اتفاق لبنان وإسرائيل يُطلق سباقاً إقليمياً لاستغلال غاز المتوسط

قطر تنوي الانضمام إلى كونسورتيوم للتنقيب عن النفط والغاز شرق المتوسط، بينما تُجري مصر مباحثات مع الفلسطينيين ومع إسرائيل للتوصل إلى اتفاق لتطوير حقل للغاز الطبيعي قبالة سواحل قطاع غزة.

دبي / غزة (الأراضي الفلسطينية) - يبدو أنّ الاتفاق الذي أعلنه لبنان وإسرائيل قبل أيام حول ترسيم الحدود البحرية بينهما وآلية استثمار الغاز الطبيعي، قد فتح شهية الكثير من الأطراف والدول الإقليمية لتنال نصيبها من ثروات المتوسط، في وقت يُعاني فيه العالم من أزمة طاقة غير مسبوقة إثر تداعيات الحرب في أوكرانيا.
وقالت رئاسة مجلس الوزراء اللبنانية على تويتر الجمعة نقلا عن وزير الطاقة اللبناني إن قطر تنوي الانضمام إلى كونسورتيوم للتنقيب عن النفط والغاز في منطقتي الامتياز 4 و9 في شرق البحر المتوسط لتصبح "الشريك الثالث لشركتي توتال وإيني".
وتوصل لبنان وإسرائيل يوم الثلاثاء إلى اتفاق تاريخي لترسيم حدود بحرية متنازع عليها بعد سنوات من مفاوضات بوساطة أميركية مما يفتح الطريق للتنقيب عن مصادر الطاقة قبالة الساحل.
من جهتها تُجري مصر مباحثات مع الفلسطينيين ومع الدولة العبرية بهدف التوصل إلى اتفاق يتيح لها تطوير حقل للغاز الطبيعي في شرق المتوسط قبالة سواحل قطاع غزة.
ومنذ أسابيع وضعت حماس وفصائل فلسطينية أخرى لافتة كبيرة عند مدخل "ميناء غزة للصيادين" (غرب غزة) كتب عليها باللغتين العربية والانجليزية "غازنا حقنا!". كما ظهرت ملصقات على طرقات في القطاع تطالب ب"الاستفادة من غاز غزة".
وتقدر كلفة تطوير حقل غزة ب1,1 مليار دولار وسيؤمن نحو مئتي مليون دولار على الأقل لخزينة السلطة الفلسطينية سنويا، كما يقول الخبير الاقتصادي مازن العجلة، موضحا أن احتياطي حقل غزة يزيد على 33 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي.
وتجري مباحثات بين صندوق الاستثمار الفلسطيني ومجموعة اتحاد المقاولين من جهة والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (ايجاس) لتطوير حقل غاز غزة.
وقال مسؤول فلسطيني "تجري مباحثات جادة من أجل التوصل إلى اتفاق اطار". وأضاف "نتوقع أن نتوصل إليه قبل نهاية العام الحالي"، مؤكدا أن الشركة المصرية "ستباشر فور توقيع هذا الاتفاق بأعمال تطوير حقل غاز.
وتابع المسؤول نفسه "نأمل في بدء بيع الغاز مع بداية 2025". وأشار أن "مفاوضات تجري بين مصر وإسرائيل كي يصبح الاتفاق معنا قابلا للتنفيذ".
وأكد مصدر مصري هذه المباحثات، موضحا أن بلاده "تجري اتصالات مع كل الأطراف بما فيها إسرائيل لتطوير حقل غاز غزة والاستفادة منه". وأكد ان ذلك "سيدعم الاقتصاد الفلسطيني" من دون أن يضيف مزيدا من التفاصيل.
ويؤكد العجلة أن الجانب المصري سيواصل "ممارسة الضغط" على اسرائيل للموافقة على تطوير حقل غاز غزة. وقال "من مصلحة مصر أن تستخرج غاز غزة لأنه سيعود للشركة المصرية بإيرادات مالية ويزيد نفوذ مصر في غزة".
وتوقع "ردا اسرائيليا ايجابيا لتهيئة البنية التحتية للغاز كي لا تكون إسرائيل عقبة أمام عمل منتدى المتوسط للغاز".
وأطلق منتدى "غاز شرق المتوسط" ومقره في القاهرة في 2019. وهو يضم مصر والأردن واليونان وإيطاليا وإسرائيل وقبرص إلى جانب السلطة الفلسطينية. ويهدف إلى تأمين احتياجات الدول الأعضاء من الطاقة وإنشاء سوق غاز إقليمي.
وعبر العجلة عن "تخوفات" من الجانب الاسرائيلي. وقال إن "التخوف الرئيسي هو أن توافق إسرائيل ثم تتنصل بكل سهولة".
وفي شباط/ فبراير 2021 وقّعت "إيجاس" المصرية مذكرة تفاهم مبدئية مع صندوق الاستثمار ومجموعة اتحاد المقاولين بشأن غاز غزة.
وقال مصدر مطلع في السلطة الفلسطينية إن "موافقة إسرائيل ضرورية لبدء أعمال التطوير الحقل ومد شبكة الأنابيب". وأكد أن إسرائيل "تمنعنا من الاستفادة من غازنا الطبيعي، وتعرقل عمل أي شركة لاستخراج الغاز".
وتابع المصدر نفسه "نأمل أن تتوصل مصر إلى اتفاق مع الجانب الإسرائيلي"، مشيرا إلى أن "هذا يحتاج إلى ضغط دولي خصوصا من الولايات المتحدة التي كان لها الدور الأهم والضاغط في التوصل لاتفاق لبنان مع إسرائيل حول حقل الغاز".
يرى العجلة أن حماس التي تسيطر على قطاع غزة "تستطيع التعطيل وإسرائيل تشترط عدم استفادة حماس من الغاز".
لكنه أضاف أن مصر التي "تدير ببراعة علاقات مصالح" مع حماس "تستطيع حل المشكلة" عبر "إغراء" الحركة للاستفادة أيضا من خلال "تطوير حركة الاستيراد وتصدير البضائع" البينية عبر عبر بوابة صلاح الدين الحدودية بين غزة ومصر.
وأطلقت حماس والفصائل الشهر الماضي نشاطات وتظاهرات في إطار "حملة حماية ثرواتنا" للاستفادة من الغاز.
وكانت السلطة الفلسطينية كلفت في 1999 شركة "بريتش غاز" البريطانية بأعمال التنقيب على شواطئ القطاع.
بعد عام، أعلنت السلطة الفلسطينية والشركة البريطانية عن اكتشاف حقل الغاز "مارين غزة1" الذي يبعد حوالي ثلاثين كيلومترا عن شاطئ غزة، ثم اكتشف بالقرب منه حقلا أخر صغيرأ هو "مارين غزة 2".
لكن "بريتش غاز" انسحبت من الاتفاق وتم في 2016 تكليف شركة "شل" التي ألغت بدورها الاتفاق بعد عامين.
وعزا مسؤول فلسطيني انسحاب الشركتين العملاقين إلى "العراقيل التي تضعها إسرائيل".