إسرائيل توسّع غاراتها إلى مدينة صور الساحلية
بيروت - وسّعت إسرائيل غاراتها على لبنان لتمتد إلى مدينة صور الساحلية التي تضمّ مواقع أثرية هامة مخلفة دمارا هائلا في وسط المدينة، بينما لا تلوح في الأفق أي بوادر للتهدئة بعد أن أكد مسؤولون إسرائيليون استعداد بلادهم لمواصلة القتال على أكثر من جبهة.
وضربت الغارات وهي من بين الأعنف التي تعرضت لها صور منذ ارتفاع وتيرة التصعيد بين حزب الله وإسرائيل قبل شهر "قلب المدينة"، كما قالت رنا التي أرغمتها الغارات على الفرار من منزلها إلى الشاطئ.
وأضافت المرأة التي فضّلت عدم الكشف عن اسمها كاملا أن المدينة بأكملها اهتزت بعدما أمر الجيش الإسرائيلي سكان صور بإخلاء مساكنهم قائلا إنه يستعد لتنفيذ "عمل عسكري" يستهدف حزب الله.
وأظهرت لقطات لوكالة فرانس برس سحب دخان تتصاعد من المدينة التي تضم آثارا ضاربة في القدم. وقالت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام الرسمية إن "الغارات الإسرائيلية التي استهدفت صور الأربعاء تسببت بدمار هائل وأضرار جسيمة في المنازل والبنى التحتية والمباني والمحال التجارية والسيارات"، فيما أظهرت صور مباني كاملة سويّت بالأرض.
وفي وقت سابق من اليوم الأربعاء، دعا الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي ادرعي عبر منصة "إكس" السكان إلى "الابتعاد فورا إلى خارج المنطقة المحددة بالأحمر والتوجه إلى شمال نهر الاولي"، مرفقا رسالته بخريطة للمنطقة المستهدفة.
وكتب في وقت لاحق أن الجيش الاسرائيلي "هاجم مجمعات قيادة وسيطرة لحزب الله ومن ضمنها مقرات لوحدة جبهة الجنوب في منطقة صور جنوب لبنان"، واصفا صور بأنها "مركز ثقل مهم بالنسبة إلى حزب الله".
وقال بلال قشمر المسؤول في وحدة إدارة الكوارث في صور إن سبعة مبان دمّرت بالكامل، وتعرضت أكثر من 400 شقّة في محيط الغارات لأضرار. وأدّى الركام إلى قطع أربعة شوارع، وفق قشمر، مضيفا أن شخصين على الأقل أصيبا بجروح.
وكان لا يزال في المدينة نحو 14500 شخص الثلاثاء، بينهم آلاف النازحين من مناطق جنوبية أخرى، وفق قشمر.
وأفرغت صور التي كانت تعجّ بالحياة ويقطنها مسلمون ومسيحيون، من معظم سكانها مع بدء الغارات الاسرائيلية الكثيفة الشهر الماضي.
وأثارت إنذارات الإخلاء الاسرائيلية الأربعاء موجة نزوح جديدة من المدينة وشوهدت في صيدا الواقعة إلى شمال صور، عشرات السيارات على الطريق السريع الذي يربط المدينتين، محملة بعائلات مع ما تيسر لها حمله من أمتعة وحاجيات أساسية.
وذكرت الوكالة الوطنية أن "بعض العائلات التي لم تغادر مدينة صور في السابق بدأت بمغادرة منازلها، للابتعاد عن الأماكن التي هدد العدو الإسرائيلي باستهدافها".
وأفادت الوكالة أن فرق الدفاع المدني اللبناني عملت "على نقل المسنين والمواطنين الذين يعانون حالات صعبة الى اماكن آمنة بعد التهديد الاسرائيلي لمدينة صور".
وقاد مسعفون سياراتهم في أرجاء المدينة مطالبين السكان بالمغادرة عبر مكبرات الصوت وفي أعقاب الغارات، نشرت كشافة الرسالة وهي هيئة إسعاف تابعة لحركة أمل حليفة حزب الله، سيارات إسعاف لنقل الجرحى من المدنيين إلى المستشفيات المجاورة.
وقال ربيع عيسى المسؤول في الهيئة "نعمل مع البلديات على تأمين سكن بديل" للنازحين الذين دمرت منازلهم. وتضمّ مدينة صور مواقع أثرية هامة ومدرجة على قائمة التراث العالمي في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم الثقافة (يونيسكو)، التي تقول على موقعها الالكتروني إن المدينة "تحتفظ ببقايا أثرية هامة، معظمها من العصر الروماني".
وبحسب المنظمة "كانت صور المدينة الفينيقية الكبرى في الأزمنة الماضية، وعرفت لجمالها الرائع، وسرعان ما أصبحت أهم مركز للتجارة البحرية والبرية في شرق البحر الأبيض المتوسط".
وقال قشمر إنه سيتم الوقوف على حالة المواقع الأثرية في المدينة وتقييم إن كانت تعرضت لأضرار، مشيرا إلى أن إحدى الغارات وقعت على بعد نحو 50 مترا من أحد المواقع الأثرية.
وأكدت اليونيسكو الأربعاء أنها "تراقب عن كثب أثر النزاع الدائر على موقع التراث العالمي في صور" عبر صور أقمار اصطناعية وأدوات استشعار عن بعد.
وأطلقت إسرائيل في 23 سبتمبر/أيول عملية عسكرية في لبنان بعد نحو عام على تبادلها القصف عبر الحدود مع حزب الله وقتل منذ ذلك اليوم 1552 شخصا على الأقل جراء الضربات الإسرائيلية، وفق حصيلة أعدتها فرانس برس بناء على بيانات وزارة الصحة، رغم أنه يرجّح بأن يكون العدد الفعلي أعلى من ذلك بكثير.