إجراءات عقابية أميركية لتحصين الانتقال الديمقراطي في السودان

واشنطن قررت توسيع سياسة تقييد منح التأشيرات ضد المسؤولين السودانيين الحاليين أو السابقين بسبب تقويض التحول الديمقراطي وذلك بعد توقيع اتفاق سياسي مبدئي بين الجيش والمدنيين لتشكيل حكومة مدنية.
واشنطن تدعم مطالب الشعب السوداني بالحرية والسلام في ظل حكومة ديمقراطية
الموقف الاميركي ضمانة لعدم الاخلال بالاتفاق ويمنح الثقة لقوى تشكك في نوايا العسكريين
أميركا تدعم خطط المدنيين والجيش لإجراء حوارات شاملة حول القضايا العالقة
الحرية والتغيير تؤكد ان تنفيذ الاتفاق الإطاري سيكون خلال شهر

واشنطن - قررت الولايات المتحدة فرض سياسات عقابية على أي شخص يقوض أو يؤخر عملية الانتقال الديمقراطي في السودان وذلك بعد أيام من توقيع اتفاق سياسي مبدئي بين الجيش والمدنيين لتشكيل حكومة مدنية بهدف إنهاء حالة الجمود السياسي وطي صفحة انقلاب أكتوبر/تشرين الأول 2021 الذي استبعد فيه قائد مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان الشركاء المدنيين من الحكم.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية، الأربعاء، في بيان على موقعها الإلكتروني، إنها قررت "توسيع سياسة تقييد منح التأشيرات ضد المسؤولين السودانيين الحاليين أو السابقين أو غيرهم من الأفراد الذين يُعتقد أنهم مسؤولون أو متواطئون في تقويض التحول الديمقراطي في السودان من خلال قمع حقوق الإنسان والحريات الأساسية".
وأضافت أن القرار سيطبق على السياسيين والعسكريين، وأفراد أسرهم حيث عزت القرار إلى أهمية دعم مطالب الشعب السوداني بالحرية والسلام، والعدالة في ظل حكومة ديمقراطية.
وفي السياق، جددت الخارجية الأميركية دعوة القادة العسكريين في السودان إلى "التنازل عن السلطة للمدنيين واحترام حقوق الإنسان وإنهاء العنف ضد المتظاهرين".
وجاء في البيان أن واشنطن "تدعم خطط الأطراف المدنية السودانية والجيش لإجراء حوارات شاملة حول القضايا العالقة، قبل إبرام اتفاق نهائي ونقل السلطة إلى حكومة انتقالية بقيادة مدنية"، مشددا على ضرورة "إحراز تقدم سريع" نحو تحقيق هذه الأهداف.
ويرى مراقبون ان الولايات المتحدة ستعمد إلى مراقبة مدى التزام الجيش السوداني بما تم الاتفاق عليه مع القوى المدنية خاصة وان المؤسسة العسكرية في السودان سبق وان تنصلت من عدد من الالتزامات ما دفع السودان الى حافة الصراع الشامل.
ويعطي الموقف الأميركي الذي وصف بالصارم ضمانة لعدم الاخلال بالاتفاق ويمنح بعضا من الثقة لقوى في داخل السودان لا تزال تشكك في نوايا العسكريين 
وكان محللون سودانيون ووزير رفيع المستوى وحاكم إقليمي حذروا من أن الاتفاق ينطوي على مخاطر، بينما يعتبره آخرون مجرد خطوة رمزية لا تقدم ولا تؤخر في سياقاتها وضعا متأزما.
وقوبل الاتفاق بمعارضة قوية من قادة التمرد السابقين الذين وقعوا قبل عامين اتفاق سلام تم التوصل إليه مع الحكومة الانتقالية التي لم تبق في السلطة سوى لفترة قصيرة.
والاثنين الماضي، وقع المكون العسكري وقوى مدنية بقيادة تحالف الحرية والتغيير (الائتلاف الحاكم السابق) على "اتفاق إطاري" برعاية دولية، نص على تشكيل سلطة مدنية كاملة خلال فترة انتقالية تستمر عامين.
ويهدف الاتفاق إلى حل الأزمة السودانية الممتدة منذ 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، حين فرض البرهان إجراءات استثنائية منها حل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين واعتقال وزراء وسياسيين وإعلان حالة الطوارئ وإقالة الولاة (المحافظين).
وتعهد محمد حمدان دقلو نائب قائد القوات شبه العسكرية الذي أقر بأن الانقلاب كان "خطأ سياسيا"، بتحقيق العدالة لعائلات الذين قتلوا على أيدي قوات الأمن على مر السنين وهو مطلب رئيسي للناشطين.
وتعهد الموقعون على الاتفاق بوضع تفاصيل العدالة الانتقالية والمحاسبة والإصلاح الأمني "في غضون أسابيع"، لكن ميرغني يقول إن مثل هذه القضايا المعقدة قد تستغرق شهورا لتذليلها.

الحرية والتغيير شارك بكثافة في احتجاجات ضد حكم العسكريين والاسلاميين
الحرية والتغيير شارك بكثافة في احتجاجات ضد حكم العسكريين والاسلاميين

ورجح المتحدث باسم قوى إعلان الحرية والتغيير في السودان (الائتلاف الحاكم سابقا) شهاب إبراهيم تنفيذ "الاتفاق الإطاري" خلال شهر، وبعد توقيع "الاتفاق النهائي" يُعلن اسم رئيس الوزراء لتبدأ الفترة الانتقالية.
وتابع إبراهيم "حسب ما ورد في الاتفاق الإطاري تبدأ الفترة الانتقالية باختيار رئيس الوزراء، بالتالي نحن لدينا مدى زمنيا متوقعا حتى الآن ما لم تحدث أي أشياء يمكن أن تؤدي إلى التأجيل".
وبالنسبة لطبيعة الحكومة أوضح "سنشكل حكومة كفاءات وطنية من شخصيات لديها القدرة للدفاع عن مكتسبات الثورة وتحقيق أهدافها، وهذا معيار أساسي لشاغلي الوظائف الدستورية بما فيهم رئيس الوزراء".
وبخصوص تفاصيل الاتفاق النهائي المأمول والمشاورات الموسعة بشأنه، قال إبراهيم إنه "لا توجد تفاصيل بشأن الاتفاق النهائي، ونحن أرجأنا 5 قضايا لبحثها تفصيلا في مرحلة لاحقة لأننا نحتاج إكمالها مع أطراف عريضة".
وأوضح "مثلا في قضية العدالة نحتاج إلى التعامل مع أسر الضحايا والنازحين واللاجئين والمتضررين، وقضية شرق السودان نحتاج إلى بحثها مع المكونات الاجتماعية والمدنية في شرق السودان لإيجاد حل يعبر عن إرادة أصحاب المصلحة".
وبشأن التعامل مع المجموعات المناهضة للاتفاق، قال إبراهيم إن "المجموعات الرافضة لديها رؤية سياسية أخرى، وهي مسألة يمكن أن تختبرها آليات تنفيذ الاتفاق ولسنا معنيين بمناقشتها، فنحن لا نبحث عن قبول مطلق بقدر ما نبحث عن توافق معقول ومرضي يمكن أن يؤدي إلى إنجاز الاتفاق".
وختم بقوله: "المجموعة المتشككة سنحاول إجراء حوارات معها، وهذا يتطلب أن نناقش معهم محتوى الاتفاق الإطاري ومن ثم تحسين شروط العملية السياسية والتفاوضية ليكون الاتفاق على الأقل مرضيا للمجموعة المتشككة".