إطلاق سراح دفعة من سجناء الرأي يعزز الثقة في الحوار الوطني المصري
القاهرة - تقوم السلطات المصرية بخطوات جادة لإنجاح الحوار الوطني الذي دعت اليه وتشارك فيه عدد من القوى المعارضة بهدف تحقيق مصالحة وطنية شاملة.
ولمواجهة أصوات التشكيك وللتعبير عن حسن النوايا أعلنت لجنة العفو الرئاسي بمصر، الثلاثاء، صدور قائمة بالإفراج عن "70 محبوسا احتياطيا" في "أكبر دفعة" منذ تفعيل الرئاسة عمل اللجنة في أبريل/نيسان الماضي.
وقال طارق العوضي عضو "لجنة العفو الرئاسي"، ان اغلب ملفات من تقرر الافراج عنهم متعلقة بـ"سجناء رأي".
واضاف العوضي في بيان مقتضب عبر صفحته بفيسبوك إنه "خلال ساعات (الثلاثاء) سيتم إعلان أسماء قائمة تضم 70 محبوسا احتياطيا يتم الإفراج عنهم ضمن مبادرة العفو الرئاسي"، دون تفاصيل عن أبرز المفرج عنهم أو التهم الموجهة إليهم.
وفي بيان ثان، أضاف العوضي، أنه "بدأت إجراءات خروج تلك المجموعة".
وأكد أن تلك الإفراجات تمثل "أكبر دفعة منذ بدء إعادة تفعيل لجنة العفو"، واعدا بـ"خروج دفعات متتالية خلال هذا الشهر".
وكرر النائبان طارق الخولي ومحمد عبد العزيز عضوا لجنة العفو، ما ذكره العوضي، في بيانين منفصلين الثلاثاء.
وهذه خامس قائمة عفو تصدرها اللجنة التي تتبع الرئاسة خلال 26 يوما، حيث تم إخلاء سبيل 46 و28 و39 و50 من المحبوسين احتياطيا في 15 و20 و25 سبتمبر/ أيلول الماضي، و2 أكتوبر/تشرين الأول الجاري بينهم الناشط العمالي البارز هيثم محمدين وصحفيان و5 سيدات.
ووفق القانون المصري، فإن النائب العام هو صاحب السلطة في إطلاق سراح المحبوسين احتياطيا، بينما لرئيس البلاد حق العفو عن كامل العقوبة أو بعضها للصادر بحقهم أحكاما نهائية.
وجرى تفعيل عمل لجنة العفو في أبريل الماضي، مع إعادة تشكيلها بتوجيه رئاسي تزامنا مع دعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي آنذاك إلى بدء أول حوار وطني منذ وصوله إلى السلطة صيف 2014، وصدرت عنها قوائم بعفو رئاسي وأخرى تشمل قرارات قضائية بإخلاء السبيل.
ومنذ دعوة السيسي للحوار ارتفع عدد من أُطلق سراحهم بقرارات قضائية أو عفو رئاسي في "قضايا رأي وتعبير" إلى ما لا يقل عن 380 منذ 24 أبريل/نيسان الماضي، وفق رصد أولي.
وتفيد تقديرات غير رسمية بأن العدد وصل إلى 800 من دون تحديد عدد المعارضين بينهم، إذ عادة ما تقول السلطات إنها "تلتزم بالقانون ولا تميز بين سجين وآخر والجميع لديها سواء".
وتؤكد عدد من القوى المعارضة ان الرئيس السيسي جاد في فتح باب الحوار الذي دعا اليه في ابريل وطرح كل الملفات السياسية الحارقة.
وتنتظر قوى المعارضة المصرية موعد تدشين المرحلة من الحوار الوطني وما سينتج عنها لتحديد موقفها النهائي من استمرار المشاركة في الحوار أو الانسحاب تذت تأكدت أن مخرجاته لن تكون على مستوى تطلعاتها.
ورغم ان قوى معارضة رافضة للحوار قالت بأن السلطة المصرية دعت إلى هذا الحوار لكونها تعيش ازمة وتعاني من ضغوط داخلية بفعل سخط شعبي ناتج عن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وأخرى خارجية تتعلق بملف الحريات وحقوق الإنسان.
وأشارت ان هذه الضغوط أجبرت الرئيس السيسي على الدعوة إلى إجراء حوار وطني لكن عضو لجنة الحوار الوطني احمد الشرقاوي قال في حوار للعرب الاسبوع الجاري ردا على التصريحات المشككة قائلا ان المشاركة في الحوار ستكون جادة وليست شكلية.
وقال ان "إن هناك ضمانتين مهمتين توافرتا بالقدر المناسب حتى الآن، الأولى الإفراج عن مسجونين سياسيين ومعتقلي قضايا الرأي، وهي ضمانة القوى السياسية ومن غير اللائق أو الملائم أن تدخل هذه القوى حوارا وبعض كوادرها محبوسة على ذمة قضايا رأي أو ذات خلفيات سياسية، وقرارات العفو الرئاسي التي تزامنت مع جلسات مجلس أمناء الحوار في الفترة الماضية عبرت عن تحقيق نسبي للضمانة الأولى”.
واشار الى الضمانة الثانية والتي تتمثل في " المشاركة في ادارة الحوار الوطني وتحقق ذلك عبر مجلس الأمناء الذي أبدت أطراف المعارضة والموالاة رضاء كبيرا عنه بالنسبة إلى المقررين والمقررين المساعدين".
وكانت الحركة المدنية الديمقراطية المعارضة طالبت بعدد من الضمانات للمشاركة في الحوار، من بينها الإفراج عن معتقلين سياسيين ومسجونين في قضايا الرأي، حيث يرى معارضون أن وتيرة الإفراجات بطيئة وغير كافية، مع ضرورة المشاركة في إدارة الحوار من خلال مجلس الأمناء.
ويبدو ان النظام المصري بدأ يستجيب لعدد من هذه الضمانات لإنجاح الحوار الوطني تمهيدا لمصالحة وطنية شاملة تقصي فقط من حملوا السلاح وتبنوا الأفكار المتطرفة.