استفتاء إلكتروني يثير خلافات جديدة بين فرقاء ليبيا

حسن الصغير يتهم رئيسي المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية بالتخطيط لضمان بقائهما في السلطة.

طرابلس - اتهم وكيل وزارة الخارجية في الحكومة الليبية المنبثقة عن البرلمان حسن الصغير رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ورئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة بالتخطيط لإجراء استفتاء إلكتروني حول بقائهما في السلطة، مما أدخل المزيد من الإرباك على المشهد السياسي وخلق انقسامات جديدة بين أطراف الصراع.

واعتبر الصغير الاستفتاء المرتقب وسيلة "للحفاظ على الوضع الحالي" إلى حين التوصل إلى دستور دائم للبلاد، مؤكداً أن الخطوة تأتي في ظل التنافس المستمر بين حكومتين متنازعتين.

وأثارت هذه التصريحات موجة واسعة من الجدل حول الأولويات في ليبيا، حيث ترى أطراف سياسية أنه من الضروري إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ثم المصادقة على دستور للبلاد، بينما يساند آخرون ترتيبا عكسيا.  

وكان المنفي قد أصدر في 11أغسطس/آب الماضي قراراً بإنشاء مفوضية للاستفتاء والاستعلام الوطني لتنفيذ الاستفتاء والإشراف عليه وفرز نتائجه والإعلام عنها قُوبل برفض قاطع من مجلس النواب الليبي برئاسة عقيلة صالح والذي طالب رئيس المجلس الرئاسي بسحب قراره الأحادي فوراً. وأكّد أن الأخير قد تجاوز صلاحياته المقررة باتفاق جنيف وتعداها إلى اختصاصات دستورية يحتاج الخوض فيها إلى توافق وطني واسع.

ولم يستجب المنفي لطلب صالح ومضى في سبتمبر/أيلول الماضي من أجل تشكيل مجلس إدارة المفوضية برئاسة عثمان أبوبكر القاجيجي الرئيس الأسبق للمفوضية العليا للانتخابات. واجتمعا في مناسبتين خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري بالدبيبة، حيث اتفق الطرفان على مواصلة الجهود لتفعيل الاستفتاء الوطني مع الاحتكام لرأي الشعب الليبي كخطوة أساسية في تحقيق الحلول السياسية اللازمة للوصول إلى الانتخابات.

ويرى مراقبون أن تمسك المنفي بالمضي في قراره بدعم من رئيس حكومة الوحدة الوطنية سيجدد الخلافات بين المجلس الرئاسي ومجلس النواب وسيزيد التوتر في البلاد ويعقد أزمتها.

ويعتقد عضو البرلمان الليبي علي التكبالي وفق تصريحات صحفية محلية أن فكرة تنظيم استفتاء لا تشكل تحديا فعليا للسلطة التشريعية، قائلا أن نتائجه لن تكون لها قيمة ملموسة ولا مصداقية باعتبار أن حكومة الدبيبة تفتقد للتأييد الشامل في ليبيا.

وأثار تصريح لعضو مجلس الدولة سعد بن شرادة موجة جديدة من الانتقادات تجاه المجلس الرئاسي، أكّد فيه أن إجراء الاستفتاء هو اختصاص أصيل للمفوضية العليا للانتخابات، محذرًا من "أن محاولات المجلس الرئاسي تشكل خرقا واضحا للصلاحيات الممنوحة له وفقًا للاتفاق السياسي، مما يفتح الباب أمام مخاطر جديدة تهدد استقرار البلاد".

واعتبر بن شرادة أن التوجه نحو فكرة الاستفتاء الإلكتروني كحل بديل بسبب التحديات اللوجستية والأمنية قد تكون بمثابة سلاح ذو حدين في ظل الانقسام السياسي والمؤسساتي، موضحا أنه في غياب الرقابة المركزية وضعف التنسيق بين المؤسسات ستتضاعف احتمالية التلاعب بالنتائج.

ويرى مراقبون أن المشهد الليبي الحالي لا يبدو مناسبا لإجراء استفتاء وطني نزيه وشفاف يعبر عن إرادة الشعب الليبي، ويؤكّد آخرون أن الأمل يبقى مرتبطا بالمفوضية العليا للانتخابات في تنظيم استفتاء بعيدًا عن أي تدخل لأطراف سياسية أو مناورات مؤسسية.