أزمة نقص العاملين في مجال الصحة تؤرق العالم

منظمة الصحة العالمية تدق ناقوس الخطر منذ سنوات، مجهزة خطط عمل لمعالجة هذا النقص، لكن لا بد من الحصول على الدعم اللازم من الدول الأعضاء.

جنيف - حذر مدير إدارة تعزيز الصحة في منظمة الصحة العالمية روديغر كريتش من مخاطر أزمة نقص الأطباء المستمرة منذ نحو عقدين في ظل عالم يعاني من اضطرابات متلاحقة تعيد إلى الأذهان ظروف ما بعد الحرب العالمية الثانية.

وتوقعت هيئة الصحة العالمية، مؤخرا، أن يكون هناك نقص في 10 ملايين عامل في مجال الصحة والرعاية بحلول عام 2030، استنادا إلى الاتجاهات الحالية، لاسيما مع "النقص الحاد" للعاملين في هذا المجال في البلدان الأكثر فقرا.

وأكد روديغر كريتش أن الخبراء "يعرفون ما عليهم فعله للحد من هذا النقص"، إلا أن جهود معالجة هذه الأزمة تتطلب دعما من الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية.

وتدق منظمة الصحة العالمية ناقوس الخطر منذ سنوات، "لأننا نواجه نقصا خطيرا في عدد العاملين في مجال الصحة والرعاية"، بحسب كريتش، لافتا إلى أنه "يمكن التغلب على هذه المشكلة بالحصول على الدعم اللازم من الدول الأعضاء" (عددها 194 وجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة باستثناء ليختنشتاين وجزر كوك ونيوي).

وكشف أن منظمة الصحة العالمية لديها "خطط عمل جاهزة على المستويين الإقليمي والعالمي حول كيفية معالجة النقص في العاملين في مجال الرعاية الصحية"، لكنه يعترف بأنه "على الرغم من كل هذه الجهود لا تتخذ البلدان الخطوات اللازمة لتخفيف هذا النقص بشكل كاف".

وقال "يمكننا القيام بالكثير لتنظيم ظروف العاملين في مجال الرعاية الصحية، وتوفير الرواتب من أجل صحة الناس"، مضيفا أن العالم يشهد اليوم "حالة اضطراب" مثلما كان الحال عندما تأسست منظمة الصحة العالمية بعد الحرب العالمية الثانية.

وأوضح أن العالم "لا يواجه جائحة فايروس كورونا فحسب، بل يواجه في الوقت نفسه أزمة مناخية ضخمة، وأزمة اجتماعية وحربا في المنطقة"، متابعا أن "منظمة الصحة العالمية وغالبية البلدان بحاجة إلى النظر في كيفية مساعدة الناس، على التعامل بشكل أفضل مع حالة انعدام الأمن التي تسببها كل هذه الأزمات".

ومن بين الأزمات التي ضربت العالم قبل جائحة كورونا، هناك أزمة إنفلونزا الطيور "H5N1" وإنفلونزا الخنازير "H1N1"، إضافة إلى معاناة بعض المناطق خلال تلك الألفية الثالثة، مع فايروس "زيكا" الذي ينقله البعوض وأيضا فايروس إيبولا.

أطباء
روديغر كريتش: العالم يحتاج إلى مجتمعات أكثر قدرة على التعامل مع الضغط الواقع على النظام في المواقف الصعبة

وصرح كريتش "لقد تلقينا الكثير من الانتقادات في منظمة الصحة العالمية بعد أزمة الإيبولا في عام 2015، وكان الكثير من هذا النقد مبررا تماما"، معتبرا أن تعامل المنظمة مع أزمة إيبولا "خدم سيناريوهات الاستجابة لجائحة كورونا"، مشيرا إلى أنه كان بالإمكان "تجنب العديد من الوفيات الناتجة عن فايروس كورونا".

ويرى أنه كان بإمكان "تقصير وقت أزمة كورونا وتفادي وقوع العديد من الوفيات"، إلا أنه حمل بعض الدول مسؤولية استمرار الجائحة لنحو عامين وسقوط ملايين الوفيات، متابعا "نظرا لأن الكثير من الدول الأعضاء قامت بتسييس الوباء، فقد تسببنا في وفيات أكثر بكثير مما هو ضروري".

وتحدث عن تحول "تضامن" بعض الدول إلى "صدقة" عندما تعلق الأمر بالاستجابة لتداعيات الجائحة، قائلا "على الرغم من أن الدول أبدت تضامنا مطلقا في البحث والتطوير في مجال اللقاحات، فقد تحول التضامن إلى صدقة عندما تعلق الأمر بتوزيع جرعات اللقاح".

وأضاف أنه "بمجرد توفر اللقاحات اشترتها الدول الغنية بأعداد كبيرة لمواطنيها، ثم حصلت عليها الدول الفقيرة في وقت لاحق".

وأوضح الدرس الثاني الكبير للأنظمة الصحية في جميع أنحاء العالم هو أن "الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة بينها السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية وأمراض الجهاز التنفسي أو مرض السكري لم يتلقوا الرعاية الصحية التي كان ينبغي أن يحصلوا عليها أثناء فترة وباء كورونا، مما أدى إلى ارتفاع أعداد الوفيات".

العالم "لا يحتاج فقط إلى أنظمة صحية مرنة، لكن يحتاج إلى مجتمعات أكثر قدرة على التعامل مع الضغط الواقع على النظام في المواقف الصعبة"، بحسب كريتش.

وتم الإبلاغ عن أكثر من 762 مليون حالة إصابة بفايروس كورونا، وأكثر من 6.89 مليون حالة وفاة في 192 دولة ومنطقة على الأقل منذ ديسمبر/كانون الأول 2019، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.