اتساع نطاق الاحتجاجات في الأردن يهدد بقاء حكومة الخصاونة

الإضرابات والتحركات التي ينفذها العاملون بقطاع النقل والشحن رفضا لارتفاع اسعار المحروقات تتوسع لتشمل مزيدا من المحافظات رغم جهود الحكومة لتطويقها.
البرلمان يدعو للحوار بين كل الاطراف للخروج من الازمة
ازمة الطاقة العالمية وقرار تخفيض انتاج النفط أثرا سلبا على الاردن
الخصاونة يبحث عن دعم مالي من الخليج لمواجهة الازمة
تدخل وارد من الملك عبدالله يضع حكومة الخصاونة امام المساءلة

عمان - تتصاعد وتيرة الاحتجاجات والإضرابات في الأردن التي ينفذها قطاع النقل والشحن رغم المحاولات التي تبذلها الحكومة للحد من تلك التحركات برفع أجور العاملين في الشحن ودعم القطاع ماليا رغم تأكيد المتظاهرين على ضرورة خفض أسعار المحروقات في ما باتت أزمة الطاقة العالمية تؤثر سلبا على الوضع الداخلي.
ورغم أن المظاهرات انطلقت في مدينة معان (جنوب عمان) بداية الشهر الجاري لكن يبدو أن وتيرة الاحتجاجات بدأت تتسع لتشمل مدنا ومحافظات أخرى بقطع الطرق وإشعال العجلات المطاطية رفضا لرفع أسعار المحروقات بشكل متكرر بعد أن مست جيوب الفقراء وأضرت بقطاع النقل.
ووضع إضراب الشاحنات في البداية حكومة بشر الخصاونة أمام أزمة جديدة تُهدد بقاءها حيث ستتحمل هذه الحكومة تداعيات أزمة الطاقة نتيجة الحرب الروسية على أوكرانيا وقرار أوبك+ خفض إنتاجها من النفط.
واتسعت رقعة الإضراب لتشمل وسائل نقلٍ أخرى، وسط مطلبٍ رئيسي للمضربين عنوانه "خفض أسعار المشتقات النفطية" التي سجلت ارتفاعات كبيرة خلال العام الجاري.
ويتواصل الإضراب الذي بدأ في 5 ديسمبر/كانون أول الجاري دون ما يدلل على وجود حل قريب، خاصة مع تزايد ملحوظ لمظاهر الإضراب في العديد من محافظات المملكة.
والإثنين، خلُص اجتماع حكومي نيابي أردني إلى تشكيل لجنة مشتركة، لبحث حلول ملف النقل في ظل الإضراب.
ووفق إحصاءات هيئة تنظيم النقل البري (حكومية)، فإن عدد الشاحنات بالمملكة يبلغ نحو 21 ألف شاحنة بكافة الأنماط (نقل بضائع وحاويات).
وانضم إلى إضراب الشاحنات سيارات الأجرة وسيارات النقل عبر التطبيقات الذكية، وحافلات نقل الركاب وحافلات المدارس، للمطالبة بخفض أسعار الوقود المباع في السوق المحلية.
والأردن بلد مستورد لمصادر الطاقة لعدم امتلاكه ثروات طبيعية، إذ يستورد تقريبا كامل احتياجاته من النفط الخام، ويقوم بتكريرها في مصفاة محلية.
وهذا العام وصلت أسعار المشتقات في الأردن لمستويات تاريخية غير مسبوقة، أرجعته الحكومة إلى ارتفاع أسعار النفط الخام عالميا.
والأردن يأتي في المرتبة الرابعة عربيا كأعلى سعر لمشتقات الوقود، بعد كل من لبنان وسوريا وفلسطين.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي قررت لجنة تسعير المشتقات النفطية بالأردن زيادة سعر لتر الديزل 35 فلسا، ليرتفع بذلك من 860 سابقا (1.21 دولار) إلى 895 فلسا (1.26 دولار).
كما تقرر رفع أسعار مادة البنزين 90 بمقدار 10 فلسات، والبنزين 95 بمقدار 15 فلساً، ليصبح سعر بيع الأول 920 فلساً (1.29 دولارا) للتر الواحد، ويصبح سعر اللتر للثاني 1170 فلساً (1.64 دولارا).
ومنذ عام 2020، ارتفعت أسعار المشتقات النفطية بالأردن بنسب تراوحت ما بين 29 و36 بالمئة، باستثناء أسطوانات الغاز المنزلي التي حافظت على سعرها عند 7 دنانير (9.85 دولار أميركي).
ومشتقات الوقود بالمملكة والمتعارف عليها ضمن التسمية المحلية، هي بنزين 90، وبنزين 95، وديزل، وكاز، إضافة إلى أسطوانات الغاز المنزلي.
وأزمة النقل يراها مراقبون بأنها لن تمر دون رحيل الحكومة، سيما وأنّها لم تقدم لها أيّة حلول تحول دون تكبّد المملكة، المأزومة اقتصادياً، مزيداً من الخسائر.
وكلف ملك الاردن عبد الله الثاني في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2020 الخصاونة بتشكيل الحكومة، وهو رئيس الوزراء الثالث عشر في عهد الملك الحالي منذ أن تولى سلطاته الدستورية في 7 فبراير/ شباط 1999.
وفي خضم تصاعد الاحتجاجات دعا مجلس الأعيان الأردني (الغرفة الثانية للبرلمان)، الثلاثاء، إلى ضرورة حوار بين كافة الأطراف ذات العلاقة بإضراب قطاع النقل؛ بهدف الوصول إلى تفاهمات مشتركة.
وقال في بيان إنه "يدرك حجم الضغوطات الاقتصادية والمعيشية التي يعاني منها المواطن، ويثمن عدم التعرض للممتلكات الخاصة والعامة، واحترام سيادة القانون وأمن الوطن واستقراره".
كما دعا الجميع إلى انتهاج سبل الحكمة والحفاظ على أمن الوطن واستقراره، في ظل الظروف الراهنة التي يواجه فيها تحديات وضغوطات اقتصادية وأمنية، بسبب ما يجري حوله من صراعات وأزمات، أضافت على الدولة أعباء كبيرة.
واضاف "مجلس الأعيان، وهو يدرك أن ارتفاع الأسعار ظاهرة طالت كافة الدول، إلا أنه يذكر بأهمية مراعاة ظروف الفئات الأكثر تضررا في ظروف تشهد ارتفاعات كبيرة طالت أسعار السلع الأساسية، وفي مقدمتها النفط والغذاء".
وتأتي هذه التطورات فيما تسعى الحكومة الأردنية لإيجاد مخرج للازمة من خلال الحصول على دعم من دول خليجية في مقدمتها المملكة العربية السعودية حيث أدى الخصاونة زيارة إلى الرياض الثلاثاء التقى خلالها ولي العهد الامير محمد بن سلمان حيث مثل الملف الاقتصادي على رأس المباحثات.
وكانت السعودية قدمت مساعدات للأردن في السابق لتجاوز مشاكل اقتصادية ومالية في بلد يعيش على عائدات من السياحة وعلى الدعم الخليجي.

حكومة الخصاونة ظهرت ضعيفة وبلا دعم في مواجهة الاحتجاجات
حكومة الخصاونة ظهرت ضعيفة وبلا دعم في مواجهة الاحتجاجات

حكومة تفتقر خبرة التعامل مع الناس
واعتبر عامر السبايلة، الكاتب والمحلل السياسي أن حكومة الخصاونة "تفتقر لخبرة التعامل مع الناس، بل على العكس تماماً، قامت بخطوات استفزازية وبطريقة لا يمكن قبولها".
وقال السبايلة "لا يمكن لأية حكومة في العالم اليوم وفي ظل الأزمات المتراكمة من كورونا وطاقة أن ترفع الأسعار بهذه الطريقة، حيث أن السعر بالأردن مجمله ضرائب غير مبررة، وليس له ارتباط بالسعر عالمي".
وزاد "المبالغة بهذا الأسلوب وخاصة مع دخول فصل الشتاء، وإصرار الحكومة على رفع أسعار الديزل والكاز هو بحد ذاته استفزاز للمواطن، ووضع نفسها في خانة العدو".
وذكر أن "تطور حالة الوعي كإضراب منظم قد يقود إلى عصيان مدني في مراحل مستقبلية، إلى الحديث عن مشروعية الضرائب المفروضة، كله يعني أن قصة تبديل الحكومات لم تعد ذات فعالية".
وقال جمال الشلبي، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الهاشمية (حكومية) "يتضح من خلال استمرار الإضراب هو عدم رغبة الحكومة وقدرتها على الحل".
وأضاف "الحكومة لديها صلاحيات من الملك في الشؤون العامة، ولكن هذا لا يعني بالمطلق أنها لن تذهب إذا ما أصبحت عبئاً؛ لأن المصلحة الوطنية هي الأهم".
وأكد الشلبي: "لا شك أن الإضراب وضع الحكومة في مأزق، والخسارة على الأردن ستكون كبيرة إذا ما استمر الصراع بين الجانبين (حكومة ومضربين)؛ لإخضاع كل منهما الطرف الآخر".
وشدد الشلبي بقوله: "لا أعتقد أن الحكومة ستذهب، ولكن الملك في النهاية يُريد الحفاظ على صلته بشعبه، خاصة إذا استمرت تداعيات الإضراب وتواصل اتساعه، وسيضحي بالحكومة في سبيل ذلك".
ويؤكد حسن الدعجة، أستاذ الدراسات الاستراتيجية في جامعة "الحسين بن طلال" (حكومية) أن "الإضراب نتيجة رفع الحكومة أسعار الديزل بنسب وصلت إلى 45 بالمئة عن قيمتها السابقة".
وقال "هذا الموضوع شكّل ناقوس خطر باتجاه قضايا كثيرة، ومنها انعكاس تلك الارتفاع على كلفة وسائل الإنتاج التي تعمل بالديزل، وبخاصة من المواد الغذائية وغيرها، وهذه النقطة ستؤثر على المواطن وتثقل كاهله".
وتوقّع الدعجة أن "استمرار الإضراب وتوسعه سيكبر كما تتدحرج كرة الثلج صغيرة وتصبح كبيرة، لا أحد يستطيع إيقافها، ما سيؤثر بطبيعة الحال على سير أعمال الحكومة".