أسباب اجتماعية ومناطقية وراء عُزوف التونسيين عن الانتخابات المحلية

علماء اجتماع ومسوؤلون في هيئة الانتخابات يعتبرون أن التفاوت في الاقتراع بين المناطق الريفية والحضرية يعود لتطلع أبناء الجهات لتغيير واقعهم وتجاوز سياسة التهميش والعمل على تحقيق التنمية.
تردي الوضع الاجتماعي من بين أسباب عزوف الناخب التونسي عن التصويت
مسؤول في هيئة الانتخابات ينفي أن تكون المعارضة وراء العزوف عن الانتخاب

تونس - قال الرئيس التونسي قيس سعيد إنّ سبب عزوف مواطنيه عن مراكز الاقتراع في انتخابات المجالس المحلية الأحد، هو "رفض عامة التونسيين لفكرة البرلمان" وذلك ردا على مواقف بعض أحزاب المعارضة التي تروج بان العزوف هو رفض لمسار 25 يوليو/تموز 2021 فيما فسر علماء اجتماع ومسؤولون في هيئة الانتخابات ضعف الاقبال وفق أبعاد اجتماعية ومناطقية.
وكانت هيئة الانتخابات في تونس اكدت مساء الأحد، أن نسبة المشاركة في انتخابات المجالس المحلية بلغت 11.66 بالمئة من مجموع الناخبين، بعد انتهاء عملية التصويت وإغلاق مراكز الاقتراع وهي نسبة قريبة من نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية الماضية.
وقال سعيد وفق فيديو نشرته الرئاسة التونسية، خلال زيارة أجراها لمؤسسة الفولاذ في مدينة منزل بورقيبة بمحافظة بنزرت شمالي تونس إنّ "هذا الرفض كان بسبب البرلمانات التي كانت صورية قبل 2011، ثم البرلمانات التي كانت تتحكّم فيها المافيات بعد 2011" مضيفا أنه "لا بد من وقت كي يستعيد التونسي ثقته في من يتولى أمره".
وتابع: "أن تكون نتيجة الانتخابات حقيقية أفضل من 99% مزيفة"، في إشارة للاستحقاقات الانتخابية التي أجريت قبل إجراءات 25 يوليو/تموز 2021 (تاريخ تجميد عمل البرلمان وإقالة حكومة هشام المشيشي ورفع الحصانة عن النوّاب).
والاثنين، شكك أحمد نجيب الشابي رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، في نتائج انتخابات الأحد، معتبراً أن تدنّي نسبة المشاركة فيها دليل على رفض الشعب لمسار الرئيس قيس سعيد.
بدورها اعتبرت حركة النهضة في بيان الاثنين أن نتائج انتخابات المجالس المحلية التي أجريت الأحد "أظهرت مقاطعة تسعة أعشار الشعب التونسي ولا مبالاته".
والأحد، جرت أوّل انتخابات محلية بتاريخ تونس، تنافس فيها 7 آلاف و205 مرشحين من الأحزاب الداعمة للرئيس سعيد والمستقلين، للفوز بألفين و155 مقعداً من أجل تشكيل 279 مجلساً محلياً.
وتعد هذه الانتخابات آخر حلقة في سلسلة تشكيل مؤسسات الحكم وفقاً لإجراءات سعيد "الاستثنائية"، بعد الاستفتاء على دستور جديد في 25 يوليو/تموز 2022، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة في ديسمبر/كانون الأول 2022.
وتشير الكثير من التقارير الى وجود تفاوت في نسب التصويت بين المناطق الريفية والداخلية وبين المناطق الحضرية وفي المدن الكبرى وخاصة العاصمة بسبب اختلاف التطلعات والامال.
وفي مقابلة مع وكالة الانباء الرسمية التونسية (وكالة تونس افريقيا للأنباء) الثلاثاء فسر أستاذ علم الاجتماع سامي بن نصر، هذا التفاوت في نسب الإقبال على التصويت بالاختلافات القديمة المتجددة بين الجهوي والمركزي ومدى تمتع المواطنين بنسبة أمل في هذه الانتخابات ذات البعد المحلي الجهوي اللصيق بمشاغل المواطنين.
واضاف " إن مواطني الجهات يحدوهم الأمل في أن تتحسن الأوضاع وفي أن يرد لهم الاعتبار بعد عقود من التهميش ، أكثر من مواطني المركز "
وقال أن لوسائل التواصل الاجتماعي دور في التأثير سلبا على الناخبين ، فهي تصيب مستخدميها بمشاعر الإحباط واليأس القتامة، وهو ما يتعارض مع العالم الحقيقي الذى يحاول الناس دائم ا في ظله زيادة مشاعرهم الإيجابية إلى أقصى حد ممكن.

لوسائل التواصل الاجتماعي دور في التأثير سلبا على الناخبين

وقال في هذا الصدد "ذلك يفسر العزوف عن المشاركة في الانتخابات كنتيجة حتمية لتأثير العالم الافتراضي".
وأضاف في هذا الخصوص "أن مضار وسائل التواصل الاجتماعي محدودة في الأرياف ، وهو ما يفسر كذلك ارتفاع نسبة الأمل في التغيير وبالتالي الإقبال على الانتخابات.
وتحدث سامي بن نصر عن الابعاد الاجتماعية وراء العزوف عن المشاركة في الانتخابات خاصة من بين الشباب قائلا" أن الوضع الاجتماعي في البلاد أثر بدوره على نسبة الاقبال الضعيفة على الانتخابات".
واضاف "لو كان الوضع الاجتماعي في تونس اليوم سليما لكانت الانتخابات المحلية تسجل أرقام مشاركة قياسية، نظرا إلى أن التعامل المباشر مع الناخبين يعطي شعورا بالثقة والأمل فضلا عن أن المواطنين يراهنون على الأشخاص الذين يعرفونهم معرفة شخصية".
وشدد على أن ضعف نسبة المشاركة ليس مقاطعة دعما للمعارضة بل العكس تماما قائلا في هذا الصدد "لو قامت المعارضة بحملات مكثفة وواسعة للدعوة لمقاطعة الانتخابات لربما كانت النتيجة عكسية وأقبل المواطنون على الانتخابات نكاية فيها بسبب تواصل رفضهم للمعارضة بوجوهها المعروفة".
وكان عضو مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، أيمن بوغطاس، اكد في تصريح سابق لوكالة الانباء الرسمية التونسية بأن تسجيل الولايات الداخلية أو ذات الطابع الريفي لأعلى نسب إقبال على التصويت في انتخابات المجالس المحلية، بأنها "انتخابات تهتم أساسا بالتنمية"، وهي مسألة قال إنها تطغى دائما على اهتمام مواطني المناطق الداخلية الريفية.
وأضاف أن ها انتخابات تنطلق من العمادات موضحا ان "العمادة تعد أصغر تقسيم جغرافي في البلاد في مناطق ربما يرى مواطنوها أنفسهم يعيشون في ظل النسيان مما يعني فرصة لهم ليكونوا ممثلين في مجالس محلية تهتم بالتنمية وتصبح أصواتهم مسموعة مقارنة بالمدن الكبرى والعاصمة أو المناطق الحضرية حيث تختلف نوعية المشاغل والاهتمامات".