إصابة خبراء إيرانيين في آخر قصف إسرائيلي لدمشق

الهجوم الصاروخي الأخير إلى جانب الهجمات الأخرى التي تقول إسرائيل إنها تستهدف البنية التحتية للجيش السوري وحلفائه، يعكس تصعيدا لصراع لم يكن شديد الحدة يهدف إلى إبطاء توغل إيران المتزايد في سوريا.
الهجوم الإسرائيلي استهدف اجتماعا حول برامج الطائرات المسيرة أو الصواريخ
مصادر: الاجتماع كان يضم خبراء من الحرس الثوري الإيراني
مقتل مهندس في الجيش السوري وإصابة آخر من الحرس الثوري
إسرائيل تخوض حربا غامضة في سوريا لكبح التمدد الإيراني

بيروت/عمان - تخوض إسرائيل حربا غامضة في سوريا بهدف كبح التغلغل الإيراني أو منع إيران من بناء قواعد عسكرية قالت تل أبيب مرارا إنها تشكل خطرا على أمنها، بينما أثار الهجوم الأخير على مجمعا في قلب دمشق تساؤلات كثيرة حول الجرأة الإسرائيلية من جهة وماهية الهدف الذي تم استهدافه، في حين ذكرت مصادر اليوم الأربعاء أن القصف استهدف على وجه الدقة اجتماعا لخبراء إيرانيين من الحرس الثوري خصص لنقاش استخدام المسيّرات الإيرانية ونطاقاتها.

وفي البداية كانت مصادر بينها المرصد السوري لحقوق الإنسان قد ذكرت أن القصف الصاروخي الإسرائيلي يوم الأحد الماضي، استهدف مركزا تابعا لحزب الله اللبناني حليف إيران، مختص في التحويلات المالية للجماعة اللبنانية.

لكن مصادر أخرى قالت اليوم الأربعاء لرويترز، إن الهجوم الصاروخي الذي حملت سوريا إسرائيل المسؤولية عنه، أصاب منشأة كان يجتمع فيها مسؤولون إيرانيون لدفع برامج لتطوير قدرات الطائرات المسيرة أو الصواريخ الخاصة بحلفاء طهران في سوريا.

وتشكل إيران داعما رئيسيا للرئيس السوري بشار الأسد في الصراع المستعر في بلاده منذ 12 عاما. وعلى خلفية دعم الجمهورية الإسلامية لدمشق ولحزب الله اللبناني تنفذ إسرائيل ضربات جوية بشكل دوري بهدف كبح قوة طهران العسكرية خارج الأراضي الإيرانية.

وذكر مصدر مقرب من الحكومة السورية مطلع بشأن هجوم يوم الأحد والهدف المقصود أن الهجوم أصاب تجمعا لخبراء فنيين سوريين وإيرانيين معنيين بتصنيع الطائرات المسيرة، ومع ذلك قال إنه لم يسفر عن مقتل أي خبير إيراني رفيع المستوى.

وقال المصدر لرويترز "الضربة أصابت المركز الذي كانوا يجتمعون فيه وكذلك شقة في مبنى سكني. قُتل مهندس سوري ومسؤول إيراني ليس رفيع المستوى".

ويعكس الهجوم الصاروخي إلى جانب الهجمات الأخرى التي تقول إسرائيل إنها تستهدف البنية التحتية للجيش السوري وحلفائه، تصعيدا لصراع لم يكن شديد الحدة يهدف إلى إبطاء توغل إيران المتزايد في سوريا بحسب خبراء عسكريين إسرائيليين.

يتزايد قلق الولايات المتحدة وإسرائيل إزاء تصنيع إيران للطائرات المسيرة وإمكانية نقلها لهذه القدرات إلى وكلاء في المنطقة مثل جماعة حزب الله المسلحة

وقالت وسائل إعلام رسمية سورية في ذلك الوقت إن إسرائيل نفذت هجمات جوية بعد منتصف ليل الأحد بقليل استهدفت عدة مناطق بالعاصمة السورية، مما أسفر عن مقتل خمسة وإصابة 15 بينهم مدنيون.

ورفض مسؤول عسكري إسرائيلي تأكيد أو نفي وقوف إسرائيل وراء الهجوم، لكنه قال إن بعض القتلى سقطوا جراء نيران سورية مضادة للطائرات.

ويتزايد قلق الولايات المتحدة وإسرائيل إزاء تصنيع إيران للطائرات المسيرة وإمكانية نقلها لهذه القدرات إلى وكلاء في المنطقة مثل جماعة حزب الله المسلحة.

وشهد الأسبوع الماضي إسقاط القوات الأميركية ما قالت إنها طائرة مسيرة إيرانية الصنع كانت تحلق أعلى قاعدة تستضيف أفراد أميركيين في شمال شرق سوريا.

وقال مصدر آخر تحدث إلى عناصر أمنية سورية مطلعة إن هناك إيرانيين كانوا يحضرون اجتماع الخبراء الفنيين في منشأة عسكرية إيرانية في قبو مبنى سكني داخل مجمع أمني، مضيفا أن أحد القتلى مهندس مدني بالجيش السوري كان يعمل في مركز الدراسات والبحوث العلمية السوري.

وتقول دول غربية إن المركز مؤسسة عسكرية تنتج صواريخ وأسلحة كيماوية وتنفي دمشق ذلك. وقال مصدر أمني إقليمي إن مهندسا في الحرس الثوري كان مشاركا في برنامج الصواريخ الإيراني أُصيب بجراح خطيرة ونُقل إلى مستشفى في طهران، فيما نجا عضوان آخران من الحرس الثوري كانا في الاجتماع دون أذى.

كما أفاد مصدر آخر وهو مسؤول استخباراتي إقليمي مطلع بشأن الهجوم، بأن الهدف كان جزءا من برنامج سري لإنتاج الصواريخ الموجهة يديره الحرس الثوري الإيراني.

وصرح مصدر أمني إقليمي مطلع بشأن الهجوم وهدفه، إنه استهدف مسؤولين من إيران وحزب الله. وأرسلت الجماعة اللبنانية التي خاضت حربا استمرت خمسة أسابيع أمام إسرائيل في عام 2006 مسلحين لمساعدة قوات الأسد في صد قوات المعارضة التي كادت أن تحاصر دمشق ذات يوم.

ونددت الخارجية الإيرانية يوم الأحد بما وصفته بأنه هجمات استهدفت "مبان سكنية في دمشق وأدت إلى مقتل وتشويه مواطنين سوريين أبرياء"، منتقدة ما وصفته بالصمت الغربي على الانتهاكات الإسرائيلية "لوحدة أراضي" سوريا، لكنها لم تشر إلى سقوط قتلى إيرانيين، بينما تتكتم طهران عادة على خسائرها في سوريا.

ويقع المبنى المستهدف في حي كفر سوسة بدمشق وهو منطقة تخضع لوجود مكثف من الشرطة ويقول السكان إنه يضم عدة أجهزة أمنية إيرانية وكذلك مركزا ثقافيا إيرانيا.

وقال مصدران من أجهزة مخابرات غربية في أعقاب الهجوم إن الهدف كان مركزا لوجستيا يديره الحرس الثوري.

وكان عماد مغنية القائد البارز في حزب الله، قد قُتل عام 2008 في تفجير في كفر سوسة. ونفت إسرائيل اتهامات حزب الله لها باغتياله.

وعلى الرغم من أنه نادرا ما يعترف مسؤولو إسرائيل بمسؤوليتها عن عمليات محددة، إلا أنها تشن غارات جوية على عمليات نقل الأسلحة ونشر الأفراد التي يشتبه بأنها برعاية إيران في سوريا منذ ما يقرب من عشر سنوات.

كما كثفت في الأشهر الأخيرة ضرباتها على مطارات وقواعد جوية سورية لتعطيل استخدام إيران المتزايد لخطوط الإمداد الجوية لتوصيل الأسلحة إلى حلفائها في سوريا ولبنان، بما في ذلك حزب الله.

وتسيطر جماعات مسلحة تعمل بالوكالة عن إيران وعلى رأسها حزب الله، على مناطق واسعة من شرق وجنوب وشمال سوريا وفي عدة مناطق حول العاصمة.

ولم يعترف الأسد علنا أبدا بأن هناك قوات إيرانية تسانده في الحرب الأهلية السورية، فيما يقول إن طهران تدعمه عبر مستشارين عسكريين فقط على الأرض.