اتفاق ترسيم الحدود البحرية يؤجج الأزمة السياسية في إسرائيل

زعيم المعارضة الإسرائيلية يصف اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان بأنه استسلام مخز لحزب الله واستقدام لإيران للتنقيب عن الغاز قبالة سواحل إسرائيل.
لابيد: اتفاق الترسيم البحري مع لبنان "يبعد" إمكان اندلاع نزاع مع حزب الله
مسؤول إسرائيلي: تقوية لبنان مصلحة لأنه يضعف حزب الله
نتنياهو ينتقد ولابيد يدافع عن اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان
إسرائيل قبلت باتفاق ترسيم الحدود البحرية لتجنب مواجهة مع حزب الله

القدس - أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد مساء الأربعاء أن الاتفاق بين إسرائيل ولبنان في شأن ترسيم الحدود البحرية "يُبعد" إمكانية اندلاع نزاع مسلح جديد مع حزب الله اللبناني، في موقف أيده رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي إيال حولتا، حيث دافع عن اتفاق ترسيم الحدود البحرية، معتبرا أن هناك مصلحة أمنية إسرائيلية في تقوية الدولة اللبنانية لأن ذلك يضعف حزب الله. وتأتي تصريحات لابيد وحولتا ردا على انتقادات المعارضة للاتفاق.

وجاء اتفاق ترسيم الحدود تتويجا لمسار تفاوضي غير مباشر بين إسرائيل ولبنان بوساطة أميركية وحدثا تاريخيا يسبق الانتخابات التشريعية المبكرة والتي يأمل نتنياهو أن ينتزع فيها فوزا ساحقا على ائتلاف أحزاب منقسمة يتزعمها يائير لابيد.   

وقال لابيد في مؤتمر صحافي في القدس "هذا الاتفاق يبعد إمكانية اندلاع مواجهات مسلحة مع حزب الله. إسرائيل لا تخشى حزب الله ولكن إذا كان تجنب الحرب ممكنا، فمن مسؤولية الحكومة القيام بذلك".

وصادقت الحكومة الإسرائيلية الأربعاء بغالبية كبيرة على مبادئ الاتفاق لترسيم الحدود البحرية مع لبنان الذي تم التوصل إليه بين البلدين بوساطة أميركية، على أن يعرض على الكنيست للاطلاع، وفقا لبيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء.

وتقول مصادر إسرائيلية إن مشروع الاتفاق يحظى بتأييد الغالبية ما يجعل اقراره في الكنيست أمرا حتميا.

ونصت صيغة مشروع الاتفاق التي عرضها الوسيط الأميركي أموس هوكستين وسربت للصحافة على خضوع حقل كاريش بالكامل للسيطرة الإسرائيلية في مقابل منح حقل قانا للبنان، بينما قسم منه يتجاوز خط الترسيم الفاصل بين مياه البلدين.

وستحصل شركة توتال الفرنسية على ترخيص للتنقيب عن الغاز في حقل قانا، على أن تحصل إسرائيل على حصة من الإيرادات المستقبلية.

وأضاف لابيد أن "حقل كاريش يقع تحت سيادتنا وأي هجوم عليه سيكون تاليا هجوما على إسرائيل. ولن نتردد لحظة واحدة في استخدام القوة للدفاع عن حقلنا في الغاز"، موضحا أن "إسرائيل ستتلقى نحو 17 بالمئة من عائدات حقل قانا حين يدخل مرحلة الإنتاج".

ويخوض لابيد حملته للانتخابات التشريعية المقررة في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني ويتنافس فيها مع زعيم المعارضة نتانياهو الذي سبق أن عارض الاتفاق بشدة.

ومساء الثلاثاء أعلن الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله أن حزبه سيؤيد اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل إذا وافق المسؤولون اللبنانيون على العرض الذي تقدم به الوسيط الأميركي في المفاوضات.

وأسفرت آخر حرب بين إسرائيل وحزب الله صيف العام 2006 عن أكثر من 1200 قتيل في الجانب اللبناني، معظمهم مدنيون، مقابل 160 قتيلا إسرائيليا معظمهم عسكريون.

وفي إحاطة للصحفيين حول الاتفاق مع لبنان قال رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي إيال حولتا "الاتفاق لا يتوافق مع مصالح إيران في لبنان فهو يقوي الحكومة اللبنانية ويقلل من اعتمادها على حزب الله وبالتالي فهو ضد المصلحة الإيرانية"، وفق ما نقلت عنه وسائل إعلام عبرية بينها موقع "واللا" وصحيفة "يديعوت أحرونوت".

وأضاف "في نظر الإسرائيليين، كان هذا أحد الأسباب في الدفع نحو توقيع الاتفاق"، موضحا أن الاتفاق "سيعمل على استقرار الوضع الأمني في مواجهة لبنان وهو أول تسوية سياسية تجاه لبنان منذ 40 عاما".

واعتبر أن الاتفاق "يعد تغييرا في موقف حزب الله المعارض لأي اتفاق مع إسرائيل". وكشف حولتا، أنه "حال حولت الحكومة اللبنانية أي أموال لحزب الله من عائدات حقل قانا للغاز فسيتم فرض عقوبات شديدة عليها"، مضيفا "لن يتم نقل أي شيء من هذا الاتفاق لحزب الله، وهذا أمر راسخ أمام الأميركيين وهم الضامنون له".

واعتبر حولتا أن الاتفاق "سيزيل التهديد عن منصة حقل كاريش ويجلب الهدوء وينهي المزيد من الادعاءات بخصوص الحدود البحرية".

وأشار إلى أن أحد أسباب تأخر الاتفاق هو "المطالبة الإسرائيلية بالحفاظ على خط العوامات (الطفافات)"، مضيفا "سيتم تحديد الخط بطريقة منظمة باعتباره الوضع الراهن المتفق عليه بين إسرائيل ولبنان وسيتم إيداعه في الأمم المتحدة على هذا النحو".

وقال "الاتفاق يحدد أن هذه هي نهاية الصراع البحري حتى يتم استئناف المفاوضات السياسية الشاملة حول الحدود بين إسرائيل ولبنان في المستقبل".

وتابع "لبنان لم يحصل على 100 بالمئة مما طلبه. اللبنانيون يريدون 100 بالمئة من خزان قانا، لكنهم لم يحصلوا على ذلك، حصلوا على معظمه، لكن ليس كله وسيتم تعويض إسرائيل عن حقوقها في الخزان"، مضيفا "كما أنهم (اللبنانيون) لم يحصلوا على الخط الذي أرادوه في المنطقة الأمنية في خط العوامات (الطفافات)".

وأوضح حولتا "أنه وفقا للاتفاق سيكون هناك مراسم مشتركة لإسرائيل ولبنان والولايات المتحدة في قاعدة الأمم المتحدة في الناقورة (على الحدود) لتوقيع الاتفاق".

وفي وقت سابق الأربعاء، وافقت الحكومة الإسرائيلية على "مبادئ" الاتفاق مع لبنان على أن تصوت عليه بشكل نهائي بعد 14 يوما.

وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق بنيامين نتنياهو (2009-2021)، اتفاق ترسيم الحدود مع لبنان، بـ"المخزي"، معتبرا أنه رضوخ لمطالب حزب الله والسماح لإيران بالتنقيب عن الغاز قبالة السواحل الإسرائيلية.

وقال في كلمة تسجيل مصور الأربعاء على حسابه بتويتر "هذا ليس اتفاقا تاريخيا، بل استسلام تاريخي"، مضيفا "يدور الحديث عن اتفاق استسلام مخز من قبل رئيس الوزراء يائير لابيد ووزير الدفاع بيني غانتس للأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله".

وتابع "لقد أعطوه مياهنا الإقليمية وأراضينا السيادية وغازنا وفي النهاية استسلموا أيضا لمطلب حزب الله بالسماح لإيران بالتنقيب عن الغاز قبالة سواحل إسرائيل، لقد جلبوا إيران بالفعل إلى حدودنا الشمالية".

وبحسب نتنياهو "حصل لبنان على 100 بالمئة وتلقت إسرائيل صفر بالمئة، هذا ليس اتفاقا تاريخيا بل استسلام تاريخي"، مضيفا "يدور الحديث عن اتفاق استسلام لرئيس وزراء انتقالي ضعيف وهاو، أخطر شي هو أن لابيد وغانتس أوجدا سابقة خطيرة للغاية- الإرهاب يهدد وإسرائيل تتراجع. هذه ضربة خطيرة لقوتنا الرادعة"، في إشارة لتهديدات سابقة لحزب الله"، برد فعل قوي حال بدأت إسرائيل التنقيب عن الغاز في حقل كاريش دون التوصل لاتفاق لترسيم الحدود.