الأمم المتحدة تطالب جوبا بسحب قواتها من أبيي

التقدم السياسي نحو تحديد الوضع النهائي لأبيي وحل القضايا المتعلقة بالحدود بين السودان وجنوب السودان يزداد صعوبة مع استمرار الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع.

جوبا - دعا قائد عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتّحدة، جان-بيار لاكروا، الثلاثاء، حكومة جنوب السودان إلى سحب قواتها من منطقة أبيي المتنازع عليها مع السودان، محذّراً من أن بقاء هذه القوات يهدّد بـ"تأجيج التوتّرات" في المنطقة، في وقت ساهمت فيه الحرب بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع بتعقيد وضع المنطقة وباتت مهمة حله أشد تعقيداً منذ 15 نيسان/أبريل.

وقال وكيل الأمين العام لعمليات السلام جان بيير لاكروا في إحاطته أمام جلسة لمجلس الأمن بشأن الوضع في أبيي إن التقدم السياسي نحو تحديد الوضع النهائي لأبيي وحل القضايا المتعلقة بالحدود بين السودان وجنوب السودان لا يزال متعثرا منذ اندلاع الحرب.

وأكد أنه "على الرغم من المشاركة الإيجابية التي ظهرت في الأشهر التي سبقت بداية الأزمة، فمن المرجح أن يستمر القتال الدائر في التأثير بشكل خطير على فرص إجراء حوار بناء بين البلدين حول هذه المواضيع".

ولا تزال منطقة أبيي الغنية بالنفط محل خلاف بين السودان وجنوب السودان بعد مضي 12 سنة على استقلال جنوب السودان. ويحدها من الجنوب ولايات شمال بحر الغزال وواراب والوحدة في جنوب السودان، ومن الشمال ولاية غرب كردفان في السودان، وتزيد الخلافات حول قضية الحدود من حدة العنف، إذ تتناوب القبائل بالتعدي على أراضي بعضها البعض.

وأكد المسؤول الأممي أن قوة الأمم المتحدة الأمنية المؤقتة لأبيي (يونيسفا) واصلت إعطاء الأولوية للجهود الرامية إلى تحسين العلاقات بين القبائل، مشيرا إلى أنهم شهدوا "انخفاضا مرحبا به" في أعمال العنف بين قبيلتي دينكا نقوك والمسيرية، حيث تم تسجيل اشتباك واحد فقط خلال الفترة المشمولة بالإحاطة.

ونبه لاكروا إلى أنه في خضم تحديات مثل النزاع في السودان والتي أثرت أيضا على العلاقات بين القبائل، كانت القوة الأمنية المؤقتة لأبيي في طليعة الجهود الرامية إلى الحفاظ على المصالحة، بما في ذلك العمل مع وكالات الأمم المتحدة وصناديقها وبرامجها، والشركاء الآخرين لتسهيل عقد مؤتمر ما قبل الهجرة بين القبائل، والذي أفضى إلى اتفاق يتضمن آليات لرصد وحل النزاعات أثناء هجرة الماشية الموسمية.

وأشار إلى زيادة الاشتباكات بين دينكا نقوك ودينكا تويج، حيث استمرت التوترات المتعلقة بملكية الأراضي في أبيي جنوب نهر كير في التأثير على الوضع الأمني.

وما كان من جنوب السودان بعد تصاعد العنف بين الطوائف العرقية في أبيي إلا أن أنشأ منطقة عازلة على جانبه منها في أيَّار/مايو 2022، وأرسل قوات إليها بعد بضعة أشهر من تجدد القتال بين الطوائف العرقية.

وأعرب وكيل الأمين العام لعمليات السلام عن القلق البالغ إزاء وجود قوات أمن تابعة لجنوب السودان في جنوب أبيي منذ تشرين الأول/أكتوبر 2022، بما في ذلك عمليات النشر الإضافية للقوات التابعة لقوات الدفاع الشعبي لجنوب السودان، والتي جرت في أواخر آذار/مارس وأوائل نيسان/أبريل من هذا العام.  وقال "يشكل هذا الوجود انتهاكا لاتفاق عام 2011 بين السودان وجنوب السودان بشأن أبيي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة".

وأكد أن ما يثير القلق أيضا سلسلة الاشتباكات التي دارت بين أفراد قبيلة دينكا نقوك والنوير في جنوبي ووسط أبيي في كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير، مما أدى إلى سقوط عدد كبير من الضحايا في صفوف المدنيين.

وأدان لاكروا الهجمات التي أدت إلى مقتل اثنين من حفظة السلام في أواخر كانون الثاني/يناير وأوائل شباط/فبراير، مكررا دعوة الأمين العام إلى السلطات المعنية بالتحقيق ومحاسبة المسؤولين، بما يتماشى مع اتفاقات وضع القوات.

وتطرق المسؤول الأممي إلى الوضع الإنساني في أبيي الذي وصفه بالصعب حيث "تواجه المجتمعات المحلية تحديات في الحصول على الخدمات والسلع الأساسية، فضلا عن استمرار تدفق النازحين بسبب النزاع في السودان". وأفاد بأن أربعة من العاملين في المجال الإنساني أثناء وجودهم خارج الخدمة قتلوا خلال تصاعد الاشتباكات في أواخر كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير، وأن حوالي 20.000 شخص في أبيي قد نزحوا خلال هذه الفترة.

ويؤثر القتال الدائر في السودان على العمليات وإعادة الإمداد لمقر الآلية المشتركة لرصد الحدود والتحقق منها في كادوقلي بالسودان حيث أدى إغلاق المجال الجوي إلى توقف الرصد الجوي. ونبه لاكروا إلى أنه في ظل الأزمة السودانية التي أدت إلى استمرار حركة النازحين إلى أبيي وانعدام الأمن المرتبط بالعنف المستمر بين المجتمعات في المنطقة، "فإن دعم سيادة القانون لسكان أبيي يظل مهما أكثر من أي وقت مضى".