إحاطة المبعوثة الأممية الى ليبيا تفاقم الاحتقان الشعبي والرسمي
طرابلس – يتزايد الغضب الرسمي والشعبي في ليبيا من الإحاطة التي قدمتها الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا هانا تيتيه، أمام مجلس الأمن والانتقادات التي ساقتها لبعض الأطراف ما اعتبره البعض انحيازا وتشويها يعمق الانقسام في البلاد.
وانتقدت الحكومة المكلفة من البرلمان الإحاطة الأخيرة التي قدّمتها ووصفت سياساتها بـ"العبثية وغير المسؤولة".
وعبّرت الحكومة التي يترأسها أسامة حماد في بيان عن رفضها لصمت المبعوثة الأممية حيال ما وصفته بـ"الانتهاكات" التي شهدتها العاصمة طرابلس، معتبرةً أن البعثة الأممية "تتجاهل مطالب الشارع الليبي" وتقوم بـ"تشويه صورة المتظاهرين".
وأشار البيان إلى أن التظاهرة التي نُظّمت مساء الثلاثاء أمام مقر البعثة الأممية في جنزور تعبّر عن "غضب شعبي متصاعد" تجاه سياسات البعثة التي وصفها بـ"المنحرفة عن مسارها"، متهماً إياها بأنها باتت تسهم في "تعطيل الإرادة الوطنية وتعميق الانقسام".
وأظهرت مقاطع الفيديو المتداولة على فيسبوك محاولات المتظاهرين للدخول، بينما تحركت مدرعات تابعة للأمم المتحدة لتطويق المقر وسط استمرار تدفق المحتجين.
ويطالب المحتجون، وفقًا لبيان مصور برحيل بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وإسقاط حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها برئاسة عبدالحميد الدبيبة. واعتبروا أن الإحاطات الأممية "لا تحمل معنى ولا تقدم أي حل للأزمة الليبية"، مطالبين الأمم المتحدة بـ"إيجاد حل أو ترحيل عن البلاد"، والعودة لمجلسي النواب والدولة لوضع حل للأزمة.
واتّهمت حكومة حماد البعثة بـ"محاولة شرعنة أمر واقع مفروض بالقوة"، وحمّلتها مسؤولية استمرار الانقسام السياسي، بالإضافة إلى التدخل فيما وصفته بصلاحيات مجلس النواب، خاصة ما يتعلق بميزانية صندوق الإعمار.
وأكد البيان على أن مجلس النواب هو الجهة "الدستورية الوحيدة المخوّلة باعتماد الميزانيات"، مشدّداً على ضرورة "احترام السيادة الوطنية".
وجدّدت الحكومة رفضها لما اسمته "مسار برلين الفاشل"، معتبرة أنه يتجاوز الإرادة الشعبية ولا يخدم المصالحة الوطنية الليبية. ودعت المجتمع الدولي إلى "التعامل بجدّية مع الأزمة الليبية"، مؤكدة التزامها بإجراء الانتخابات، ومعلنة أن بعثة الأمم المتحدة "لم تعد محل ترحيب في ليبيا".
من جهته، انتقد النائب الثاني لرئيس مجلس النواب مصباح دومة الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة، قائلا إنها "تريد إيقاف قطار التنمية".
وقال دومة في تغريدة على حسابه بموقع إكس أمس الثلاثاء أن "تيتيه لم تأتِ بجديد بل زادت الطين بلة.. تريد إيقاف قطار التنمية الذي انطلق في شرق البلاد وجنوبها وأجزاء أخرى من غربها.
وأضاف "لو ركزت على الاتفاق السياسي الليبي لوجدت ضالتها في مواده بعيداً عن آراء اللجنة الاستشارية التي لم نعلم معايير اختيارها وكأنها مجموعة من موظفي البعثة ينفذون ما تراه تيتيه".
وفي محاولة لاحتواء الموقف، استقبلت البعثة الأممية مساء الثلاثاء وفدا عن "لجنة الحوار الوطني بالمنطقة الغربية"، ممثلين عن متظاهرين محبطين من "التدهور المستمر في الوضعين السياسي والاقتصادي في جميع أنحاء ليبيا"، وفق بيان أصدرته البعثة.
ولجنة الحوار الوطني بالمنطقة الغربية شكلها قبل أيام المجلس الاجتماعي للمنطقة الغربية (أهلي قبلي) للتباحث مع الاجسام السياسية والاجتماعية لحلحلة مشاكل سياسية واجتماعية في المنطقة.
وأكد وفد اللجنة على ضرورة أن تكون أي عملية سياسية في ليبيا "محددة زمنيًا، وتتضمن معالم واضحة نحو إجراء الانتخابات"، داعين البعثة إلى "أخذ بواعث قلقهم على محمل الجد، ودعم مسار سريع يأخذ مطالب الشعب الليبي في الحسبان، ويضمن المساءلة والشمول، ويفضي إلى تقدم ملموس في العملية السياسية".
وتعهدت البعثة لوفد لجنة الحوار بأنها "ستواصل العمل مع الليبيين في سعيهم من أجل مؤسسات موحدة وإجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن".
ونبهت تيتيه في احاطتها الثلاثاء إلى هشاشة الوضع الأمني في العاصمة طرابلس رغم الهدنة التي جرى التوصل إليه بين الأطراف المتنازعة عقب الاشتباكات التي جرت منتصف الشهر الماضي، مؤكدة أن الوضع الأمني العام "لا يمكن التنبؤ به"، وهنأت "القوات الأمنية التابعة للدولة على تسييرها المظاهرات السلمية في طرابلس" التي تلت الاشتباكات العنيفة بالعاصمة الليبية منتصف الشهر، واعتبرت أن أطراف النزاع في طرابلس لم تفتح أي ممرات آمنة خلال الاشتباكات التي اندلعت في 13 و14 مايو/أيار الماضي رغم المناشدات المتعددة، مشيرة إلى أن الأدلة التي جرى الكشف عنها بعد الأحداث الأمنية في منطقة أبوسليم أظهرت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان يدعى أنها ارتكبت من قبل جهات دعم الاستقرار.
وفي سياق متصل، حذرت تيتيه من مصادقة مجلس النواب على الميزانية الخاصة لصندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا برئاسة بلقاسم حفتر كونها ستقوض قدرة مصرف ليبيا المركزي في السيطرة على التضخم والحفاظ على قيمة الدينار، ورأت إن قدرة الدينار الليبي تدهورت المدة الماضية ولم يجر التوصل إلى ميزانية موحدة ما يفرض ضغوطا هائلة على مصرف ليبيا المركزي، لافتة إلى أنه "إذا صادق مجلس النواب على ميزانية صندوق التنمية البالغة 69 مليار دينار سيقوض ذلك قدرة مصرف ليبيا المركزي على تثبيت سعر الصرف واحتواء التضخم وسيضغط على الاحتياطي الليبي".