'الإطار' يدعو لحكومة خدمات وصالح لانتخابات والصدر للتوبة

رئيس الوزراء العراقي يلوح بترك منصبه في حال نزاع استمرار "السلاح المنفلت مع السلاح المنفلت"، مذكرا بأنه طالب مرارا بحصر السلاح بيد الدولة.
بعد اشتباكات المنطقة الخضراء العراق يعود لمربع الانسداد السياسي
الإطار التنسيقي يثني على الحشد ويندد بفتنة عمياء سببها مواقف غير مدروسة
الصدر يدعو من حمل السلاح للتوبة وعدم العودة لمثل هذا الأمر
الكاظمي يعلن عن تشكيل لجنة تحقيق في أحداث بغداد

بغداد - بينما لا يزال التوتر يخيم على العاصمة العراقية بغداد على اثر اشتباكات مسلحة أسفرت عن مقتل 30 شخصا من أنصار التيار الصدري، اعتبر الرئيس العراقي برهم صالح الثلاثاء أن إجراء انتخابات تشريعية مبكرة "يمثل مخرجا للأزمة"، داعيا قوى الإطار التنسيقي إلى التواصل مع الزعيم النافذ مقتدى الصدر، فيما دعا الإطار من جهته إلى عقد جلسة للبرلمان والإسراع بتشكيل "حكومة خدمات وطنية" على خلاف رغبة الصدر، بينما لوح رئيس حكومة تصريف الأعمال مصطفى الكاظمي بترك منصبه في حال استمر الصراع والفوضى.

 وقال صالح في خطاب متلفز بعد ساعات من انتهاء المواجهات التي خلفت 30 قتيلا في المنطقة الخضراء بالعاصمة العراقية إن "إجراء انتخابات جديدة مُبكرة وفق تفاهم وطني، يُمثل مخرجا للازمة الخانقة في البلاد عوضا عن السجال السياسي أو التصادم والتناحر".

وأشار إلى أنها "تضمن الاستقرار السياسي والاجتماعي وتستجيب لتطلعات العراقيين"، بدون أن يحدد موعدها.

ويتعين حل البرلمان أولا قبل تنظيم الانتخابات التشريعية. ولا يمكن حل مجلس النواب إلا بتصويت الأغلبية المطلقة لعدد أعضائه، وفقا للدستور. ويمكن أن يتم بناء على طلب ثلث أعضائه، أو طلب من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية.

وجاء خطاب برهم صالح بعد ساعات من انتهاء الاشتباكات الدامية التي وقعت في بغداد بين "سرايا السلام" التابعة لمقتدى الصدر من جهة وقوى أمنية وفصائل من الحشد الشعبي موالية لإيران تشكل جزءا من القوات العراقية الرسمية.

وقتل ثلاثون من أنصار الصدر بالرصاص في الاشتباكات التي انتهت عندما أمر الزعيم الديني والسياسي أنصاره بالانسحاب من المنطقة الخضراء في العاصمة التي تضمّ المؤسسات الرسمية والسفارات وتعتبر محصنة أمنيا.

وشكلت هذه الاشتباكات ذروة الأزمة التي يمر بها العراق منذ الانتخابات التشريعية في أكتوبر/تشرين الأول 2021 التي فاز بها مقتدى الصدر.

وفشل أقطاب السياسة العراقية في الاتفاق على اسم رئيس جديد للحكومة، كما فشل البرلمان في انتخاب رئيس جديد. وبذلك لم تشكل حكومة جديدة ولم يتم انتخاب رئيس للبلاد منذ الانتخابات البرلمانية.

ويلتقي مقتدى الصدر والإطار التنسيقي على أن حل الأزمة يكمن في تنظيم انتخابات جديدة، لكن الصدر يريد حل البرلمان قبل كل شيء، في حين يريد خصومه تشكيل حكومة أولا.

وبعد مطالبته لأنصاره بالانسحاب من المنطقة الخضراء ومن المقار الحكومية، أصدر الصدر مساء الاثنين تغريدة جديدة طالب فيها بحقوق من وصفهم بـشهداء الثورة السلمية"، كما دعا من "حمل السلاح" إلى عدم العودة لمثل هذا العمل مستقبلا.

وقال في تغريدة "رحم الله شهداء الثورة السلمية. فإني بعد أن أعزي نفسي بهم فإني أسأل الله الصبر والسلوان لعوائلهم والشفاء العاجل للجرحى. وعلى أصحاب الاختصاص من الجهات الرسمية المطالبة بحقوقهم غير منقوصة فهذا أقل ما يمكن أن نرد من جميلهم".

وتابع "أسأل الله أن يتوب على من حمل السلاح وأطلب منهم أن يكثروا من الإستغفار وأن لا يعودوا لمثل هذا العـمـل مستقبلا حيا كنت أم ميتا".

ولاحقا أصدر الإطار التنسيقي بيانا وصف فيه ما حدث من قتال بأنه "فتنة عمياء" تسببت في سقوط ضحايا نتيجة ما اعتبرها مواقف غير مدروسة، في إشارة ضمنية لقرار الصدر اعتزال السياسية ما أشعل توترا ودفع أنصار لاحتلال مبان حكومية ردت عليه ميليشيات شيعية موالية لإيران بالرصاص الحي.

وفي خطوة من المتوقع أن تبقي الانسداد السياسي على حاله، طالب الإطار التنسيقي بالإسراع بتشكيل حكومة خدمات وطنية حتى لا تتكرر "الفتنة" ودعا البرلمان للانعقاد.

وقال"لأجل منع تكرار ما وقعَ من فتنة وإنهاء الظروف التي تساعد عليها نرى ضرورةَ العمل بهمة راسخة والإسراع بتشكيل حكومة خدمة وطنية تتولى المهام الإصلاحية ومحاربة الفساد ونبذ المحاصصة وإعادة هيبة الدولة لينعم الجميع بالأمنِ والاستقرارِ والإسراع إلى تحقيقِ ما يصبو إليهِ أبناء شعبنا الكريم و بمشاركة واسعة من جميعِ القوى السياسية الراغبة في المشاركة وندعو مجلس النوابِ وباقي المؤسسات الدستورية للعودة إلى ممارسةِ مهامها الدستورية والقيام بواجبها تجاه المواطنين".

وأثنى الإطار على قوات الأمن وميليشيات الحشد الشعبي "لما تمتعوا بهِ من ضبط للنفس والتزام كبير بالمسؤولية".

وعلى اثر ذلك وجه مصطفى الكاظمي الذي يستمر في منصبه بوصفه رئيسا لحكومة تصريف الأعمال، كلمة للشعب العراقي لوح فيها بإعلان خلو المنصب وفقا للمادة 81 من الدستور العراقي في حال استمرت الفوضى والصراع.

وفي بداية كلمته عبر الكاظمي عن أسفه وحزنه لما حدث ووجه الشكر لقوات الأمن التي قال إنه "أُريد لها أن تكون طرفا في نزاع السلاح المنفلت مع السلاح المنفلت".   

وتحدث عن الأحداث الدموية الأخيرة، مذكرا بأن حكومته تتبنى منذ أكثر من عامين سياسة حصر السلاح بيد الدولة رغم ما تعرضت له من ضغوط واتهامات وطعون وهجمات بالصواريخ.

وتابع إن "الدم العراقي الطاهر الذي سقط أمس يطلق الإنذار لكل عراقي صادق وأصيل بأننا اليوم يجب أن نواجه الحقائق المرة وأن يوضع السلاح تحت سلطة الدولة فعلا وليس شعارا وادعاء".

وذكر أنه "تم تشكيل لجنة تحقيق لتحديد المسؤولين عن وضع السلاح بيد من فتحوا النار على المتظاهرين وأراقوا الدم رغم التوجيهات المشددة التي أصدرناها لمنع استخدام الرصاص، كما يجب تحديد من فتح النار والصواريخ والهاونات على المنطقة الحكومية طوال الليل".

ووجه الكاظمي إنذارات للجميع قائلا "أحذر من هنا إذا أرادوا الاستـمرار في إثارة الفوضى والصـراع، والخلاف والتناحر وعدم الاستماع لصوت العقل، سأقوم بخطوتي الأخلاقية والوطنية بإعلان خلو المنصب في الوقت المناسب حسب المادة 81 من الدستور وتحميلهم المسؤولية أمام العراقيين وأمام التأريخ. وطننا ينزف منذ سنوات طويلة وكل يوم ندفع إلى الحتوف الآلاف من خيرة شبابنا، لماذا؟ بأي ذنب وأي جريرة؟".

وتنص المادة 81 من الدستور العراقي على أنه يمارس رئيس الجمهورية مهام رئيس مجلس الوزراء عند خلو المنصب لأي سبب كان لحين تكليف رئيس الجمهورية مرشحا آخر لتشكيل الحكومة خلال 15 يوما من مدة التكليف.