إعلان إسرائيلي دون خطة لوقف انهيار السلطة الفلسطينية

الكابينت ربط قراره بعدة مطالب منها وقف الأنشطة المعادية لإسرائيل على الساحة القانونية-الدبلوماسية الدولية" ووقف "التحريض" و"أعمال البناء المخالفة للقانون في المنطقة ج" في الضفة الغربية.

القدس - تبنّت الحكومة الأمنية المصغّرة في إسرائيل "الكابينت" إعلانا يرمي إلى "تجنّب انهيار السلطة الفلسطينية" ويطالبها في الوقت نفسه بوضع حد لـ"أنشطتها المعادية لإسرائيل"، وفق ما أعلن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، لكنه لم يقدم أي خطوات ملموسة للقيام بذلك.

وجاء تصويت الوزراء الإسرائيليين على الإعلان الذي لم ينص على أي خطّة، والاكتفاء بالإشارة إلى "خطوات لتحقيق الاستقرار في الوضع المدني في الساحة الفلسطينية"، بعد أيام قليلة على عملية عسكرية واسعة النطاق في مدينة جنين في الضفة الغربية المحتلة أسفرت عن مقتل 12 فلسطينيا وجندي إسرائيلي.

وكانت الحكومة التي يرأسها نتنياهو وهي الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، قد أعلنت في يناير سلسلة عقوبات ضد محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية التي تسيطر على الورق على أنحاء من الضفة الغربية، على خلفية طلب "رأي استشاري" من أرفع محكمة في الأمم المتحدة حول الاحتلال الإسرائيلي.

وقال حينها رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية إن العقوبات الإسرائيلية ترمي إلى دفع (السلطة الفلسطينية) إلى شفير الانهيار ماليا ومؤسساتيا، وتندرج في إطار حرب جديدة ضد الشعب الفلسطيني.

والأحد صوّتت الحكومة الأمنية الإسرائيلية المصغّرة لصالح "مشروع قرار قدّمه رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو" ينص على أن "إسرائيل ستعمل من أجل منع انهيار السلطة الفلسطينية"، وفق بيان لمكتب رئيس الوزراء.

وصوت ثمانية أعضاء لصالح القرار، بينما صوت عضو واحد فقط ضده وامتنع آخر عن التصويت.

ويتضمّن الإعلان مجموعة مطالب من السلطة الفلسطينية بـ"بوقف أنشطتها المعادية لإسرائيل على الساحة القانونية-الدبلوماسية الدولية" وأيضا وقف "التحريض" و"أعمال البناء المخالفة للقانون في المنطقة ج" في الضفة الغربية، والتي هي تحت سيطرة إسرائيل الكاملة.

ومن شبه المستحيل أن يستحصل فلسطينيون على تصاريح بناء في المنطقة ج التي تغطي نحو 60 بالمئة من أراضي الضفة الغربية.

وكذلك تضمّن الإعلان مطالبة بوقف "الدفعات المالية لعائلات إرهابيين"، في إشارة إلى رواتب توفّرها السلطة الفلسطينية لعائلات فلسطينيين قتلتهم القوات الإسرائيلية ولعائلات أسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية، أو لمحتجزين بمن فيهم مدانون بقتل إسرائيليين.

وفي إطار العقوبات التي فرضت في يناير، حجبت إسرائيل عشرات ملايين الدولارات من عائدات الضرائب عن السلطة الفلسطينية على خلفية دعمها المالي لنشطاء.

وكذلك أمرت الحكومة الإسرائيلية بوقف مشاريع البناء الفلسطينية في أنحاء من الضفة الغربية تحتلها إسرائيل منذ العام 1967.

وجاء في البيان الصادر الأحد عن مكتب نتانياهو أن رئيس الوزراء ووزير الدفاع يواف غالانت سيقترحان "خطوات لضمان استقرار" السلطة الفلسطينية المأزومة. دون ذكر أي تفاصيل.

وأشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن الاقتراحات قد تتضمن إقامة مناطق صناعية للفلسطينيين في المنطقة ج في الضفة الغربية وخطوات أخرى لدعم الاقتصاد الفلسطيني.

وذكرت تقارير إسرائيلية أن "تسهيلات اقتصادية" تعتزم حكومة نتنياهو تقديمها، من بينها إنشاء منطقة صناعية جديدة في ترقوميا بمنطقة الخليل، وهو اقتراح قديم طرح عام 2020 من قبل وزير الاقتصاد آنذاك، إيلي كوهين.

كما لفتت التقارير إلى "خطة مالية لإنقاذ السلطة تشمل ضمان قروض، وتسوية ديون، وخصم على سعر الوقود ومدفوعات ضرائب مسبقة"، في إشارة لأموال المقاصة الفلسطينية.

وبحسب القناة 12 الإسرائيلية، ناقش الكابينت كذلك تمديد ساعات عمل جسر أللنبي (معبر الكرامة - جسر الملك حسين)، وإعادة تصاريح كبار الشخصيات (Vip) لكبار المسؤولين في السلطة والتي سحبتها تل أبيب في يناير الماضي، ردا على تحرك فلسطين لدى محكمة العدل الدولية في لاهاي ضد الاحتلال وممارساته.

ورجحت "تايمز أوف إسرائيل" بأن يتسبب انهيار السلطة الفلسطينية في "حدوث فوضى وفراغ في الضفة الغربية"، مشيرةً إلى أن ذلك قد يكون "فرصة للجماعات المسلحة من أجل السيطرة كما حصل في قطاع غزة" الذي تديره حركة "حماس".

واعتبرت الصحيفة أن "السلطة الفلسطينية فقدت سيطرتها بشكل كبير على شمال الضفة الغربية، مما أدى إلى تمكين الجماعات المسلحة، ما دفع القوات الإسرائيلية إلى القيام بعمليات منتظمة".

وتأسست السلطة الفلسطينية قبل 30 عاما بموجب اتفاقات سلام مؤقتة مع إسرائيل، وبدأت شعبيتها تتضاءل وسط اتهامات بالفساد وعدم الكفاءة وسخط واسع على ترتيبات التعاون الأمني مع إسرائيل.

ويعتري الغموض وضع الرئيس الفلسطيني محمود عباس البالغ من العمر 87 عاما.

ويتجاهل عباس الدعوات المطالبة بإنهاء فترة حكمه الممتدة منذ عقدين، كما رفض المطالب المتزايدة برحيله، حتى مع تضاؤل فرص التوصل لسلام دائم مع إسرائيل أكثر من أي وقت مضى.

وفي مقابلة أجرته معه شبكة (سي.إن.إن) الإخبارية وبُثت في وقت سابق الأحد، قال الرئيس الأميركي جو بايدن إن السلطة الفلسطينية "فقدت مصداقيتها، ليس بالضرورة بسبب ما تفعله إسرائيل، ولكن فقط بسبب فقدانها لمصداقيتها في المرتبة الأولى ثم تسببها في خلق فراغ للتطرف في المرتبة الثانية".

وقال "إسرائيل ليست المسؤولة عن كل ما يحدث في الضفة الغربية، ليست السبب في كل المشكلات، وإنما هي جزء من المشكلات"، في إشارة إلى أعضاء مجلس الوزراء من القوميين الذي يؤيدون التوسع في المستوطنات اليهودية.

ويرى الفلسطينيون أن حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة فاقت التوقعات القاتمة بالفعل مع تصاعد العنف واستعدادها للتوسع في بناء المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، وهي واحدة من الأراضي التي يسعى الفلسطينيون لبناء دولتهم المستقبلية عليها.