أمير الكويت يزور تركيا في أول محطة غير عربية

تركيا تطمح إلى توثيق التعاون العسكري مع الكويت وتتويجه بقاعدة عسكرية على أراضيها إضافة إلى ابرام اتفاقية اقتصادية شاملة.

الكويت - يستعد أمير دولة الكويت الشيخ مشعل الأحمد لزيارة تركيا الثلاثاء، في أول زيارة إقليمية له لدولة غير عربية منذ توليه الحكم في ديسمبر/كانون الأول الماضي، حيث تشهد العلاقات التركية الكويتية تطورا ملحوظا مع رغبة أنقرة في زيادة التعاون العسكري والاقتصادي مع طموحها في بناء قاعدة عسكرية في الدولة الخليجية.

وقالت وكالة الأنباء الكويتية "كونا"، إن أمير البلاد والوفد الرسمي المرافق له، "سيغادر أرض الوطن يوم غد الثلاثاء متوجهاً إلى جمهورية تركيا الصديقة، وذلك في زيارة دولة".

وزار أمير الكويت خلال الأشهر القليلة الماضية دول الخليج الست إضافة إلى الأردن ومصر.

وعلقت سفيرة تركيا لدى الكويت طوبى نور سونمز قائلة إن هذه الزيارة "ليست فقط دلالة على الصداقة العميقة والتعاون بين بلدينا، ولكنها تمثل أيضاً أول زيارة رسمية لصاحب السمو خارج العالم العربي، وهي ".

وأكدت في مقال لها، أن البلدين يحتفلان، خلال العام الجاري، بـ"الذكرى الستين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين تركيا والكويت، وهي رحلة اتسمت بالتفاهم المتبادل والمصالح المشتركة والالتزام بالسلام والاستقرار الإقليميين".

وتوقعت أن تكون زيارة أمير الكويت "علامة فارقة حاسمة، حيث ستضفي زخماً جديداً على تعاوننا الثنائي في مختلف القطاعات، بما في ذلك التجارة والدفاع والتبادل الثقافي".

وشهدت العلاقات التركية الكويتية تطوراً ملموساً خلال السنوات الأخيرة، حيث وقع الطرفان عدداً من الاتفاقات الاقتصادية والعسكرية والأمنية.

وقد ساعدت اللجنة المشتركة التي شكلها البلدان عام 2018، في دفع العلاقات الثنائية بشكل لافت. كما شهدت السنوات الأخيرة تطورات سريعة في العلاقات بين تركيا ودول الخليج العربي، قادها تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية بين هذه الدول.

وتطمح تركيا إلى توثيق التعاون العسكري مع الكويت وتتويجه بقاعدة عسكرية على أراضيها، وهو ما ألمحت إليه السفيرة سونمز خلال احتفال السفارة بـ”يوم النصر الـ101” بحضور مسؤول عسكري كويتي حيث أكدت استعداد بلادها لتزويد الكويت بمعدات عسكرية وتسريع إنجاز صفقة الطائرات المسيرة "بيرقدار"، مؤكدة استعداد تركيا لإقامة قاعدة عسكرية لها على الأراضي الكويتية في حال "طلبت الكويت ذلك".

واعتادت الكويت الاعتماد على تحالفها الوثيق مع الولايات المتّحدة لحماية أمنها من التهديدات الخارجية، لكنّ التراجع الملحوظ للدور الأميركي في المنطقة وتراخي حكومة الرئيس الديمقراطي جو بايدن عن حماية أمن ومصالح حلفاء الولايات المتّحدة في الإقليم واستعدادها لعقد صفقات مع كبار أعدائهم، دفع دول الخليج ومن بينها الكويت إلى البحث عن شراكات وتحالفات جديدة عبر العالم، وهو الأمر الذي استفادت منه تركيا بحد ذاتها لطيّ صفحة الخلافات الحادة مع السعودية بعد أن عملت لسنوات على تأجيجها.

وبحسب مراقبين فإنّ حصول تركيا على موطئ قدم لجيشها في منطقة عالية الحساسية بالنسبة إلى دول الإقليم ولعدد من القوى الدولية أمر لا يخلو من صعوبات وعوائق على رأسها ممانعة مختلف تلك القوى ذات العلاقات التاريخية والمصالح المتشابكة مع الكويت للمسعى التركي.

ويرى المراقبون أنّ ما يشجّع تركيا على طموحها للتواجد عسكريا في الكويت هو استشعارها لحالة قلق كويتية بشأن التهديدات الناجمة عن ضعف الوضع الأمني في العراق المجاور حيث تتواجد كيانات عسكرية موازية وغير نظامية متمثّلة في الميليشيات الشيعية التي سبق أنّ وجّه بعض أكثر زعمائها تطرّفا وتشدّدا طائفيا تهديدات صريحة للكويت على خلفية اتهامها بالاستيلاء على أراض عراقية.

وسبق أن تدخلت تركيا في الشأن الداخلي الكويتي، حيث فتحت أراضيها خلال السنوات الماضية لأعضاء من جماعة الإخوان الفارين من وجه العدالة الكويتية.

وتروّج أنقرة بشأن تنامي تعاونها الدفاعي مع الكويت، حيث أشارت سونمز إلى توقيع الطرفين التركي والكويتي عقدا لشراء 18 طائرة مسيّرة تركية الصنع من طراز بيرقدار، مؤكدة أنّ بلادها “جاهزة لتسليم المسيّرات وقتما تشاء الكويت".

وأثنت السفيرة في حديث نقلته وسائل إعلام كويتية على تطوّر قدرات الجيش التركي قائلة إنّه "قطع شوطا بعيدا في مجال الإصلاحات والتخطيط والتدريب والاستثمار في التكنولوجيا والتحديث المؤسسي، حتى أصبح اليوم واحدا من أرقى وأقوى الجيوش في العالم"، لافتة إلى أن المعدات العسكرية تركية الصنع باتت تشكل أكثر من 75 في المئة من مخزون تركيا من السلاح، مضيفة "برزنا أيضا كمزود موثوق للمعدات الدفاعية لشركائنا العالميين، وفي 2022 سجلت صادرات الأسلحة التركية رقما قياسيا بلغ 4.4 مليار دولار".

وتجنّب الجانب الكويتي الممثّل في حفل السفارة التركية التعليق بشكل مباشر على الرغبة التركية في إقامة قاعدة عسكرية على أراضي الكويت.

واكتفى رئيس هيئة الخدمة الوطنية العسكرية العميد محمد الجسار الذي مثّل بلاده في الحفل بكلام بروتوكولي مشيدا بـ"عمق العلاقات التاريخية الممتدة لعقود طويلة بين الكويت وتركيا"، لافتا إلى "انتهاج البلدين سياسة التعاون لنشر السلام والاستقرار"، معتبرا أنّ "لدى الكويت وتركيا العديد من القواسم المشتركة، فهما تسعيان إلى السلام وتتمسكان بالمبادئ الدفاعية نفسها".

وأشار إلى أن التعاون الدفاعي ما بين البلدين يواصل نموه في قطاعات عدة وأن الاجتماعات مستمرة بين مسؤولي الدفاع في البلدين لاستكشاف آفاق التعاون وتبادل الأفكار والرؤى ووجهات النظر، وموضّحا أن من ثمرات هذا التعاون تعزيز القدرات الدفاعية للجيش الكويتي بالطائرة المسيّرة بيرقدار تركية الصنع التي “أثبتت جدارتها وفاعليتها على مسرح العمليات”.

وتعتبر الكويت سوقا مهمة للاقتصاد التركي، حيث كشف وزير التجارة التركي عمر بولات في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عن عرضه على الكويت توقيع اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة، وهو ما وعد المسؤولون الكويتيون بالتفكير فيه.

وبحسب ما ذكرت صحيفة "الأنباء" الكويتية، فإن بولات أشار إلى أن "مثل هذه الاتفاقية وقعتها تركيا سابقاً مع كل من قطر ودولة الإمارات، وبعد عرضها على المسؤولين في الكويت وعدونا بالتفكير في الأمر، وسننتظرهم قريباً في أنقرة أو إسطنبول لمتابعة هذه الأمور".

كما أشار أيضاً في إلى "التسهيلات الكبيرة للمستثمرين الأجانب في تركيا، في مجال الضرائب والتسجيل والتجارة الخارجية والقوانين التجارية والوساطة"، مؤكداً أنه "ليس لدينا أي تمييز ضد المستثمرين الأجانب، والجميع متساوون عندنا".

وبيّن أن "رجال الأعمال الأتراك عقدوا جلسات ثنائية مع رجال أعمال كويتيين، ونأمل في أن نرى نتائج إيجابية لهذه الاجتماعات قريباً".