أكبر ميليشيات طرابلس تتجاهل دعوة المجلس الرئاسي لوقف القتال
طرابلس - تجددت الاشتباكات المسلحة، صباح الجمعة، بين جهازي قوة الردع والحرس الرئاسي أكبر الميليشيات في العاصمة الليبية بمنطقة السبعة شرق طرابلس وصولا إلى جزيرة الفرناج، بعد ليلة من المواجهات أسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص بينهم طفل صغير وإصابة إثنين بجروح.
ونقلت بوابة الوسط" المحلية عن سكان المنطقة المجاورة لسجن "الجديدة" على الطريق الساحلي، قولهم إنهم يسمعون أصوات إطلاق نار كثيف بالسلاح الخفيف والمتوسط بعد ليلة شهدت فيها ضواحي العاصمة اشتباكات عنيفة.
وفي وقت سابق الجمعة، أغلقت ليبيا حركة الملاحة الجوية بمطار معيتيقة الدولي في العاصمة، وتم تحويل كافة الرحلات إلى مطار مصراتة الدولي، بعدما وصلت الاشتباكات التي استخدمت فيها جميع أنواع الأسلحة المتوسطة والثقيلة إلى محيط المطار، وخشية من سقوط قذائف وصواريخ داخله.
ويبدو أن التشكيلات المسلحة التابعة للمجلس الرئاسي تجاهلت دعوته بوقف النار فورا والعودة إلى مقراتها، لتعود مجددا إلى المواجهات بعد ساعات من التوقف عن القتال بتدخل اللواء 444 قتال برئاسة محمود حمزة الذي تم تشكيله قبل نحو سنتين تحت إشراف وتدريب تركي. وانتشر اللواء بعدها في كامل طرابلس.
وكان المجلس الرئاسي قال في بيان صباح الجمعة، أبرز فيه كونه القائد الأعلى للجيش الليبي، إن الاشتباكات في مدينة طرابلس تسببت في إرهاب المواطنين الآمنين في بيوتهم، مطالبا علي وجه السرعة من جميع أطراف الصراع وقف إطلاق النار والعودة إلى مقراتهم فورا.
كما دعا المجلس النائبَ العام والمدعيَ العام العسكري إلى فتح تحقيق شامل في أسباب الاشتباكات، مطالبا وزيري الدفاع والداخلية بحكومة الوحدة باتخاذ التدابير اللازمة لفرض الأمن بالعاصمة.
واندلعت الاشتباكات، منتصف ليل الخميس/الجمعة، بين عناصر مسلحة من "جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة" وأخرى تابعة لكتيبة "ثوار طرابلس" التابعين للمجلس الرئاسي، بمنطقة عين زارة، قبل أن تتسع دائرة الاشتباكات لتشمل أحياء الفرناج والسبعة وطريق الشوك، وأيضاً زاوية الدهماني، مخلفة ضحايا وأضراراً مادية بالغة.
والمواجهات التي دارات رحاها بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة بمناطق سكنية في طرابلس كمنطقتي الفرناج وزاوية الدهماني، جاءت على خلفية اختطاف جهاز الحرس الرئاسي أحد عناصر جهاز الردع وهو عصام هروس بمنطقة معسكر السعداوي، وذلك ردا على اعتقال "الردع" أحد عناصرها وهو أكرم دغمان، المتهم بقضايا قتل وخطف وتعذيب وابتزاز.
وأسفرت المواجهات المسلحة عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل بينهم طفل صغير وإصابة اثنين، وأحدثت حالة من الفزع بين السكان المحليين.
وانتشرت مقاطع مصورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تظهر عددا من النساء يستغثن من داخل أكثر من 3 قاعات أفراح، بشارع النواعم، بالقرب من جزيرة الفرناج يطالبن بإخراجهن، وسط تعالي أصوات القذائف والرصاص من حولهن، مع بكاء شديد للأطفال والنساء.
في هذه الأثناء يعمل مركز طب الطوارئ والدعم مع قسم الإسعاف والطوارئ بطرابلس، على فتح ممرات آمنة للعائلات العالقة بمنطقة الفرناج، نتيجة الاشتباكات الدائرة، بالتعاون مع الأمانة العامة للهلال الأحمر الليبي.
وقال الناطق باسم جهاز الإسعاف الليبي أسامة علي، إن "مستشفى طرابلس الطبي استقبل 3 قتلى وإصابتين جراء الاشتباكات المسلحة التي شهدتها منطقة عين زارة جنوبي طرابلس الليلة الماضية".
وأضاف علي، في تصريحات لقناة "ليبيا الأحرار" (خاصة)، إن "الحصيلة تعتبر أولية وهم في انتظار إعلان المصحات الخاصة عن الحصيلة النهائية لديها".
من جهة أخرى، أكد الناطق الرسمي باسم مركز الطب الميداني مالك مرسيط في تصريح لوكالة "سبوتنيك" الروسية سقوط قتيل خلال اشتباكات طرابلس وإخراج 20 شخص كانوا عالقين في مناطق الاشتباكات في منطقة الفرناج.
وأكد مرسيط على "سقوط قتيل واحد بسبب الاشتباكات التي اندلعت في منطقة الفرناج وعين زارة بالعاصمة طرابلس"، مؤكداً أن "اخراج جميع النساء من صالة النواعم للأفراح الذين كانوا عالقين في محيط الاشتباكات".
وتهدد أعمال العنف الأخيرة السلام النسبي بعد ما يقرب من عقد من الحرب الأهلية، وهي تأتي في الوقت الذي تواجه فيه البلاد مأزقا سياسيا بين سلطتين متنافستين.
وأثارت الانقسامات حوادث عنف عدة في طرابلس خلال الأشهر الأخيرة.
وأعلن مركز طب الطوارئ والدعم في طرابلس أنه يواصل في توفير ممرات آمنة للعائلة العالقة في منطقة الفرناج حتى اللحظة.
وترتب على هذه الاشتباكات أضرار جسيمة في ممتلكات المواطنين ومنازلهم، حيث احترق مبنى سكني مكون من ثلاثة طوابق بالقرب من جزيرة الفرناج، بالإضافة لعدد من الممتلكات العامة منها جامعة طرابلس، ومراكز الشرطة، وعدد من مقرات الدوائر الحكومية الموجودة في محيط موقع الاشتباكات.
تشهد العاصمة طرابلس بشكل متكرر اشتباكات مسلحة بين الميليشيات المنتشرة فيها والتي تتبع للأجهزة الأمنية المختلفة، وترتبط بعلاقات متناقضة وتتنافس على مناطق النفوذ ومصادر الثروة.