السياسية المعلنة وشعبيته في استطلاعات الرأي حوّلته إلى شخصية مكروهة من الرئيس وحزبه.

وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، حُكم على إمام أوغلو بالسجن عامين وسبعة أشهر بالإضافة إلى تجريده من حقوقه السياسية بتهمة "إهانة" أعضاء اللجنة الانتخابية العليا. وتمكن بعد استأنف هذا القرار، من الاحتفاظ بمنصبه حتى الآن.

وأدّى ذلك الحكم إلى استبعاده من الانتخابات الرئاسية التي جرت في مايو/ايار، على الرغم من أن جزء من المعارضة التركية أراد رؤية هذا المحاور الماهر يقدّم نفسه منافسا لمرشح تحالف الشعب (أردوغان).

وأُعيد انتخاب أردوغان الذي يحكم تركيا منذ 20 عاما، لخمسة أعوام جديدة في سدّة الرئاسة وحصل على 52.2 بالمئة من الأصوات في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية في مواجهة المرشح المعارض كمال كيليتشدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري الذي ينتمي إليه كذلك أكرم إمام أوغلو.

ومن ذلك الوقت دعا إمام أوغلو علنا في عدة مناسبات إلى "التغيير" في صفوف حزب الشعب الجمهوري قبل الانتخابات البلدية 2024، فيما يعتزم كيليتشدار أوغلو الذي يرأس الحزب منذ 2010 الاحتفاظ بمنصبه.

لكن الأداء الضعيف لحزب الشعب الجمهوري في الانتخابات البرلمانية زاد الضغوط على كيليتشدار أوغلو لدفعه إلى إفساح المجال أمام قياديين شبان على غرار إمام أوغلو.

ويحاكَم إمام أوغلو العضو في حزب الشعب الجمهوري بتهمة تزوير عقد مالي في نهاية العام 2015 حين كان رئيسا لبلدية بيليك دوزو إحدى ضواحي اسطنبول، وهو ما ينفيه. وهو متّهم في هذه القضية مع ستة أشخاص آخرين بـ"تزوير" عقد يعتقد أنه كبّد المالية العامة خسائر بـ250 ألف ليرة (نحو 90 ألف دولار حينها).

وفي حال أدين في القضية قد يحكم عليه بالحبس بين ثلاث وسبع سنوات وقد يجرَّد من حقوقه السياسية مجددا. وقد أشار إلى أن تحقيقا سابقا في العقد خلص إلى عدم وجود أي مخالفة.

وعقدت الجلسة الأولى في هذه المحاكمة الخميس بغياب المتّهم واستمرت ساعة تقريبا، حسبما قال مكتب إمام أوغلو، مضيفا أن الجلسة المقبلة حدّد موعدها في الثلاثين من نوفمبر/تشرين الثاني.

وسبق أن اتَّهم رئيس بلدية اسطنبول أردوغان باستخدام المحاكم أداة ضد خصومه السياسيين. وجاء في بيان لنائب رئيس كتلة حزب الشعب الجمهوري البرلمانية غوكان غونايدن أن "هذه القضية هي مؤامرة سياسية"، مضيفا "هذه القضية ستنفجر بين أيدي أولئك الذين رفعوها" إلى القضاء.

وأطلق سليمان صويلو وزير الداخلية السابق مراجعة في العقد الذي أبرم في العام 2015 في توقيت كان قد أصبح فيه اسم إمام أوغلو قيد التداول العام الماضي بصفته مرشحا محتملا لخلافة أردوغان. وغالبا ما يطول أمد المحاكمات في تركيا وقد تستمر أشهرا.

لكن القضية تزيد التعقيدات لكل من إمام أوغلو والمعارضة الساعية إلى التخلّص من هيمنة أردوغان على غالبية مفاصل الحياة السياسية والاجتماعية في تركيا.

وبدأت المحاكمة غداة محادثات أجراها إمام أوغلو مع كيليتشدار أوغلو في أنقرة، أفادت تقارير بأنه سعى خلالها لإقناع زعيم المعارضة بإفساح المجال أمام "التغيير"، لكن المرشح الخاسر في الانتخابات الرئاسية الأخيرة رفض ذلك.

ويعتبر كيليتشدار أوغلو أنه يتعين على إمام أوغلو البقاء رئيسا لبلدية اسطنبول للحيلولة دون عودة المدينة إلى أحضان أردوغان.

وأفادت شبكة "بي بي سي تركيا" بأن إمام أوغلو أعرب عن تخوّفه من أداء ضعيف للمعارضة في الاستحقاق البلدي المقبل إذا ما أصر كيليتشدار أوغلو على التمسّك بمنصبه عاما إضافيا، مكتفيا لدى عودته إلى اسطنبول في تصريح للصحافيين بالقول إن "كل الأمور ستكون جيّدة".