إيران ترغب في إحياء الاتفاق النووي وتدفع لتقويضه!

وزير الخارجية الإيراني يعبر عن أمله في أن تشكل قمة إقليمية يستضيفها الأردن لإحياء مفاوضات فيينا النووية المجمدة منذ أشهر في تصريح يتناقض مع ممارسات إيرانية تصعيدية تضع كل الجهود على حافة الانهيار.

طهران - تواصل إيران الالتفاف على جهود إحياء الاتفاق النووي وتحاول أن تظهر كمن يدعم تلك الجهود بينما تشير ممارساتها إلى نقيض ذلك بعد أن وصلت مفاوضات فيينا إلى طريق مسدود وظلت عالقة في اشتراطات من الجانبين الأميركي والإيراني بينما تمضي طهران في تصعيد انتهاكاتها للاتفاق الذي أصبح في حكم "الميّت اكلينيكيا" ويحتاج إنعاشه إلى فعل حقيقي لا مناورات التفافية.

ورأى وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان الاثنين أن القمة الإقليمية التي يستضيفها الأردن هذا الأسبوع قد تشكّل "فرصة" لتحريك المباحثات بشأن إحياء الاتفاق النووي، والمتعثرة منذ أشهر.

وهذا أحدث تصريح إيراني رسمي يأتي في خضم توترات بسبب تعثر محادثات تجريها طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية حول اثار يورانيوم مخصب عثر عليها في منشآت غير معلنة وتتمسك إيران بأنها مواد جلبت من الخارج في تبرير غير مقنع ولا منطقي.

ويستضيف الأردن اعتبارا من الثلاثاء، قمة إقليمية تجمع العراق ودول الجوار إضافة إلى فرنسا ومن المقرر أن يحضرها وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل ومعاونه انريكي مورا الذي تولى التنسيق المباشر للمباحثات النووية.

وقال أمير عبداللهيان الذي سيمثّل بلاده في القمة، إن هذه المحطة "ستشكّل فرصة جيدة بالنسبة إلينا لاستكمال هذه المباحثات".

وخلال الأسابيع الماضية، تراجع التركيز على ملف المباحثات النووية في العلن بينما تشهد إيران منذ 16 سبتمبر/أيلول، احتجاجات على وفاة الشابة مهسا أميني بعد توقيفها من قبل شرطة الأخلاق على خلفية عدم التزامها قواعد اللباس الصارمة.

وأثارت التحركات توترا إضافيا بين إيران ودول غربية عدة أبدت دعمها للمحتجين وفرضت عقوبات على طهران بسبب "قمع" السلطات للاحتجاجات.

وكرر أمير عبداللهيان تحميل بلاده الطرف الآخر خصوصا الولايات المتحدة، مسؤولية عدم انجاز المباحثات.

وأبدى أمله في حصول "تغيير في المقاربة الأميركية التي شهدناها في الأشهر الثلاثة الأخيرة وأن يتصرف الجانب الأميركي بطريقة واقعية"، داعيا إياه للاختيار "بين النفاق وبين طلب انجاز اتفاق وعودة الولايات المتحدة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة"، الاسم الرسمي للاتفاق النووي.

وشكّل العثور في مراحل سابقة على آثار يورانيوم في مواقع لم تصرّح إيران بأنها شهدت أنشطة نووية، نقطة تباين أساسية خلال المباحثات.

وتطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية إيران منذ أشهر، بتقديم إيضاحات بشأن العثور على هذه المواد في ثلاث منشآت على أراضيها.

وفي إطار استكمال البحث بهذا الملف، زار وفد من الوكالة التابعة للأمم المتحدة، طهران حيث عقد لقاءات مع مسؤولين بينهم رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي، وفق وكالة "إيسنا".

وأوضحت الوكالة الاثنين أن الوفد الذي ترأسه نائب المدير العام ماسيمو أبارو "غادر طهران صباح اليوم إلى فيينا بعد زيارة استغرقت يوما واحدا"، مشيرة إلى أنه ناقش مع الجانب الإيراني خلالها "قضايا الضمانات والتعاون والبرامج المستقبلية المشتركة". وتثير قضية المواقع توترا بين إيران، وكل من الوكالة ودول غربية.

ومنذ يونيو/حزيران، انتقد مجلس محافظي الوكالة مرتين عدم تعاون إيران في هذه المسألة. وردت طهران في الأولى بوقف العمل بكاميرات مراقبة عائدة للوكالة في منشآتها وقامت عقب الثانية بالمباشرة بإنتاج اليورانيوم المخصّب بنسبة 60 بالمئة في منشآة فوردو.

وسبق للغربيين أن انتقدوا طلب إيران إغلاق ملف المواقع غير المعلنة قبل إحياء الاتفاق النووي ودعوها للتعاون مع الوكالة لحلها من خلال توفير أجوبة تقنية موثوقة، بينما اعتبرت طهران القضية "مسيّسة" وجزءا من اتهامات ضدها.

وأبرمت إيران مع قوى كبرى (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا) في عام 2015، اتفاقا بشأن برنامجها النووي أتاح رفع عقوبات عنها لقاء خفض أنشطتها وضمان سلمية برنامجها، إلا أن الولايات المتحدة انسحبت منه عام 2018 وأعادت فرض عقوبات على الجمهورية الإسلامية التي ردت بالتراجع تدريجا عن معظم التزاماتها.

وبدأت إيران وأطراف الاتفاق بتنسيق من الاتحاد الأوروبي ومشاركة أميركية غير مباشرة، مباحثات لإحيائه في أبريل/نيسان 2021. وتعثر التفاوض مطلع سبتمبر/ايلول 2022، مع تأكيد الأطراف الغربية أن الرد الإيراني على مسودة تفاهم كان "غير بنّاء".