بلينكن يستكشف في السعودية فرص طي صفحة التوترات
واشنطن - استبق وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن زيارته للسعودية بتصريحات أجمل فيها على ما يبدو القضايا التي سيناقشها مع كبار المسؤولين في المملكة ومن ضمنها الجهود التي تقودها واشنطن لدفع الرياض للتطبيع مع إسرائيل والتأكيد على منع إيران من امتلاك سلاح نووي والتلويح بكل الخيارات المتاحة لتحقيق ذلك.
لكن بلينكن الذي يصل غدا الثلاثاء في زيارة رسمية تستمر حتى الخميس سيعمل كذلك على استكشاف فرص ترميم الشروخ في العلاقات الأميركية السعودية وسط مؤشرات على هدوء التوترات بين الحليفين اللذين يقودان حاليا مبادرة لوقف إطلاق النار في السودان ويعملان أيضا على تعزيز التعاون الأمني.
ويعتقد أن واشنطن المدفوعة بمخاوف من التفاتة الصين لتعزيز نفوذها في الشرق الأوسط وتنامي العلاقات بين دول الخليج وبكين، أصبحت أكثر قناعة بضرورة معالجة ما وصفته وكالة بلومبرغ الأميركية بـ"الصدع العميق" في العلاقات منذ قرار تحالف أوبك+ الذي يضم 13 عضوا في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) و13 من خارجها بقيادة روسيا، العام الماضي بخفض الإنتاج بنحو مليوني برميل يوميا.
وكان تعليق الولايات المتحدة على قرار أوبك+ أمس الأحد بخفض جديد، أكثر هدوء من ذلك الموقف المتشنج الذي عبرت عنه إدارة بايدن بعد قرار الخفض الأول (في 2022).
وتنتظر الولايات المتحدة كذلك إلى مسألة انجاز تطبيع للعلاقات بين إسرائيل والمملكة كأمر ملح استكمالا لجهود سابقة في عهد إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب التي رعت اتفاقيات ابراهام للسلام في الشرق الأوسط بين تل أبيب والإمارات والبحرين والمغرب والسودان.
وعلى ضوء ذلك يعتقد الأميركيون أن معالجة مجمل هذه القضايا اصبح أمرا ملحا أكثر من استمرار الخلاف مع المملكة التي شكل توقيعها اتفاق مصالحة مع إيران انعطافة كبيرة أعادت خلط الأوراق في الشرق الأوسط ورسمت ملامح خارطة سياسية جديدة وأظهرت في الوقت ذاته السعودية كلاعب إقليمي وازن وقوة دبلوماسية لا يمكن تجاهل تأثيرها.
وأكد بلينكن الاثنين أن تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل يندرج ضمن المصالح الأمنية للولايات المتحدة. وقال في خطاب أمام منظمة 'أيباك' (المؤيدة لإسرائيل) في واشنطن "لدى الولايات المتحدة مصلحة فعلية على صعيد الأمن القومي في إرساء تطبيع بين إسرائيل والسعودية".
وأضاف "نستطيع وعلينا أن نؤدي دورا كاملا للمضي قدما في هذه المسألة"، لكنه تدارك بالقول إنه "ليس لديه أي أوهام لجهة إمكان القيام بذلك سريعا أو في شكل سهل"، مشددا على أنه سيعمل على هذا الملف خلال زيارته للملكة بين الثلاثاء والخميس.
ويتوجه بلينكن الثلاثاء إلى مدينة جدة السعودية على البحر الأحمر والى الرياض الأربعاء والخميس حيث يشارك خصوصا في اجتماع للتحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
وفي خطابه الاثنين، كرر بلينكن دعم الولايات المتحدة "الراسخ" للحليف الإسرائيلي الذي تقدم إليه واشنطن سنويا مساعدات بمليارات الدولارات، مجددا التأكيد على أن إدارة جو بايدن ترى أن إيران هي التهديد الرئيسي لأمن الدولة العبرية.
وقال "إذا رفضت إيران سلوك طريق الدبلوماسية فكما كرر الرئيس بايدن بوضوح، تبقى كل الخيارات مطروحة لضمان عدم امتلاك إيران أسلحة نووية"، منددا بالأنشطة العدوانية لطهران "في المنطقة وخارجها".
كما ندد بالعلاقات العسكرية المتنامية بين إيران وروسيا، مشيرا إلى أن موسكو تزود طهران بما قال إنها "أسلحة متطورة".
وألقت وكالة بلومبرغ الأميركية في تقرير الضوء على زيارة بلينكن للسعودية، باعتبارها أحدث علامة على تحسن العلاقات بين واشنطن والرياض بعد خلاف العام الماضي اثر خفض تحالف أوبك+ إنتاج النفط بنحو مليوني برميل يوميا.
وأشارت إلى أن عقود الدفاع والطيران من بين المؤشرات التي تشير إلى تحسن العلاقات بين البلدين وأنهما اتخذا قرارا بالمضي في معالجة الخلافات، مشيرة إلى عدة نقاط تؤكد على جود بوادر لطي صفحة التوتر من بينها أنهما يعملان معا على إرساء هدنة في السودان لوقف القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع إضافة الى استقبال المملكة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في القمة العربية الأخيرة والتعاون في مجال الفضاء.
الوكالة الأميركية نقلت أيضا عن الباحثة الأولى في مركز سياسة الطاقة العالمية في جامعة كولومبيا الأميركية كارين يونج قولها إن المخاوف الأميركية من مشاركة الصين في البرنامج النووي المدني للمملكة ضمن 'رؤية 2030' قد تدفع واشنطن إلى إيجاد حل وسط مع الرياض.