إسرائيل تقمع الحقوقيين المناهضين للعدوان على غزة

الشرطة الإسرائيلية رفض منح تصاريح للتظاهرات المنددة بالحرب واعتقلت منظّميها، فيما عومل بعض الناشطين كـ"خونة".

القدس - يؤكد مدافعون عن حقوق الإنسان أنّ الحملات من أجل السلام في إسرائيل باتت تواجه خطرا كبيرا، في ظل خوض إسرائيل حربا منذ أكثر من شهرين ضد حركة حماس، فيها تتهم الجماعات الحقوقية السلطات الإسرائيلية بشنّ حملة قمع واسعة النطاق عبر استجواب مئات النشطاء المناهضين للحرب ومحاكمة عدد منهم.

وتراقب روني (24 عاماً) وهي ممسكة بغصن زيتون الشرطة التي تشرف على مسيرة صغيرة تقودها لدعم وقف إطلاق نار في غزة. وتقول هي وأصدقاؤها إنّهم تعرّضوا للتوقيف والمضايقة والتهديد بالقتل بعد احتجاجات مماثلة، منذ أن بدأت إسرائيل قصف قطاع غزّة ردا على الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة حماس على الأراضي الإسرائيلية.

وتضيف هذه الناشطة الشابة في حديث لوكالة 'فرانس برس' "يكاد يكون من المستحيل الدعوة إلى السلام في إسرائيل في الوقت الحالي. يجب أن نكون حذرين للغاية".

وأدى هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول إلى مقتل 1140 شخصا معظمهم من المدنيين، كما أخذت حماس حوالى 240 شخصاً رهائن إلى غزة، حيث لا يزال 129 منهم محتجزين، وفق السلطات الإسرائيلية.

وأدّى القصف المكثّف على قطاع غزة والذي ترافق مع عمليات برية إسرائيلية إلى مقتل 20 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقاً لوزارة الصحة التابعة لحركة حماس.

ويقول ناشطون ومنظمات غير حكومية إنّه في ظلّ تنظيم تظاهرات في الخارج دعماً للفلسطينيين وتصاعد الضغوط الدولية على إسرائيل، بات من الصعب على الإسرائيليين معارضة حكومتهم. ويأتي ذلك فيما رفضت الشرطة مراراً منح تصاريح للتظاهرات المناهضة للحرب واعتقلت منظّميها، وفق هذه المصادر.

بدورها تؤكد الشرطة الإسرائيلية أنّها "تدافع بقوة عن الحق الأساسي في حرية التعبير"، مستدركة "لكن من الضروري أيضاً التصدّي لأولئك الذين يستغلّون هذا الحق للتحريض على العنف أو على الأعمال المشينة أو نشر خطاب الكراهية أو إطلاق تهديدات أو خلق مخاوف تتعلّق بالسلامة العامّة، خصوصاً في أوقات الحرب ضدّ منظمة إرهابية وحشية".

"يكاد يكون من المستحيل الدعوة إلى السلام في إسرائيل في الوقت الحالي".

وتقول نوه ساتاث مديرة منظمة "أكري" وهي أقدم جماعة للدفاع عن الحقوق المدنية في البلاد إنّ "ما نشهده اليوم يحصل على نطاق غير مسبوق"، مضيفة أنّ "تكميم أفواه المعارضين قوي للغاية".

وحذّر قائد الشرطة الإسرائيلية كوبي شبتاي في وقت سابق من أنّه لن يكون هناك "أي تسامح" مع التظاهرات المؤيدة لغزة، مهدّداً بإرسال متظاهرين مناهضين للحرب، وهم أقلية صغيرة في البلاد، إلى الأراضي الفلسطينية المحاصرة.

ويعدّ هذا المناخ أكثر إثارة للقلق بالنسبة لعرب إسرائيل، الذين يقولون إنّهم ضحايا التمييز مقارنة بالسكان اليهود، فيما تؤكد منظمة 'عدالة' غير الحكومية التي تحمي حقوق هذه الأقلية (حوالي خمس السكان)، أنّها تابعت حالات حوالي 300 شخص أُوقفوا منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأو.

وتضيف المنظمة أنّه في حوالي ثلث الحالات استُجوب النشطاء ثمّ أُطلق سراحهم، لكنّ السلطات حاكمت عددا كبيرا من عرب إسرائيل بتهمة "دعم المنظمات الإرهابية" أو "التحريض على الإرهاب".

ويقول رئيس المنظمة حسن جبارين إنّ "الدولة تفسّر أيّ دعم لغزّة على أنّه دعم للإرهاب"، معتبراً أنّ "الأمر مشابه للعيش في ظلّ نظام عسكري".

ويقول الناشطون المناهضون للحرب إنّهم استُهدفوا من قبل مواطنين آخرين وأفادت استطلاعات الرأي بأنّ الرأي العام الإسرائيلي أصبح أكثر عدوانية من أي وقت مضى خلال العقدين الأخيرين، بعد هجوم حماس.

وتوضح روني، التي لم تعد تذكر اسمها الحقيقي بعدما عوملت كـ"خائنة" أنّ "الناس يقولون لنا إنّ تنظيم تظاهرات هو عار في الوقت الحالي".

كما أنّ أصدقاء لها بعثوا برسائل مهينة، وجاء في إحداها "أتمنّى أن يتمّ اغتصابك أنت وعائلتك" ونقلك إلى غزة. وفي ظلّ هذه الضغوط، نظّم النشطاء مسيرات أصغر.

وفي بلد تعتبر فيه الدعوة إلى السلام في الكثير من الأحيان عملاً من أعمال التمرّد، تقول روني إنّه تمّ اعتقالها مع متظاهرين آخرين في يافا في التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني.

وتُظهر صور نّشرت على وسائل التواصل الاجتماعي الشرطة وهي تتعامل بخشونة مع المتظاهرين وتصادر لافتات كانوا يرفعونها.

وتعتقد روني أنّ الرسالة البسيطة غالباً ما تكون أكثر فعالية. وتسير نحو مدخل مقرّ وزارة الدفاع، هاتفة "أوقفوا الحرب!".