الاحتجاجات تشل مدنا وحقول نفط في جنوب العراق

غلق المحتجين لحقل الناصرية النفطي يؤجج الاحتجاجات ويرجح أن يحمس باقي المتظاهرين لغلق حقول النفط في المدن الأخرى للضغط على السلطة للاستجابة لمطالبهم.
شلل المؤسسات الحكومية وتوقف الدراسة في بغداد ومدن عراقية
غلق حقول النفط يهدد الاقتصاد العراقي الذي يعتمد أساسا على الثروات النفطية

بغداد - واصل مئات العراقيين الأحد لليوم الثاني على التوالي محاصرة حقل الناصرية النفطي جنوب بغداد الذي توقف الإنتاج فيه، بينما مازالت الاحتجاجات تشل العديد من مدن العراق الذي يشهد تظاهرات منذ ثلاثة أشهر.

وأغلق السبت المتظاهرون في محافظة ذي قار للمرة الأولى منذ بدء الاحتجاجات في العراق، حقل النفط الضخم شمال غربي الناصرية، ما تسبب في إيقاف الإنتاج.

وتوقف الإنتاج في حقل الناصرية النفطي في جنوب العراق بعدما قطع متظاهرون المناهضون للحكومة العراقية إمكانية الوصول إليه مع استمرار محاصرة الموقع، وفق مصادر أمنية وأخرى نفطية في المدينة.

وهي أول مرة يتوقف فيها الإنتاج في حقل نفطي في العراق منذ بدء التظاهرات غير المسبوقة المناهضة للحكومة في الأول من أكتوبر/الأول تشرين.

ويصل إنتاج حقل الناصرية الواقع على مسافة حوالى 300 كلم جنوب بغداد إلى مئة ألف برميل في اليوم عادة.

وتوقف الإنتاج حين قام متظاهرون بقطع الطرق المؤدية إلى الحقل النفطي مطالبين بوظائف، وفق ما أفادت مصادر في الشرطة.

وأكدت مصادر نفطية محلية وقف الإنتاج، فيما رأى خبراء أن ذلك لن يكون له تأثير كبير على الإنتاج والصادرات العراقية إن لم يستمر طويلا.

ولفت المسؤولون إلى أن المباني الإدارية التابعة للشركة الوطنية المشغلة للحقل، مغلقة منذ خمسين يوما في سياق حملة العصيان المدني التي تشل جزئا كبيرا من جنوب العراق.

بدورها قالت وزارة النفط العراقية الأحد إن "إيقاف الإنتاج من حقل الناصرية في جنوب البلاد بصفة مؤقتة بسبب احتجاجات لن يؤثر على صادرات العراق من النفط وإنتاجه".

وقالت الوزارة في بيان إن "العراق سيعوض توقف الإنتاج من الناصرية بزيادة الإنتاج من حقول البصرة".

وذكر مدير في شركة نفط البصرة التابعة للدولة أنه يمكن زيادة الإنتاج من حقل مجنون الجنوبي وحقول أخرى صغيرة تديرها الشركة.

وترجح التطورات في العراق في ظل تواصل الأزمة السياسية بعدم الاتفاق على تشكيل حكومة تلبي مطالب الحراك الشعبي، أن ينسج المحتجون في المدن النفطية الكبرى كالبصرة والموصل وكركوك على منوال المتظاهرين في الناصرية بغلق حقول النفط للضغط على الحكومة لتوفير مواطن شغل في بلد يعرف بثرواته النفطية الهائلة.

العراقيون يغلقون جسورا وشوارع رئيسية في عدة مدن
العراقيون يغلقون جسورا وشوارع رئيسية في عدة مدن

ويشهد العراق حركة احتجاجية مناهضة للحكومة مستمرة منذ ثلاثة أشهر، تتركز في العاصمة بغداد ومدن جنوبية عدة، حيث يقوم المتظاهرون باعتصامات تستهدف الطرقات الرئيسية والبنية التحتية الحكومية، بما في ذلك الحقول النفطية في بلد يعد ثاني أكبر منتجي النفط في منظمة أوبك.

والعراق هو خامس أكبر مصدر للنفط في العالم، ويصدر نحو 3.4 مليون برميل يومياً من ميناء البصرة.

وتعتمد الحكومة العراقية بشكل كامل تقريباً على عائدات النفط التي تشكل 90 بالمئة من ميزانية البلاد، فيما أشار محللون إلى أن أي ضربة للصادرات قد تكون "كارثية" على البلاد.

ورغم الثروة النفطية الهائلة، يعيش واحد من بين خمسة أشخاص في العراق تحت خط الفقر وتبلغ نسبة البطالة بين الشباب 25 في المئة، بحسب البنك الدولي.

في الوقت نفسه تواصلت الأحد الاحتجاجات في بغداد وغالبية مدن جنوب العراق، وقام متظاهرون بإغلاق جسور وشوارع رئيسية بما في ذلك بإطارات سيارات محترقة، ما أدى إلى استمرار توقف العمل في المؤسسات الحكومية المدارس في عدد كبير منها.

وتأتي هذه الاحتجاجات بعد يومين على هجوم صاروخي على قاعدة عسكرية تتواجد فيها قوات أميركية في شمال العراق، أسفر عن مقتل أميركي ، في ظل قلق من تصاعد التوتر في هذا البلد الغارق في أخطر أزمة سياسية واجتماعية منذ عقود.

وتعرضت مساء الجمعة قاعدة عسكرية في كركوك، المنطقة النفطية الواقعة شمال بغداد، لهجوم بثلاثين صاروخاً وفق ما أكد مسؤول أميركي.

على الصعيد السياسي لم تتمكن الأطراف السياسية من التوصل إلى اتفاق على تسمية مرشح لتولي رئاسة الوزراء رغم مرور شهر على استقالة عادل عبدالمهدي على خلفية الاحتجاجات متواصلة منذ ثلاثة أشهر.

وتحاول إيران وحلفاؤها في العراق الدفع لتسمية شخص موالي للأحزاب المقربة منها، الأمر الذي يرفضه المحتجون في جميع مدن البلاد وبمواجهة تشدد الموقف الإيراني لوح الرئيس العراقي برهم صالح بالاستقالة.