إيران تلوّح بالانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية

اعداد البرلمان الايراني لقانون الانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية يعد ورقة ضغط توجهها طهران إلى واشنطن والعواصم الأوروبية لدفع اسرائيل على وقف هجماتها.
ايران تجدد تمسكها بموقفها الرافض لتطوير أسلحة الدمار الشامل

طهران – وسط أجواء من التوتر المتصاعد في المنطقة، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، اليوم الإثنين، أن البرلمان الإيراني بصدد إعداد مشروع قانون يقضي بالانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية وهي خطوة من شأنها أن تثير قلق المجتمع الدولي وتزيد من تعقيد الملف النووي الإيراني وربما تزيد من الضغوط الأميركية.
ورغم هذا التوجّه، شدّد بقائي على أن طهران ما زالت متمسكة بموقفها الرافض لتطوير أسلحة الدمار الشامل، معتبرًا أن هذا التحرك البرلماني يأتي في سياق الضغوط السياسية بعد الهجمات الاسرائيلية، وليس تحوّلًا في العقيدة النووية للجمهورية الإسلامية.
ويأتي الإعلان الإيراني بالتزامن مع استمرار تبادل القصف بين إيران وإسرائيل، في ظل تصعيد غير مسبوق بين الطرفين، وسط صمت دولي وانتقادات عربية ودولية لتدهور الأوضاع الإنسانية، خاصة في غزة. وتتهم طهران الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة، بازدواجية المعايير، من خلال السكوت عن الهجمات الإسرائيلية المتواصلة، مقابل الضغط المستمر على إيران بشأن برنامجها النووي.
ويرى مراقبون أن خطوة إعداد قانون الانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية تُعد ورقة ضغط سياسية توجهها طهران إلى واشنطن والعواصم الأوروبية، في محاولة لدفعهم إلى التدخل لوقف الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي الإيرانية وخاصة على المنشآت النووية.
وفي موقف متوازن يعكس حرص القيادة الإيرانية على عدم قطع شعرة معاوية مع المجتمع الدولي، أكّد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، اليوم الإثنين، أن بلاده لا تنوي تطوير أسلحة نووية، مشددًا على تمسك إيران بحقها في تطوير الطاقة والأبحاث النووية لأغراض سلمية.
وفي تصريحات نقلتها وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء (إرنا)، جدّد بزشكيان التأكيد على الفتوى الصادرة عن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، والتي تحرّم إنتاج واستخدام أسلحة الدمار الشامل، مشيرًا إلى أن هذه الفتوى تُعد من المبادئ الثابتة في السياسة الدفاعية لإيران.
وفي تطور آخر يعكس تصلب الموقف الإيراني بعد القصف الاسرائيلي، أعلنت طهران رفضها المشاركة في اجتماع كان مقررًا أمس الأحد في العاصمة العمانية مسقط، والذي كان يهدف إلى إحياء مسار التفاوض حول الملف النووي الإيراني. واعتبرت طهران أن الحوار في ظل استمرار الهجمات الإسرائيلية يُفقد أي مفاوضات معناها، ويكرّس سياسة الأمر الواقع.
وقالت مصادر دبلوماسية إن الاجتماع، الذي رعته أطراف دولية، كان فرصة لإعادة فتح قنوات التواصل غير المباشرة بين طهران وواشنطن، إلا أن القصف الإسرائيلي الأخير على أهداف في العمق الإيراني نسف هذه الجهود.
وتسود حالة من القلق في الأوساط الدولية من أن يؤدي انسحاب إيران المحتمل من معاهدة عدم الانتشار إلى سباق تسلّح نووي في الشرق الأوسط، خصوصًا في ظل الغموض الذي يحيط بالبرنامج النووي الإسرائيلي، الذي لم يخضع يومًا لأي رقابة دولية، في ظل رفض تل أبيب التوقيع على المعاهدة.
ويرى خبراء أن إيران تحاول من خلال هذا التلويح إظهار مفارقة قانونية وسياسية: فبينما تلتزم طهران قانونًا وشرعيًا بقيود المعاهدة وتُدان باستمرار، تظل إسرائيل بمنأى عن أي مساءلة دولية رغم امتلاكها ترسانة نووية غير معلنة.
وفي ظل هذا التصعيد، تبقى الأبواب مفتوحة على كل الاحتمالات، في وقت تبدو فيه المنطقة مقبلة على مرحلة من عدم اليقين السياسي والعسكري، مع تراجع فرص التهدئة وغياب مبادرات جدية لإحياء المسار الدبلوماسي.