أزمة بغداد وأربيل.. لا تنسوا الحل كان أميركياً

في حكمة السياسة بالعراق إن أمرهم ليس بيدهم وإن تلويحة واحدة أو نظرة عتب من السفيرة الأميركية رومانوسكي قادرة أن تقلب المائدة.

نجحت زيارة مسرور بارزاني إلى بغداد في حلحلة الأمور وتوفير رواتب لموظفي الإقليم الكردي على الأقل لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر.

زيارة أفرجت بغداد بموجبها عن 700 مليار دينار على شكل دفعات لإنقاذ مواطني الإقليم وموظفيه من المأزق المعيشي الذي يعيشوه من جراء تأخر توزيع رواتبهم لأسباب وإتهامات متبادلة بين حكومة بغداد وإقليم كردستان. خف صخب العويل والأصوات الجوفاء ولو مؤقتاً إلى إشعار آخر وراحت أبواق السلطة تخترع الحجج والتبريرات التي ساقت إلى الإفراج عن الأموال.

لكن حقيقة الأمر إن مسرور بارزاني وطأت قدماه بغداد وهو يحمل في جعبته الكارت الأحمر من الإدارة الأميركية بوجوب الدفع وإلا فالعاقبة للممتنعين، الإرادة الأميركية التي كانت حاضرة في حل الأزمة من خلال رسالة الكونغرس الأميركي إلى الرئيس بايدن بمضمونها الذي يقول "نحن أسسنا كردستان شبه المستقلة ولن نسمح بتهديدها".

تمعّنوا في كلمات الرسالة التي كانت من نتائجها إستجابة بغداد السريعة.

قبلها كان مسرور بارزاني قد بعث برسالة إلى بايدن يخبره "بالصعوبات الإقتصادية والجروح السياسية التي تواجه الإقليم مما قد يسبب انهيار النموذج العراقي الفيدرالي المتمثل باقليم كردستان" حسب وصفه.

ويبدو من مجريات الأحداث أن الوساطة الأميركية وصلت إلى قضية تدفق النفط عبر خط الأنابيب العراقي- التركي المتوقف بسبب الشروط التركية المفروضة على العراق بعد أن وصلت أسعار برميل النفط إلى أسعار مرتفعة.

تفاهمات بغداد وكردستان وصلت إلى أروقة البرلمان العراقي حين التقى عدد من رؤساء الكتل الكردستانية في مجلس النواب العراقي في الأيام السابقة بنواب عراقيين يُعرف عنهم بمعارضة سياسات حكومة إقليم كردستان للتفاهم وأخذ الوعود بعدم معارضة إرسال الرواتب إلى الإقليم.

قرار المحكمة الإتحادية العليا في كانون الثاني/يناير عام 2023 بعدم دستورية إرسال مجلس الوزراء الإتحادي مبالغ مالية لتمويل مرتبات الموظفين والعاملين في القطاع العام بالإقليم وهو ما إعتبرته كردستان قراراً جائراً وخرقاً للدستور وبين قرارها الحالي الصادر في أيلول/سبتمبر برفضها إصدار أمر ولائي يقضي بتعليق قرار مجلس الوزراء العراقي القاضي بإرسال 700 مليار دينار إلى الإقليم بناءً على دعوى تقدم بها أحد البرلمانيين في مجلس النواب العراقي، ليضع علامة إستفهام كبيرة على سؤال عنوانه.. ما الذي تغير وقلب القرار؟ ولماذا تبدل الموقف؟

لا تنسوا تغريدة السفيرة الأميركية في بغداد رومانوسكي بمنصتها للثناء على الجهود المبذولة بين حكومة بغداد وإقليم كردستان داعية إلى حل بشأن الميزانية وتنفيذها.

إنفراجة وإن كانت وقتية للأزمة ولإثبات حُسن النوايا من جانب حكومة السوداني إلى الطرف الآخر وهي التي تترقب لقاء يجمعها ببايدن في نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثامنة والسبعين.

أزمة رواتب موظفي إقليم كردستان التي تعتبر حلاً وقتياً لحين تعديل الإتفاق مع بداية العام 2024 والتوصل إلى آلية جديدة.

في حكمة السياسة بالعراق إن أمرهم ليس بيدهم وإن تلويحة واحدة أو نظرة عتب من السفيرة الأميركية رومانوسكي قادرة أن تقلب المائدة، وما هُراء السياسيين وزعيقهم إلا عنتريات جوفاء وأصوات خاوية لإقناع من تبقّى من جمهورهم إن كلمتهم لازالت هي العليا.

للمتوهمين بوجود السيادة أو ما تبقّى منها في بلد مثل العراق نقول دقّقوا في رسالة الكونغرس لبايدن وفي تلميحة رومانوسكي ستفهمون جيداً ماذا يعني بلد يفتقد السيادة.