تسعة قتلى مع توسع رقعة الاحتجاجات في العراق
بغداد - قالت مصادر بالشرطة العراقية ومصادر طبية الأحد إن قوات الأمن فتحت النار على محتجين في بغداد وجنوب البلاد مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن تسعة أشخاص وإصابة العشرات، في أحدث فصول العنف وسط اضطرابات مستمرة في بغداد ومدن جنوبية منذ أسابيع.
وفي الناصرية، استخدمت قوات الأمن الذخيرة الحية وعبوات الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين الذين تجمعوا أثناء الليل على ثلاثة جسور.
وقالت الشرطة ومسؤولون في مجال الصحة إن ثلاثة أشخاص قتلوا وقالت مصادر في مستشفى إن شخصا آخر فارق الحياة في وقت لاحق متأثرا بجروح جراء طلقات رصاص في الرأس.
وأضافت المصادر أن أكثر من 50 آخرين أصيبوا في اشتباكات بالمدينة معظمهم بالرصاص الحي وعبوات الغاز المسيل للدموع.
واتسعت رقعة الاحتجاجات في الناصرية الواقعة على مسافة 300 كلم جنوب بغداد، لتشمل حرق مبنى الوقف الشيعي، وإقفال طرق مؤدية الى مقر شركة نفط ذي قار (شرق)، وحقل كطيعة النفطي (شمال).
وذكرت مصادر بالشرطة ومسعفون أن قوات الأمن قتلت أيضا اثنين من المحتجين على الأقل وأصابت أكثر من 70 عندما أطلقت الرصاص الحي لتفريق احتجاجات قرب ميناء أم قصر المطل على الخليج والقريب من مدينة البصرة.
وكان المحتجون قد احتشدوا لمطالبة قوات الأمن بفتح الطرق المحيطة بالميناء والتي أغلقتها القوات الحكومية لمنعهم من الوصول لمدخله.
وميناء أم قصر هو أكبر ميناء للسلع الأساسية في العراق ويستقبل شحنات الحبوب والزيوت النباتية والسكر لبلد يعتمد كثيرا على المواد الغذائية المستوردة.

وفي بغداد، قالت الشرطة ومصادر طبية إن متظاهرا قُتل أثناء مظاهرات ليلية في شارع الرشيد بوسط المدينة عندما استخدمت الشرطة الذخيرة الحية لتفريق المتظاهرين.
واندلعت الاحتجاجات مجددا في شارع الرشيد اليوم الأحد عندما استخدمت قوات الأمن الذخيرة الحية والغاز المسيل للدموع لمنع المتظاهرين من محاولة الوصول إلى الطريق المؤدي للبنك المركزي. وقالت الشرطة ومصادر طبية إن 15 محتجا على الأقل أصيبوا بجروح.
وقُتل ما لا يقل عن 330 شخصا منذ بدء الاضطرابات في بغداد وجنوب العراق أوائل أكتوبر/تشرين الأول في أكبر موجة احتجاجات تشهدها البلاد منذ سقوط صدام حسين عام 2003.
ويطالب المحتجون بالإطاحة بالنخبة السياسية التي يقولون إنها فاسدة وتخدم قوى أجنبية بينما يعيش الكثير من العراقيين في فقر دون فرص عمل أو رعاية صحية أو تعليم.
وقال مصدران طبيان إن السلطات الطبية أجلت الرضع والأطفال من مستشفى في وسط الناصرية خلال الليل بعد أن انتشر الغاز المسيل للدموع في أروقتها.
وأضافت المصادر أن الاحتجاجات استمرت في الناصرية اليوم الأحد بما شمل إضرام النار في بعض المكاتب الحكومية.
وفي ميسان وواسط أيضا امتنع الطلاب عن التوجه إلى الجامعات والمدارس وأظهرت فيديوهات وصور نشرت على مواقع التواصل آلاف الطلاب وهم يحملون الرايات والأعلام العراقية للانضمام إلى الاعتصام في مسيرات سلمية حاشدة.
وبعدما جمدت الاحتجاجات المتواصلة منذ الشهر الماضي العديد من مناحي دورة الحياة في مدن الجنوب لاسيما على صعيد المدارس والدوائر الرسمية، أتت الاحتجاجات المتجددة الأحد غداة قرار من وزارة التربية العراقية هدف إلى إعادة فتح المدارس التي انضم طلابها إلى التظاهرات بشكل كبير في الأسابيع الأخيرة في مناطق مختلفة.
لكن غالبية الدوائر الحكومية والمدارس بقيت مغلقة في مدن الحلة والديوانية والنجف والكوت والعمارة والبصرة.
وواصل المحتجون اليوم اعتصامهم في العاصمة بغداد، لاسيما في ساحة التحرير وعلى مقربة من ثلاثة جسور مقطوعة هي الجمهورية والسنك والأحرار. وقال متظاهر فضّل عدم كشف اسمه "باقون في أماكننا ولن نتحرك حتى إسقاط الحكومة وتنفيذ مطالب المتظاهرين".
وشدد من ساحة التحرير على أنه "لن نتزحزح من هنا ولا لخطوة واحدة".
وفي البصرة، قالت الشرطة إن مئات المحتجين أضرموا النار في إطارات وأغلقوا بعض الطرق مما منع موظفين حكوميين من الوصول لمكاتبهم.
وأضرم المحتجون النار في سيارة للشرطة بوسط المدينة. وقال شاهد عيان إن 35 شخصا على الأقل أصيبوا بجروح من الرصاص المطاطي وعبوات الغاز المسيل للدموع التي ألقتها قوات الأمن عليهم.
وذكرت مصادر طبية وأمنية أن قوات الأمن العراقية أصابت ما لا يقل عن 24 شخصا خلال الليل في مدينة كربلاء إثر فتحها النار على المحتجين لمنعهم من الوصول لمقر الحكومة المحلية.
وعلى رغم وعود حكومة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي بإجراء اصلاحات وتقديم معونات اجتماعية وصولا إلى تعديلات وزارية، لم يؤد ذلك إلى الحد من الاحتجاجات غير المسبوقة على هذا النطاق منذ الغزو الأميركي عام 2003.
وانعكست الاحتجاجات بشكل واسع على قطاعات اقتصادية مختلفة في العراق، ثاني أكبر منتجي النفط في العالم ضمن منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، والذي يتهم المحتجون طبقته السياسية بنهب هذه المصادر المالية بالفساد والمحسوبيات والمحاصصة.
وتدرس الحكومة في الوقت الراهن مشروع قانون موازنة العام 2020 قبل رفعه الى البرلمان. وبحسب مصادر حكومة، يتوقع أن تكون موازنة السنة المقبلة من الأكبر حتى الآن، علما بأن موازنة 2019 كانت الأكبر في مرحلة ما بعد صدام حسين، وبلغ حجمها 111 مليار دولار.
ويأتي ذلك غداة قيام نائب الرئيس مايك بنس السبت بزيارة سريعة الى العراق شملت تفقد قوات بلاده في قاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار، ولقاء رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني في مدينة أربيل، بينما اكتفى باتصال هاتفي مع عبد المهدي.
وقال مسؤول أميركي رافق بنس في زيارته، إن "أسبابا أمنية" حالت دون زيارته بغداد للقاء المسؤولين.
ومع تأجج الاحتجاجات في العراق واتساع رقعتها، قال رئيس إقليم كردستان في شمالي العراق نيجيرفان بارزاني الأحد، إن "الاحتجاجات الشعبية التي تجتاح العراق منذ الشهر الماضي تؤثر على الإقليم، داعيا واشنطن والمجتمع الدولي إلى تقديم العون لبغداد وأربيل".
جاء ذلك، وفق بيان صادر عن رئاسة إقليم كردستان خلال لقاء بارزاني مع مستشار الأمن القومي في مجلس الشيوخ الأميركي روبرت كارم الذي يزور أربيل في زيارة غير محددة المدة.
وذكر البيان أن بارزاني وكارم بحثا آخر المستجدات في العراق والمنطقة وسبل التعامل معها، مؤكدين على حاجة العراق إلى الأمن والاستقرار السياسي والأمني والفهم الصحيح للمطالب المشروعة للمتظاهرين ونبذ العنف.
ونقل البيان عن بارزاني تأكيده على أن إقليم كردستان يريد حل كل خلافاته مع الحكومة الاتحادية العراقية عن طريق الحوار والتفاهم على أساس الدستور العراقي.
وأضاف بارزاني أن الأوضاع في العراق والتظاهرات والأحداث التي تشهدها بغداد والمحافظات الأخرى تؤثر على إقليم كردستان، دون مزيد من التوضيح.
وأشار إلى ضرورة أن تقدم الولايات المتحدة والمجتمع الدولي العون للعراق والإقليم.
وكان وفد من إقليم كردستان قد أجرى، السبت، مباحثات في بغداد بشأن الخلافات العالقة بينهما من قبيل صادرات النفط والميزانية المالية للبلاد وكيفية إدارة المناطق المتنازع عليها بين الجانبين. ومن المقرر أن تستكمل المباحثات الإثنين.