اجتماع بين روسيا وإيران وتركيا في الدوحة لتحديد مستقبل سوريا

بوتين واردوغان قد يسعيان إلى طرح حكومة انتقالية من دون الأسد لكن مع بعض عناصر من نظامه والمعارضة.
فيدان وعراقجي يبحثان المستجدات على الساحة السورية
قسد وداعش يمثلان قلقا بالنسبة لتركيا في المرحلة الحالية
أردوغان يريد استغلال الاستياء الايراني والروسي من بشار الأسد

أنقرة - عقدت تركيا السبت على هامش منتدى الدوحة اجتماعا مع روسيا وإيران في محاولة لإيجاد مخرج سياسي وسلمي للأزمة في سوريا وتجنب الفوضى عند أبوابها رغم تأكيد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه يأمل توجه قوات المعارضة الى دمشق في إشارة لرغبته في اسقاط الرئيس السوري بشار الأسد.
وتشارك الدول الثلاث التي ستكون ممثلة بوزير خارجيتها في صيغة استانا التي بوشرت لاسكات صوت الأسلحة في سوريا، من دون أن تكون منضوية في المعسكر نفسه على أرض المعركة.

وقد بحث وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مع نظيره الإيراني عباس عراقجي المستجدات على الساحة السورية على هامش المنتدى حيث أشارت المصادر إلى أن اللقاء بين الجانبين كان بناء وشاملا، وأفادت أن الجانبان بحثا بشكل مفصل آخر المستجدات في سوريا.
كما ناقشا القضايا التي سيتم طرحها على جدول أعمال اجتماع وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران، الدول الضامنة لمسار أستانة بشأن سوريا.

من جانبه قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف اليوم السبت إنه ونظيريه التركي والإيراني اتفقوا في اجتماع بالدوحة على ضرورة وقف "الأعمال القتالية" في سوريا على الفور. ودعم حوار سياسي في تصريح يشيرالى أن الروس يسعون للمشاركة في رسم مستقبل سوريا بغض النظر عن مشاركة الرئيس الأسد.
وأضاف أن موسكو تريد أن ترى حوارا بين الحكومة السورية وما سماها "المعارضة الشرعية" في سوريا واصفا جماعة هيئة تحرير الشام الإسلامية المعارضة بأنها "إرهابية" بغض النظر عما إذا كانت قد قالت إنها غيرت نهجها أم لا.
وتابع أنه "من غير المقبول السماح ’لجماعات إرهابية’ بالسيطرة على الأراضي السورية".
ولدى سؤاله عن كيفية تطور الوضع في سوريا وما سيحدث للقواعد العسكرية الروسية هناك، قال لافروف "لا مجال للتخمين".
وقد هبت موسكو وطهران لنجدة الرئيس السوري بشار الأسد وساعدتاه عسكريا للقضاء على المعارضة، فيما أنقرة التي لا تنخرط مباشرة في عمليات على الأرض، تنظر بعين الرضا إلى تقدم الفصائل المعارضة راهنا.
ويلخص هاميش كينير المحلل في "فيريسك مايبلكروفت" للاستشارات الوضع بقوله "بالنسبة لانقرة يشكل تغير موازين القوى في سوريا فرصة وخطرا في آن".

لافروف يطالب بحوار سياسي لانهاء التوتر دون التطرق لمصير الأسد
لافروف يطالب بحوار سياسي لانهاء التوتر دون التطرق لمصير الأسد

وكان اردوغان "تمنى" الجمعة أن يتواصل "تقدم المتمردين من دون مشاكل" متعمدا ذكر هدفهم النهائي "دمشق" بعدما سيطروا على حلب وحماه، داعيا الأسد "إلى التصالح مع شعبه".
وفي قلب هذه المعادلة، حدود مشتركة مع سوريا تمتد على أكثر من 900 كيلومتر وثلاثة ملايين لاجئ سوري لا يزالون على الأراضي التركية.

وقال رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني إن الرئيس السوري بشار الأسد فشل في التواصل مع شعبه ومعالجة قضايا عدة خلال فترة الهدوء في الحرب الدائرة في البلاد.
واضاف خلال منتدى الدوحة السبت إن الأسد "لم ينتهز هذه الفرصة للبدء في التواصل واستعادة علاقته بشعبه، ولم نشهد أي تحرك جدّي، سواء في ما يتعلق بعودة اللاجئين أو المصالحة مع شعبه".
وبقيت قطر التي قدمت دعما مبكرا للفصائل المعارضة التي انتفضت ضد نظام الأسد في العام 2011 ما أدى لاحقا إلى حرب أهلية، منتقدة شرسة للرئيس السوري في موازاة دعواتها إلى حل دبلوماسي للنزاع.
وشدد على أن العالم "تفاجأ" بالتقدم السريع عقب هجوم مباغت ينفّذه تحالف من فصائل معارضة في سوريا، وحذر من أن "هذا الوضع قد يتطور ويصبح أكثر خطورة"، ما يهدد بالعودة إلى "دوامات العنف السابقة".
وأضاف أن نتيجة مماثلة "ستلحق الضرر وتدمر ما تبقى من سوريا، إذا لم يكن هناك أي شعور ملحّ لبدء وضع إطار سياسي لما يحدث هناك ... من أجل إيجاد حل سياسي".
وكتب الباحث المشارك في "اتلانتيك كاونسل" في أنقرة عمر اوكبليتش "لا يزال دور تركيا المحدد في الوضع (الراهن) موضع تكهنات. لكن المؤكد أن انقرة من دون أن تكون منخرطة مباشرة، أعطت الضوء الأخضر لهذا الهجوم".

ويوضح أن الحكومة التركية كانت على علم بالاستعدادات الجارية مع أن علاقاتها "معقدة" عادة مع هيئة تحرير الشام التي تقود الهجوم الحالي في سوريا.
وتشير غونول تول مديرة الفرع التركي من مؤسسة الشرق الأوسط في واشنطن إلى ان المهم بالنسبة لتركيا "هو الاستقرار في سوريا ومنطقة آمنة يمكن للاجئين السوريين العودة إليها".
لكنها ترى أنه في إطار هذا الهدف قد تسعى روسيا واردوغان إلى "طرح حكومة انتقالية من دون الأسد لكن مع بعض عناصر من نظامه والمعارضة".
وفي الأشهر الأخيرة، لم تلق سياسة اليد الممدودة التي انتهجها اردوغان مع الأسد وحتى دعوته لعقد لقاء أذانا صاغية، إذ اشترط الرئيس السوري مسبقا انسحاب القوات التركية من شمال غرب سوريا التي نشرت لمكافحة المقاتلين الأكراد.
وتقول تول إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استاء من عدم تجاوب الرئيس السوري.
وتؤكد أن "اردوغان لا يدعو إلى الاطاحة بنظام الأسد ما يتسبب بفراغ قد يستفيد منه تنظيم الدولة الإسلامية والفصائل الكردية" مشيرة على أن "الأسد أثار استياء الجميع حتى الإيرانيين والروس والأتراك لأنه يماطل في جهود التوصل إلى اتفاقات مع تركيا والآخرين".
وترى ان إيران من جهتها لاحظت دعم بشار الأسد الفاتر بعد مقتل الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الذي كان هب لنجدته خلال النزاع السوري، مشيرة إلى ان إيران قد تكون مستعدة للتفاوض مع فريق جديد.
ويسأل سنان أولغن الباحث المشارك في مركز كارنيغي أوروبا في أنقرة "في حال كانت لا تزال روسيا وإيران ترغبان في مساندة سوريا هل لا يزال بمقدورهما ذلك؟".
ويرى محللون أن اجتماع الدوحة قد يبت بمصير الرئيس السوري مع جلوس وزير الخارجية الروسي سيرغي لافرورف قبالة نظيره التركي هاكان فيدان رئيس أجهزة الاستخبارات التركية سابقا والمقرب جدا من رئيس البلاد.
ويؤكد سنان أولغن "هاكان فيدان يعرف الملف السوري والميدان وخصوصا الأطراف الأخرى من دول وجماعات مسلحة وميليشات على الأرض".
وقد استقبل خلال الأسبوع الحالي خصوصا نظيره الإيراني عباس عراقجي الذي انتقل إلى أنقرة بعد زيارة قصيرة لدمشق.