أنشطة إيران وصواريخها الباليستية تثير قلق الناتو

دول أعضاء في حلف الأطلسي تدعم الاتفاق النووي الإيراني وتسعى لمنع انهياره، إلا أنها لا تبدي ارتياحا لأنشطة طهران المزعزعة للاستقرار في المنطقة ولا لاختباراتها الصاروخية المكثفة.

الناتو يوجه رسالة واضحة وصريحة لإيران
الحلف الأطلسي لا يمكن أن يتجاهل سياسات إيران العدائية

بروكسل - عبر حلف شمال الأطلسي الأربعاء في قمته المنعقدة ببروكسل، عن القلق من "الأنشطة المزعزعة للاستقرار" التي تقوم بها إيران في منطقة الشرق الأوسط.

كما عبر عن قلقه من "الاختبارات الصاروخية المكثفة" التي تجريها طهران ومن مداها ودقتها.

ويأتي موقف حلف شمال الأطلسي الصريح من التهديد الذي تشكله صواريخ إيران الباليستية وأنشطتها في المنطقة بينما تتمسك دول أوروبية أعضاء في الحلف بالاتفاق النووي الإيراني الذي انسحبت منه الولايات المتحدة في مايو/ايار.

وتسعى الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي للعام 2015، إلى الفصل بين الاتفاق كالتزام من قبل الموقعين عليه بما في ذلك إيران وبين أنشطتها المثيرة للقلق.

وسبق للرئيس الفرنسي امانويل ماكرون أن اقترح ضمن جهوده لمنع انهيار الاتفاق النووي، تعديل الاتفاق ليتضمن قيودا إضافية على برنامج طهران للصواريخ الباليستية وأيضا كبح أنشطتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة.

ورفضت إيران إدخال أي تعديلات على الاتفاق وسعت لممارسة ضغوط على الدول الأوروبية الموقعة على اتفاق العام 2015 مستغلة مخاوفها من تضرر مصالحها في حال انهيار الاتفاق بالكامل.

وبالفعل نجحت طهران في انتزاع ضمانات أوروبية لاستمرار تدفق النفط الإيراني والمعاملات التجارية والمصرفية، إلا أن التعهدات الأوروبية تبدو عمليا غير قابلة للتطبيق في ظل بدء شركات أوروبية في مغادرة السوق الإيرانية أو تعليق أنشطتها خشية أن تطالها العقوبات الأميركية.

والقلق الذي أعلنه حلف الأطلسي الأربعاء من سياسات إيران العدائية وبرنامجها للصواريخ الباليستية يشكل رسالة واضحة لطهران التي تراهن على الدعم الأوروبي للخروج من الضغوطات الأميركية بأقل الأضرار الممكنة.

وكانت السعودية قد أعلنت مرارا عن تدمير صواريخ باليستية إيرانية الصنع أطلقها المتمردون الحوثيون من الأراضي اليمنية باتجاه أهداف في المملكة.

وأكدت تقارير دولية وأممية أن بقايا حطام الصواريخ التي أسقطت في السعودية إيرانية الصنع، في الوقت الذي تصرّ فيها إيران كذبا أن لا صلة لها بتلك الصواريخ.

صواريخ إيران الباليستية
صواريخ إيران الباليستية تهديد لأمن المنطقة وللاستقرار الاقليمي

 وأعلن قادة الحلف "التزامهم الثابت" بأهداف الإنفاق الدفاعي المتفق عليها وشددوا على مخاوفهم إزاء التهديدات التي تمثلها روسيا وإيران وكوريا الشمالية.

وفي إيماءة واضحة لانتقادات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن الشركاء في الحلف ينفقون القليل جدا على الدفاع قال الحلف في بيان "نحن ملتزمون بتحسين توازن المشاركة في نفقات ومسؤوليات عضوية الحلف".

وعبر القادة عن مخاوفهم من الأنشطة التي انتهجتها روسيا في الآونة الأخيرة قائلين إنها تؤثر على الاستقرار والأمن.

 وأضافوا أنهم "يتضامنون" مع التقييمات البريطانية بأن روسيا هي المسؤولة عن هجوم بغاز أعصاب في مدينة سالزبري البريطانية.

ووافق الحلف أيضا على دعوة مقدونيا للبدء في محادثات الانضمام للحلف.

وأعلن الاليزيه أن ايمانويل ماكرون دعا الأربعاء الدول الأعضاء في الحلف الأطلسي إلى "عدم إضعاف الحلف"، وسط توترات حادة بين دونالد ترامب وانغيلا ميركل إزاء الالتزامات المالية بشأن النفقات الدفاعية.

وناشد ماكرون قادة الدول الـ28 الآخرين الأعضاء إلى "عدم إضعاف الحلف"، وذلك خلال افتتاح أعمال القمة بعد ظهر الأربعاء في مقر المنظمة في بروكسل بحسب الرئاسة الفرنسية.

وافتتح الاجتماع وسط "أجواء عامة جيدة وبناءة" بحسب الاليزيه.

وخلال مداخلته القصيرة حذر الرئيس الفرنسي من أن عدم تماسك الحلف "سيكون سببا لنفقات أكبر" للأعضاء الذين سيواجهون "أجواء أقل استقرارا" في أوروبا.

واعتبر ماكرون، بخلاف ما يردده الإعلام، أن الحلف أثبت "قدرته على التحرك وعلى الطمأنة" وأن "رد فعل الحلفاء كان بمستوى التحديات التي فرضتها الأوضاع الإستراتيجية" في السنوات الأخيرة بحسب الاليزيه.

وبشأن مستقبل الحلف شدد ماكرون على أربع أولويات: تعزيز "صدقية وسائل الدفاع الجماعي وتعزيز فعالية مكافحة الإرهاب وتحديث إدارة الموارد وتعزيز وحدة الحلف"، بحسب الرئاسة الفرنسية.

وأكد أن "الوحدة غير ممكنة دون تقاسم متوازن للأعباء والمسؤوليات" بين الدول الأعضاء، وأن "الأوروبيين أدركوا جيدا هذه الرسالة" مشددا على أن "فرنسا ستفي بالتزاماتها".

وستدرج في قانون البرامج العسكرية الذي سيصدر الجمعة وينص على أن تصل النفقات العسكرية إلى 2 بالمئة من إجمالي الناتج الداخلي عام 2025.

كما شدد الرئيس الفرنسي على "الجهود المبذولة في إطار أوروبا الدفاع" خصوصا مبادرة التدخل التي اتخذت مؤخرا في الاتحاد الأوروبي بين دول تسع منها فرنسا بحسب الاليزيه.

في ختام الاجتماع عقد ماكرون لقاء ثنائيا مع الرئيس الأميركي للتباحث في "التجارة والأطلسي وسوريا" بحسب ترامب.

قال مصدر في الرئاسة الفرنسية اليوم الأربعاء إن الرئيس الأميركي عبر عن "ارتباطه الشخصي" بأوروبا وأعطى "رسائل إيجابية وبناءة نوعا ما" لأعضاء حلف شمال الأطلسي بشأن قوة الحلف عبر الأطلسي.

وأضاف المصدر أن هذه التصريحات توضح "عدم وجود انفصال بين أميركا وأوروبا"، مضيفا أن الاجتماع خلال قمة الحلف بين ترامب والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كان "وديا ومريحا".