الإمارات تقود جهود تطوير تقنيات التقاط الكربون لحل أزمة الاحترار المناخي

شركة ادنوك تحرص ضمن خططها على إزالة الكربون لتحقيق التزامها بالحياد المناخي بحلول عام 2045 وهي أول شركة من نوعها تقدم على مثل هذا الالتزام، مما يعزز مكانتها كمزود مسؤول للطاقة.

أبوظبي - أكد سهيل بن محمد المزروعي وزير الطاقة والبنية التحتية الإماراتي، أن بلاده تستهدف بناء منظومة الطاقة المستقبلية مع مواصلة خفض الانبعاثات في قطاع النفط والغاز بنسبة 25 بالمئة بحلول 2030 من خلال الاستثمار في تقنيات التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه وتقنيات كفاءة الطاقة.

وتوازيًا مع استثمارها عشرات مليارات الدولارات في قطاع النفط والغاز، تعمل الإمارات التي تعتبر أحد أكبر منتجي النفط في العالم، على تطوير تقنيات احتجاز الكربون قبل انتقاله إلى الغلاف الجوّيّ كحلّ للاحترار المناخي بدون أن يؤثر ذلك على إنتاج النفط.

وناقش المزروعي مع هيثم فيصل الغيص، أمين عام منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" وأصحاب القرار والمختصين في مجال الطاقة، دور شركات النفط الوطنية في تأمين مستقبل يمتاز بانبعاثات كربونية منخفضة، خلال جلسة بعنوان "كيف يمكن لشركات النفط الوطنية المساهمة في توفير طاقة عالمية منخفضة الكربون"، ضمن فعاليات معرض ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول "أديبك 2023".
وتعد شركات النفط الوطنية مستثمراً رئيساً في مجال الطاقة المتجددة على مستوى العالم، إذ تساهم في دعم مستهدفات الإمارات لتعزيز الطاقة المتجددة، وتطوير واعتماد التكنولوجيا الحديثة والمتقدمة في مجال الطاقة المتجددة، بما يسهم في زيادة الكفاءة وتحسين أداء المشاريع الطاقة.

وأعلنت شركة "أدنوك" النفطية الإماراتية الثلاثاء توقيع اتفاق مع شركة "أوكسيدنتال" الأميركية لإجراء دراسة هندسية لبناء منشأة عملاقة لالتقاط غاز ثاني أكسيد الكربون مباشرة من الهواء.

وقالت "أدنوك" في بيان أنها ستقوم مع الشركة الأميركية بموجب اتفاقهما بـ"إجراء دراسة هندسية أولية مشتركة" لبناء منشأة لـ"الالتقاط المباشر للهواء" تسمح بالتقاط مليون طن سنوياً من ثاني أكسيد الكربون "لحقنه وتخزينه بشكل دائم في طبقات المياه المالحة الجوفية".

ويندرج المشروع في إطار اتفاقية تعاون استراتيجي وقعتها الشركتان في آب/أغسطس الماضي، "لتقييم فرص الاستثمار المحتملة في مراكز التقاط وتخزين ثاني أكسيد الكربون" في الإمارات والولايات المتحدة.

وقال المرزوقي أنه بينما تسعى شركات النفط الوطنية إلى خفض بصمتها الكربونية، فمن الضروري أن يتعاون أصحاب المصلحة والشركاء في ابتكار مسار مستدام، عبر الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة، والاستثمار في تقنيات المناخ، وتعزيز التعاون بين أصحاب المصلحة، بما يساهم بشكل كبير في الجهود العالمية لتحقيق نظام طاقة منخفض الكربون.

وأوضح أن الشركات الوطنية رائدة في تبني الممارسات المستدامة، لا سيما شركة "أدنوك"التي تحرص ضمن خططها على إزالة الكربون لتحقيق التزامها بالحياد المناخي بحلول عام 2045 وهي أول شركة من نوعها تقدم على مثل هذا الالتزام، مما يعزز مكانتها كمزود مسؤول للطاقة، حيث خصصت 15 مليار دولار لتعزيز مشاريع إزالة الكربون بحلول عام 2030 بما في ذلك احتجاز الكربون، والكهرباء، والتكنولوجيا الجديدة لامتصاص ثاني أكسيد الكربون وتعزيز الاستثمارات في الهيدروجين ومصادر الطاقة المتجددة.

الاستثمار في الطاقة المتجددة من أولويات الإمارات
الاستثمار في الطاقة المتجددة من أولويات الإمارات

وتعتبر الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة أن تقنيات التقاط الكربون باتت ضرورية لمكافحة تغيّر المناخ.
وتكثّف شركة "أدنوك" العملاقة جهودها في هذا المجال مع اقتراب موعد مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن المناخ "كوب28" الذي يُعقد في دبي من 30 تشرين الثاني/نوفمبر وحتى 12 كانون الأول/ديسمبر.

وفي بيان منفصل نُشر الثلاثاء، أعلنت "أدنوك للغاز" التابعة لمجموعة "أدنوك"، ترسية عقد بقيمة 615 مليون دولار لشركة "بتروفاك الإمارات" لبناء مصنع لالتقاط الكربون من المصدر، كان قد أُعلن عنه مطلع أيلول/سبتمبر.

وأطلقت الشركة على المنشأة تسمية مشروع "حبشان" ويعتبر "أحد أكبر المشاريع من هذا النوع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" بقدرة التقاط 1.5 مليون طن سنوياً من ثاني أكسيد الكربون على أن يُحقن ويخزّن بشكل دائمٍ في باطن الأرض.

ودعا المرزقي شركات النفط الوطنية إلى استكشاف الفرص المتاحة لتنويع محافظ الطاقة الخاصة بها من خلال الاستثمار في البدائل منخفضة الكربون، مثل الغاز الطبيعي والهيدروجين، مع ضرورة التركيز على تحسين كفاءة استخدام الطاقة عبر سلاسل القيمة الخاصة بها، بدءاً من الاستخراج والمعالجة وحتى التوزيع والتكرير، لافتا إلى دور تعزيز التعاون مع شركات الطاقة المتجددة وتبادل المعرفة والتجارب الناجحة في مجال الطاقة المتجددة، في تسريع عملية الانتقال إلى مستقبل منخفض الكربون.

ولفت وزير الطاقة الإماراتي أنه "يجب على شركات النفط الوطنية الاستثمار في تقنيات احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه لتقليل بصمتها الكربونية، وأن التعاون بين شركات النفط الوطنية والحكومات ومقدمي التكنولوجيا يمكن أن يساهم في تطوير ونشر حلول احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه"، موضحاً أنه من الضروري إعطاء شركات النفط الوطنية الأولوية لخفض انبعاثات غاز الميثان، بما يواكب مستهدفات استراتيجية الإمارات للطاقة 2050، ومبادراتها الإستراتيجية للحياد المناخي 2050، ويحقق تطلعات المستقبل في العمل المناخي والمحافظة على البيئة.

وأكد أن دولة الإمارات بشكل عام وشركات النفط الوطنية بشكل خاص تبذل جهوداً مكثفة لتعزيز الاستدامة بشكل يساهم في الحد من البصمة الكربونية في الدولة، وأن سياسة عدم حرق الغاز في الإمارات كانت بمثابة علامة بارزة في طريقنا للحد من انبعاثات غاز الميثان،

وحرصت الإمارات على وضع إطار تنظيمي داعم ومحفز لشركات النفط الوطنية لتبني ممارسات مستدامة، حيث أطلقت استراتيجية الإمارات للطاقة 2050 المحدثة، والاستراتيجية الوطنية للهيدروجين 2050، وإصدار قانون ينظم ربط أنظمة الطاقة المتجددة الموزعة بالشبكة الكهربائية، لتشكل مسارا واضحا لقطاع طاقة مستدام يضمن لنا السير على الطريق الصحيح لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050.

وحول جهود " أدنوك" في خفض الانبعاثات قال معالي وزير الطاقة والبنية التحتية:” لقد كانت أدنوك من أوائل الشركات الرائدة في مجال احتجاز وتخزين الكربون. وقد قامت بتشغيل أول منشأة لاحتجاز وتخزين الكربون على نطاق تجاري في المنطقة، بقدرة على التقاط 800 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون، وتخطط الشركة لتوسيع أنشطتها لاحتجاز وتخزين الكربون لالتقاط 5 ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا بحلول عام 2030، فيما تعهدت الشركة في يوليو 2023، بخفض انبعاثات غاز الميثان إلى الصفر بحلول عام 2030".

ومن جانبه أكد هيثم الغيص على الدور الايجابي التي تقوم به شركات النفط الوطنية سعيًا لتحقيق أمن الطاقة وتوفير الطاقة بأسعار ميسورة وخفض انبعاثات الكربون، وتشكل هذه العناصر الثلاثة ما يعرف بمعضلة الطاقة.

وشدد أن التركيز على عنصر واحد من عناصر المعضلة وعدم الاهتمام بالعناصر الأخرى سيؤدي إلى الفوضى وعواقب غير محمودة. مضيفا أن العالم لا يزال يحتاج إلى الاستقرار الذي يؤمن النفط من أجل نمو الاقتصاد العالمي والازدهار.

وفي حين تخطط الإمارات لرفع طاقتها الانتاجية من النفط إلى خمسة ملايين برميل يوميًا بحلول عام 2027، أعلنت في تموز/يوليو أنّها تعتزم خلال السنوات السبع المقبلة زيادة إنتاجها من الطاقة المتجدّدة ثلاث مرّات، وطرحت استراتيجية وطنية للهيدروجين وسياسة دعم للسيارات الكهربائية.