اتحاد الشغل التونسي: الحديث عن شغور في الرئاسة سقوط أخلاقي
الحمامات (تونس) - أثار تعرض الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي لوعكة صحية وصفتها الرئاسة قبل يوم بـ"الحادة" قبل أن تؤكد اليوم الجمعة استقرار وضعه الصحي، سجالات سياسية وجدلا حول سيناريوهات الشغور في منصب الرئاسة ومصير الانتخابات التشريعية والرئاسية.
وصدر حتى الآن أوضح موقف عن الاتحاد العام التونسي للشغل أكبر مركزية نقابية في البلاد تتمتع بنفوذ اجتماعي وسياسي واضح، حيث اعتبر الأمين العام للاتحاد نورالدين الطبوبي الخوض في مسألة الشغور "سقوطا أخلاقيا"، مشيرا إلى أن حالة قايد السبسي في تحسن.
كما أكد الطبوبي أنه لا مجال لتأجيل الانتخابات في تونس، مشددا على أن الوضع العام لا يحتمل ذلك.
وجاءت تصريحاته على هامش إشرافه اليوم الجمعة على افتتاح مؤتمر الجامعة العامة (نقابة) للتجهيز والأشغال العامة بمدينة الحمامات شرقي البلاد، حيث أكد أنّ "إجراء الانتخابات في وقتها يُعد أقوى رد على الإرهاب وعلى أعداء الديمقراطية حتى تبقى تونس رائدة في مجال الحريات والديمقراطية."
وقال إن "الاتحاد سيتصدى إلى كل من تخول له نفسه المساس بالمسار الديمقراطي"، مضيفا "من يريد أن يحكم تونس عليه أن يستمد شرعيته من الشعب لا من وراء البحار وعليه التوحيد بين مختلف مكونات الشعب"، مشددا على أن "مقاومة الإرهاب تتطلب مقاربة تربوية وثقافية وقيم روحية إضافة إلى المقاربة الأمنية والعسكرية."
والخميس، شهدت العاصمة تونس تفجيرين انتحاريين، أسفرا عن مقتل رجل أمن، وإصابة 9 أشخاص، فيما تبنى تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي لاحقا مسؤوليته عن التفجيرين.
ومن المقرر أن تجري تونس انتخاباتها التشريعية في 6 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، تليها الرئاسية في 17 نوفمبر/تشرين الثاني.
وعلّق الطبوبي على الوضع الصحي للرئيس الباجي قائد السبسي الذي تعرض لوعكة الخميس، أدخل على إثرها المستشفى قائلا "لا مجال الآن للحديث عن شغور في منصب رئيس الجمهورية باعتبار أن الوضع الصحي للباجي قايد السبسي مستقر حاليا"، معتبرا أن الحديث عن ذلك (شغور منصب الرئيس) يعتبر انحطاطا أخلاقيا ومن العيب الاستباق بالحديث عن وفاة الرئيس".
وقال الطبوبي إن "البلاد تمر بوضع صعب جدا يتطلب الوحدة الوطنية خاصة في ظل وجود المخابرات الأجنبية والموساد بتونس."
وجاءت تصريحات الطبوبي بينما تعيش تونس على وقع جدل فجّره الوضع الصحي للرئيس حول السيناريوهات المطروحة في حالة الشغور في منصب الرئاسة.
لكن الرئاسة التونسية أكدت اليوم الجمعة أن الوضع الصحي للرئيس الباجي قائد السبسي (92 عاما) يتحسن غداة نقله للمستشفى اثر تعرضه لوعكة وأنه "لا وجود لفراغ دستوري"، ولكن إذا طالت فترة غيابه، فمن شأن ذلك أن يؤثر على الانتخابات المقررة نهاية العام.
وتقرر المحكمة الدستورية شغور منصب رئيس الجمهورية، لكن منذ 2011 لم يتمكن البرلمان من انتخاب أعضاء المحكمة التي تعتبر مهامها مفصلية في تسيير عملية الانتقال الديمقراطي في البلاد.
وحلت الهيئة المؤقتة لمراقبة دستورية القوانين محل المحكمة الدستورية، لكن ليس لها تفويض واضح للبت في حالات مماثلة، وفقا لمنظمة بوصلة المتخصصة في الشؤون السياسية والبرلمانية في تونس.
ويرى مهدي العش المحلل القانوني في بوصلة أن "هذا هو التأويل الأكثر قبولا في كل الحالات"، فيما يقول شفيق صرصار الرئيس الأسبق لهيئة الانتخابات إنه وفي حال قررت الهيئة المؤقتة لمراقبة دستورية القوانين عدم التدخل "من الممكن المرور مباشرة للبرلمان وتعيين رئيسه".

ويشغل رئيس البرلمان محمد الناصر (85 عاما) مؤقتا المنصب في حالة الشغور في منصب الرئاسة وفقا للفصل 84 من الدستور.
وانتخب الناصر رئيسا للبرلمان في 2014 ويعد من السياسيين المقربين من قائد السبسي. كما يمكن تكليف رئيس الحكومة كذلك بمهام رئيس الدولة في حالتين.
طبقا للمادة 83 من الدستور التي تنص على أن "لرئيس الجمهورية إذا تعذّر عليه القيام بمهامه بصفة وقتية أن يفوض سلطاته إلى رئيس الحكومة لمدة لا تزيد عن ستين يوما".
ويقوم رئيس الجمهورية بإبلاغ رئيس مجلس نواب الشعب بتفويضه المؤقت لسلطاته. كما أنه وفي حال شغور مؤقت للسلطة يحل رئيس الحكومة مكان الرئيس مباشرة مدة ستين يوما.
ويرى العش أنه "سيكون هناك رئيس واحد لكل السلط التنفيذية" وهو يوسف الشاهد وبإمكانه لاحقا أن يُقر التعديلات التي صادق عليها البرلمان الأسبوع الماضي والتي بالإمكان أن تقصي خصومه السياسيين.

وتجري الانتخابات البرلمانية في تونس في السادس من أكتوبر/تشرين الأول، تليها الرئاسية في 17 نوفمبر/تشرين الثاني.
وفي حال إقرار انتخابات رئاسية مبكرة، فسيكون من المحتمل أن لا يتم العمل وفقا للتعديلات التي أقرها البرلمان على القانون الانتخابي وبذلك يستطيع المرشحون الذين تم إقصاؤهم المشاركة.
ويخلص المحلل في بوصلة إلى أن تأجيل الانتخابات سيشكل "خرقا كبيرا للدستور".
واستنكرت حركة النهضة التونسية اليوم الجمعة "الشائعات المغرضة" التي تم ترويجها عن الوضع الصحي للرئيس الباجي قايد السبسي.
وقالت النهضة التي تملك أكبر كتلة برلمانية بـ68 نائب من إجمالي 217 في بيان، إنها "تستنكر هذه الإشاعات الهادفة لإرباك الأجواء وبث البلبلة في البلاد وتنبه إلى خطورة الانجرار وراءها".
ولفتت إلى أن "الوضع العام في تونس بخير في ظل استقرار صحة الرئيس وتواصل السير العادي للدولة ومؤسساتها."
وجدّدت الحركة "دعمها التام والقوي للسبسي وتثمينها لدوره المتواصل في قيادة الانتقال الديمقراطي".
كما أشادت بـ"ما أبداه الشعب من وعي ومسؤولية ووحدة في التعاطي مع هذه المحاولات المشبوهة للمساس بأمن البلاد واستقرارها".
وفي وقت سابق الجمعة، أكدت المتحدثة باسم الرئاسة سعيدة قراش تحسن صحة الرئيس بعد يوم من تعرضه لوعكة صحية، استوجبت نقله إلى المستشفى.
وأضافت قراش أن قايد السبسي أجرى صباح الجمعة مكالمة هاتفية مع وزير الدفاع عبدالكريم الزبيدي حول الوضع العام في البلاد.