استياء في تونس من دوافع الزيارة المفاجئة لأردوغان
تونس - أثارت زيارة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان المفاجأة الى تونس الاربعاء استياء كبيرا في صفوف الاحزاب والمنظمات.
وتاتي الزيارة لبحث بحث سبل التعاون بشأن إمكانية التوصل إلى وقف لإطلاق النار في ليبيا المجاورة حيث تدعم أنقرة حكومة الوفاق حيث اكد الرئيس التركي خلال مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس التونسي قيس سعيد مجددا على استعداد أنقرة لإرسال قوات إلى ليبيا إذا تلقت طلبا بذلك.
وتأتي زيارة أردوغان لتونس بعد شهر من توقيع تركيا وليبيا اتفاقين منفصلين أحدهما بشأن الحدود البحرية في شرق البحر المتوسط والآخر بشأن التعاون الأمني والعسكري حيث تدعم تركيا حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج والتي تتصدى لهجوم بدأه الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر منذ أشهر.
وأصبح أردوغان أول رئيس دولة يزور تونس منذ الفوز الكاسح الذي حققه سعيد في الانتخابات التي جرت في أكتوبر/تشرين الأول.
وقال الرئيس التركي إن التطورات في ليبيا تؤثر سلبا على الدول المجاورة ومنها تونس.
وأضاف "ناقشنا الخطوات التي يمكن اتخاذها وسبل التعاون بهدف التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في ليبيا بأسرع ما يمكن والعودة إلى عملية سياسية".
وتحدث اردوغان عن استعداد بلاده لدعم تونس اقتصاديا وذلك من خلال توريد زيت الزيتون وبناء مستشفى للاطفال.
وبموجب النظام السياسي المختلط في تونس يتحكم رئيس الوزراء في معظم المجالات السياسية في حين يكون الرئيس مسؤولا عن الشؤون الخارجية والدفاع والأمن. وتتمثل المصالح الرئيسية للسياسة الخارجية لتونس في الحفاظ على علاقات قوية مع جارتيها الجزائر وليبيا.
واشارت "بوابة افريقيا" وفق مصادر أن وزير الداخلية بحكومة الوفاق فتحي باشاغا، سيعقد الخميس، مؤتمرا صحفيا في تونس للحديث عن مستجدات الأوضاع في ليبيا وذلك في في ضوء مذكرتي التفاهم التركية الليبية.
ووصل باشاغا في طائرة خاصة بعد وقت قصير من وصول أردوغان، وذلك بهدف متابعة نتائج زيارة الرئيس التركي إلى تونس ولقائه بالرئيس قيس سعيد، وكذلك لتبليغ الوفد التركي رسالة من السراج لم يفصح عنها.
وتزامنا مع زيارة اردوغان المفاجاة نددت نقابة الصحفيين التونسيين الأربعاء بمنع ممثلي وسائل الإعلام الدولية تغطية المؤتمر الصحفي المشترك بين الرئيسن التركي والتونسي.
ولم يتسن للعديد من وسائل الاعلام الدولية مواكبة المؤتمر الصحفي في القصر الرئاسي في قرطاج بسبب عدم الإبلاغ عن موعد المؤتمر الصحفي، كما تم منع صحفيين من عدة مؤسسات إعلامية دخول القصر لدى وصولهم لتغطية المؤتمر الصحفي.
وقالت نقابة الصحفيين في بيان لها إن المنع جاء بسبب وجود قائمة محددة للصحفيين المسموح لهم بالدخول.
واكدت النقابة مصادرة بطاقات الفريق الصحفي لقناة "التلفزيون العربي" وإرغامه من قبل الأمن الرئاسي على تحرير محضر تصوير دون ترخيص بدعوى أن التصوير أمام القصر الرئاسي يخضع لترخيص مسبق، وهو ما تنفيه النقابة.
ونقلت النقابة عن مستشارة رئيس الجمهورية المكلفة بالإعلام والاتصال رشيدة النيفر أن منع الصحفيين من تغطية اللقاء يرجع إلى أن الزيارة غير معلنة، وأنه لم يكن متاحا تمكين كل الصحفيين من الدخول لما يتطلبه الأمر من إجراءات أمنية مسبقة.
وشهد المؤتمر الصحفي انتقادات وجهها الرئيس التركي لعدد من الصحفيين بسبب تعمدهم التدخين في القاعة وهو ما اثار استهجان عدد من الاعلاميين.
وعبرت عدة احزاب تونسية عن رفضها للزيارة التي وصفوها بالمسقطة والمثيرة لريبة في توقيتها.
وفي هذا الاطار عبر الحزب الدستوري الحر عن استغرابه من عدم اعلان هذه الزيارة من قبل المصالح الإعلامية لرئاسة الجمهورية طبقا للنواميس المعمول بها مستنكرا بلوغ مثل هذه المعلومات المهمة الى الرأي العام عبر وسائل الإعلام التركية.
ودعا الحزب الرئاسة إلى اعتماد الشفافية في مجال السياسة الخارجية و توضيح الخيارات المتبعة في هذا الشأن و إطلاع الرأي العام على مثل هذه المسائل السيادية.
وحذر الحزب من اتخاذ رئاسة الجمهورية أية خطوات أو إصدار أي قرارات بإسم الشعب التونسي في علاقة بالملف الليبي من شأنها أن تمثل انحرافا عن ثوابت السياسة الخارجية التونسية التي تقوم على مبدأ عدم التدخل في الشأن الداخلي للدول وعدم إقحام تونس في محاور و تجاذبات دولية أو إقليمية قد تمس من السيادة الوطنية والأمن القومي التونسي.
بدوره افاد حزب العمال ان مصلحة تونس تكمن في عدم الانخراط في أي محور من المحاور الإقليمية والدولية المتنازعة في ليبيا ولا في مساندة أي طرف من الأطراف الداخلية المرتبطة بهذه المحاور أو غض الطرف عما تحيكه هذه الأطراف من مؤامرات خطيرة على الشعب الليبي وشعوب المنطقة بدعوى أن "مذكرة التفاهم" بين أردوغان والسراج مثلا شأن ليبي تركي مثلما جاء على لسان الرئيس التونسي".
واضاف الحزب في بيان نشره الاربعاء على صفحته في الفايسبوك " انمصلحة تونس تكمن في التدخل بنجاعة للضغط على مختلف الفاعلين الليبيين لإيجاد حل سلمي لنزاعاتهم بما يحقق استقلال ليبيا عن كل القوى الخارجية الطامعة في السيطرة على ثرواتها ويضمن الحفاظ على وحدتها أرضا وشعبا".
وتابع البيان "وفقا لتصريحات أردوغان في الندوة الصحفية فمن الواضح أن موضوع الزيارة الرئيسي لا هو التباحث حول "التعاون المشترك والمتوازن" بين البلدين ولا هو ترويج زيت الزيتون التونسي "أو بناء مستشفى للأطفال"، بل الحديث عن الوضع في ليبيا.
وقال الحزب "من الواضح من خلال تركيبة الوفد الأمنية العسكرية الاستخباراتية أن الرئيس التركي جاء للبحث عن دعم النظام التونسي لتدخل تركي محتمل في ليبيا تحت غطاء "مذكرة التفاهم" المبرمة بين أردوغان وحاكم طرابلس الاخواني.
وندد حزب العمال استقبال "جلاد الشعب التركي ومرتكب الجرائم على حساب سوريا الشقيقة، في تونس في هذا الظرف بالذات وحول موضوع ليبيا بالذات وعدم التعامل مع الشعب التونسي بشفافية في هذا المجال".
وحذر الحزب من "الاصطفاف وراء حاكم تركيا أو تسخير بلادنا بأي شكل من الأشكال لخدمة أهدافه في ليبيا وهو الذي لا يخفي أطماعه في استغلال الانقسامات في القطر الشقيق لخلق موطئ قدم فيه لتركيا والسطو على ثرواته من النفط والغاز حتى لو استدعى منه ذلك التدخل عسكريا وتوسيع المواجهات في ليبيا لتشمل أطرافا إقليمية ودولية أخرى مما سيكون له انعكاسات خطيرة على أمن تونس والمنطقة بأسرها".
وانتقد الإعلامي لطفي العماري زيارة اردوغان محذرا من جعل تونس مجرد ايالة عثمانية لتنفيذ المخططات التركية في ليبيا.
وقال العماري ان ايادة الرئيس التركي ملطخة بدماء الابرياء في ليبيا وذلك بسبب دعمه للميليشيات والمجموعات الإرهابية.
واضاف العماري ان التونسيين لا يريدون تصدير زيت زيتون مخضب بدماء الليبيين ولا يريدون مستشفيات تركيا.