أردوغان يستعجل العودة لاتفاق سوتشي مدفوعا بالإكراهات الميدانية

تركيا تلوح باستخدام القوة العسكرية لكبح تقدم الجيش السوري في إدلب على وقع اشتباكات عنيفة ساهمت في تزايد عدد النازحين باتجاه الحدود السورية التركية.
قلق روسي إزاء 'عدوانية' المطترفين في سوريا
الأمم المتحدة تخشى 'حمام دم' شمال غربي سوريا
بوتين يدعو تركيا للتوقف عن دعم 'الميليشيات الإرهابية'

موسكو - دفعت الإكراهات الميدانية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لاستعجال العودة لاتفاق 'سوتشي' الذي يمنح أنقرة استعادة أنفاسها بعد مواجهات دامية مع الجيش السوري الذي حقق انتصارات بغطاء جوي روسي، ما خلف فزعا تركيا من تفاقم أعداد النازحين باتجاه الحدود الركية.

وتخشى تركيا التي تأوي حاليا 3.7 مليون لاجئ سوري من تزايد عدد النازحين، حيث صرحت أنها لا يمكنها استيعاب تدفق جديد للاجئين وحذرت من أنها ستستخدم القوة العسكرية لصد تقدم القوات السورية في إدلب وتخفيف الأزمة الإنسانية في المنطقة.

وفي هذا الإطار أعلنت الرئاسة التركية الجمعة في بيان أن الرئيس أردوغان حض نظيره الروسي فلاديمير بوتين على "كبح" قوات النظام السوري التي تشن هجوما على آخر معاقل المعارضة، ووضع حد للأزمة الإنسانية في محافظة إدلب.

وقال أردوغان لبويتن في اتصال هاتفي إن "الحل يكمن في العودة إلى اتفاق سوتشي الموقع في العام 2018 والذي أتاح لتركيا إقامة نقاط مراقبة عسكرية في إدلب بهدف ردع أي هجوم للنظام السوري على المنطقة".

وأفادت الرئاسة التركية أن الرئيسين "أكدا احترام كل الاتفاقات" التي أبرمت بين البلدين، دون الإشارة إلى اتفاق جديد حول الوضع في سوريا.

وانهار اتفاق سوتشي عمليا وسط اتهامات متبادلة بين أنقرة وموسكو وعلى ضوء تقدم الجيش السوري في إدلب وحصاره لثلاث نقاط مراقبة عسكرية تركية شمال شرقي سوريا.

من جانبه أعرب بوتين خلال محادثته لأردوغان عن "قلقه البالغ" إزاء "الأعمال العدوانية" للجهاديين في إدلب السورية، داعيا على صعيد آخر لتطبيق قرارات مؤتمر برلين في ليبيا.

وأكد بيان للكرملين أن الرئيسين اتفقا خلال المحادثة الهاتفية على "تعزيز المشاورات الثنائية حول إدلب بهدف خفض التوتر وإرساء وقف لإطلاق النار والقضاء على التهديد الإرهابي".

وتابع البيان أن "بوتين أبدى قلقا بالغا إزاء الأعمال العدوانية للجماعات المتطرفة. وتم التشديد على ضرورة الاحترام المطلق لسيادة سوريا ووحدة أراضيها"، داعيا تركيا إلى التوقف عن دعم "الميليشيات الإرهابية".

كذلك بحث الرئيسان الأوضاع في ليبيا حيث تتضارب مصالح بلديهما، وقد دعيا إلى "التطبيق المنسجم لقرارات مؤتمر برلين الذي عقد في 19 يناير/كانون الثاني"، وفق البيان.

معركة إدلب تكشف عن فوارق موازين القوى بين تركيا وروسيا
معركة إدلب تكشف عن فوارق موازين القوى بين تركيا وروسيا

وتأتي المكالمة الهاتفية بين الرئيس الروسي ونظيره التركي تزامنا مع إعلان أردوغان عدم انسحاب قواته من إدلب، مؤكدا تمسكه بإقامة 'منطقة آمنة' داخل الأراضي السورية بعمق يتراوح بين 30 و35 كيلومترا.

واحتدم القتال منذ نحو شهرين بين جيش النظام بدعم من القوات الجوية الروسية وفصائل المعارضة المدعومة من قبل تركيا، ما تسبب في مقتل أكثر من 400 مدني.

وأدى الهجوم الأخير في منطقتي حلب وإدلب إلى نزوح نحو مليون شخص معظمهم نساء وأطفال فروا من الاشتباكات بحثا عن ملاذ آمن في الشمال قرب الحدود التركية.

وتنام العائلات على الطرقات وفي بساتين الزيتون وتحرق القمامة من أجل التدفئة. ومات بعض الأطفال من شدة البرد بينما وصلت بعض العائلات إلى مخيمات للنازحين.

وفي جنيف كررت الأمم المتحدة الجمعة مناشدتها وقف التصعيد في المنطقة، مؤكدة أن 170 ألفاً من النازحين الذين تركوا منازلهم في شمال شرق سوريا، هم "يقيمون حاليا في العراء".

وقال ينس لايركه المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية خلال إفادة صحفية، إن "الأطفال يشكلون نحو 60 في المئة من 900 ألف شخص نزحوا وتقطعت بهم السبل في مساحة آخذة في التضاؤل".

وأضاف "ندعو إلى الوقف الفوري لإطلاق النار لمنع مزيد من المعاناة وما نخشى أن ينتهي بحمام دم".

وتابع "تستمر خطوط القتال الأمامية والعنف المستمر في الاقتراب من هذه المناطق المكتظة بالنازحين، مع تزايد القصف على مواقع النزوح والمناطق المجاورة لها".

في المقابل نفت وزارة الدفاع الروسية تقارير عن نزوح مئات آلاف السوريين من إدلب باتجاه الحدود التركية، في منطقة تبقي فيها القوات التركية على مواقع مراقبة، وقالت إنها تقارير كاذبة وحثت أنقرة على السماح لسكان إدلب بدخول مناطق أخرى في سوريا.

وتدعم تركيا وروسيا أطرافا متناحرة في الصراع السوري لكنهما تعاونتا من أجل التوصل لحل سياسي. وأربك هجوم الرئيس السوري بشار الأسد في الشمال الغربي هذا التعاون الهش مما دفع أنقرة وموسكو لتبادل الاتهامات بانتهاك اتفاقات خفض التصعيد في المنطقة.

وفشل مسؤولون أتراك وروس في التوصل إلى حل يوقف الاشتباكات خلال عدة جولات من المحادثات وأدى تصاعد الموقف الخميس إلى مقتل جنديين تركيين ليصل إجمالي عدد القتلى الأتراك في إدلب هذا الشهر إلى 15 جنديا.