أزمة تجنيد الحريديم..انتخابات مبكرة تلوح في الأفق
القدس - يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو احتمال انفراط عقد حكومته المؤلفة من ائتلاف يميني متطرف، بسبب طرح عدم تجديد إعفاء اليهود المتشددين من الخدمة العسكرية الإلزامية، ما قد يؤدي إلى انتخابات نيابية مبكرة.
وعنونت صحيفة "ياتد نيمان" (الدعم الوفي) المتشددة "إسرائيل تقترب من الانتخابات"، ناقلة تصريحات منسوبة للحاخام دوف لاندو، أحد القادة الروحيين لحزب "يهودية التوراة الموحدة".
وكتبت الصحيفة نقلا عن المصدر ذاته "حكومة تتصرف بهذه الطريقة تجاه طلاب التوراة، إنه لأمر مخزٍ ويجب إسقاطها"، في إشارة إلى وعد لنتنياهو بتمرير قانون يضمن لطلاب المدارس التلمودية إعفاءهم من الخدمة العسكرية الإلزامية في إسرائيل لكل من الرجال والنساء ابتداء من سن 18 عاما.
وشُكّلت حكومة نتنياهو في ديسمبر/كانون الأول 2022، وصمدت بفضل تحالف بين حزبه، الليكود (يمين)، وتشكيلات من اليمين المتطرف وأحزاب يهودية متشددة مصممة على الحفاظ على هذا الإعفاء الذي تنتقده بشكل متزايد شرائح أخرى من المجتمع الإسرائيلي بعد ما يقارب 20 شهرا من الحرب مع حماس في غزة.
وبموجب ترتيب يعود إلى إنشاء دولة إسرائيل في العام 1948، استفاد الرجال الحريديم لعقود من الإعفاء العسكري بشكل فعلي، بشرط أن يكرسوا أنفسهم بشكل كامل لدراسة النصوص الدينية اليهودية المقدسة.
إلا أن المحكمة العليا طعنت بهذا الاستثناء في بداية القرن، ما دفع الحكومات المتعاقبة على ترتيب تسويات مؤقتة لإرضاء المتشددين الدينيين، صانعي الحكومات ومسقطيها.
وبإمكان نتنياهو نظريا الاستغناء عن دعم النواب السبعة لحزب "اليهودية الموحدة من أجل التوراة"، لكن فقدان دعم النواب الـ 11 لحزب شاس (الحزب اليهودي الديني المتشدد) سيجعله يخسر غالبيته الحكومية.
وإذا كانت الخلافات بدأت تظهر منذ أسابيع مع حاخامات حزب اليهودية الموحدة من أجل التوراة، فإن شاس يهدد اليوم بمغادرة الائتلاف الحكومي، على ما أكد مصدر في الحزب لوكالة فرانس برس، مطالبا بـ"حلّ قبل يوم الاثنين".
وتتمحور أبرز نقاط الخلاف حول مبادرة لوضع قانون قدمّها رئيس لجنة الدفاع البرلمانية يولي إديلشتاين (ليكود)، تهدف إلى زيادة تجنيد الحريديم وتشديد العقوبات بشكل كبير ضد الرافضين.
في مقابل ذلك، أعلن رئيس المعارضة يائير لابيد الأربعاء نيته تقديم مشروع قانون لحل البرلمان "الأسبوع المقبل"، مستفيدا من الدعم المحتمل الذي قد يحصل عليه من المتدينين المتشددين.
وغالبا ما كان ملف تجنيد اليهود المتدينين عنصرا متفجرا في السياسة الإسرائيلية. وتواجه السلطة التنفيذية منذ يونيو/حزيران 2024، ضغطا من القضاء للمضي قدما في تجنيد اليهود المتدينين المتشددين في ظل غياب قانون يضمن إعفاءهم بشكل قانوني.
وفي نيسان/أبريل، أعلن ممثل الجيش أمام لجنة برلمانية أنه من بين 18 ألف طلب تجنيد مُرسل إلى المتدينين الأرثوذكس، استجاب فقط 232 منهم لدعوة الخدمة العسكرية.
واقترح إديلشتاين خلال الاجتماع فرض عقوبات على الرافضين مثل حظر السفر خارج البلاد أو منع الحصول على رخصة القيادة.
وقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة تل أبيب إيمانويل نافون إن الحفاظ على هذا الإعفاء "مسألة وجودية للمتدينين الأرثوذكس المتشددين"، معربا عن اعتقاده بأنه "حتى لو أنهم لن يحصلوا ربما على نتائج أفضل مع حكومة أخرى، فقد يسيرون حتى النهاية" ويُسقطون الحكومة الحالية.
وبحسب استطلاع للرأي نُشر في الصحيفة اليمينية "يسرائيل هيوم" في مارس/آذار، يدعم 85 بالمئة من اليهود الإسرائيليين تغييرا في قانون التجنيد الخاص بالحريديم، ويفضّل 41 بالمئة قانونا يجعل الخدمة العسكرية (32 شهرا للرجال) إلزامية فعليا لجميع أولئك الذين في سن التجنيد.
ويرى نافون كذلك أن نتنياهو (75 عاما) الذي يحمل الرقم القياسي في البقاء في السلطة في إسرائيل، "يعتبر أنه لا يمكن استبداله وسوف يترشح في الانتخابات المقبلة" المقررة في نهاية العام 2026 إذا استكمل البرلمان الحالي مدته.
إلا أن رئيس الوزراء يواجه حاليا "معضلة"، بين خطر فقدان أغلبيته في حال عدم إقرار قانون دائم يعفي المتدينين المتشددين، وخطر فقدان قاعدته الانتخابية أو حصول تمرد داخل الليكود.
ومن أجل إنقاذ الحكومة، على نتنياهو إرضاء مختلف تشكيلات الائتلاف بشأن هذه المسألة الحساسة، وهو اختبار سياسي دقيق أصبح خبيرا فيه ولكنه فشل فيه في ديسمبر/كانون الأول 2018، عندما سقطت حكومته آنذاك.