الاختطاف التنظيمى الإخواني.. يُخلف مأساة أطفال وأُمهات

فى تاريخ التنظيم القريب والبعيد عشرات الحالات التى قرر التنظيم أن ينتصر فيها لما يريده العضو فيه على حساب حقوق الزوجة المالية أو حقوقها فى حضانة الأبناء بل وكان التهديد من رأس التنظيم لإحدى الأخوات التى مرقت عن التنظيم وقررت الانفصال عن زوجها لعيب يستحيل معه العشرة، فرد عليها قائلاً: "ماعندناش أخت بتطلق وإذا أصريتى على الطلاق فلا حقوق لك حتى فى ابنك".

بقلم: عبد الجليل الشرنوبي 

كامل أحداث هذا المقال حقيقية تمثل ذروتها بلاغا لكل معنى بمستقبل الأوطان والإنسان فى معركة البقاء ضد استهداف تنظيمات التطرف والإرهاب للوطنية والإنسانية، وحتى يمكن استيعاب تفاصيل (الحدث الذروة)، لندع التجسيد يحيلنا إلى تقمص شخصية بطلة القصة، حيث الأم السورية الشابة تجلس فى صالة شقتها بوطنها الثانى مصر، تنتظر عودة طفلها من آخر يوم امتحانات نهاية العام، مرت الدقائق الأولى على موعد الوصول، برر تأخيرها حال المرور فى بلادنا، غير أن حاسة خفية تملكها فقط كل أم فجرت القلق براكين، سارعت السيدة إلى هاتفها لتتصل بمشرفة (باص) المدرسة.

 كانت المفاجأة الطفل ليس بصحبتها، انطلقت الأم الشابة إلى الشارع حملتها أقدامها وربما سيارة المهم أنها وصلت المدرسة الخاصة التى يملكها جد الطفل وتديرها جدته من بعد عمه، كان سؤالها (أين صغيري؟)، وتاهت الأسئلة فى محيط من صمت العاملين المغلوبين على أمرهم كونهم يرون أنهم (عبيد لمأمور يملك المدرسة وما ومن فيها)، وتصاعدت الأحداث فجأة لتجد الأم نفسها فى مواجهة اتهامات جد الطفل لأبيه المحامي ومالك المدرسة ـ الذى أكد لها أن طفلها وصل عبر (باص المدرسة) إلى منزلها وأنها هى المسؤولة عن ضياعه.

إلى الآن نحن فى مواجهة خلاف بين أم سورية وعائلة أب مصرى على حضانة طفل فى التاسعة من العمر يعانى من مشكلات فى النطق والتخاطب، لكن لدراما الواقع وجه مختلف، تنظيمي الملامح وإخواني التشريع، فالأب أحد إعلامي تنظيم الإخوان، وأحد القائمين على إدارة الاستثمارات التنظيمية عبر شركات مسجلة فى تركيا ولندن، وهو نفسه الذى هجر زوجته بدعوى الانشغال فى 2012، ثم بدعوى المطاردات الأمنية فى 2013، حتى فر إلى تركيا هاجرا وطنه وزوجه وابنه، حاولت الأم الحصول على حقوقها وطفلها بطرق ودية، فما استطاعت، وتوجهت للقضاء طالبة الطلاق للضرر فباغتها جد ابنها المستشار السابق والمحامي الحالي بقضية (طاعة)، ولأنها فى مصر منذ 2009 وحيدة بلا عائلة، فقد كان الإرهاب وسيلة مستمرة من عائلة الزوج الهارب.

اختفى ابن السنوات التسع، وراحت الأم تصارع شبحه وطرقات تحريضية تدق على بابها كل حين، ورغم أن الطفل قد أنهى امتحاناته إلا أن الأم كانت تذهب يوميا للمدرسة أملاً فى أن تجد طرف خيط، حتى كان أن لاحظت غياب جدته مديرة المدرسة عن الحضور، سألت عنها فكانت الإجابة (سافرت للعمرة)، وكان السؤال المفجع "هل يمكن أن تكون قد هربت الطفل إلى السعودية؟". لكنها تذكرت أن هناك قرارا صادرا بمنعه من السفر، وبالتالى فمن غير الممكن أن يكون قد غادر البلاد بطريقة مشروعة.

مر أكثر من خمسين يوما على اختفاء الطفل، حتى أوشكت الأم الشابة على الجنون، بعدما ذهبت كل أسئلتها عن صغيرها أدراج الرياح، وبعدما راحت تطاردها طرقات غرباء على باب شقتها كل حين، وكان أن دلها أحدهم على العبد لله، حين تواصلت معى حمل الهاتف صوتاً فَزِعاً ملتاعاً (أرجوك ساعدنى أفهم ابنى حى أم - بكاء - وأرجوك إذا أصابنى مكروه فاعلم أن عائلة زوجى هى السبب).

فى طريق الوصول إلى الطفل ابن الإعلامي التنظيمي، الذى يناضل من تركيا ضد ما يسميه (الاختفاء القسري)، قاد البحث إلى أن الصغير قد خرج بصحبة جدته مطلع شهر مايو 2018 إلى تركيا، اختطفوه من المدرسة وانتزعوه من أحضان أمه ليسافروا به مخَلِّفين أماً تقتلها أسئلة المصير عن صغير حالته النفسية غير مستقرة أصلاً، والقضية هنا ليست تصيداً للتنظيم وخطايا قادته أو قواعده، ولكنها قضية إنسانية بالدرجة الأولى حيث إن هذه ليست الحالة الأولى التى تتضافر فيها الجهود التنظيمية من أجل انتزاع أطفال من أحضان أمهاتهم، وتهريبهم خارج البلاد، وتركيا شاهدة على أكثر من حالة ربما أشهرها ذلك الإخواني السكندري الذى هرب بابنه إلى تركيا بعدما اختطفه من أمه عام 2014 ومنذ ذلك الحين إلى الآن لا تستطيع الأم مجرد سماع صوته!

فى تاريخ التنظيم القريب والبعيد عشرات الحالات التى قرر التنظيم أن ينتصر فيها لما يريده العضو فيه على حساب حقوق الزوجة المالية أو حقوقها فى حضانة الأبناء، بل وكان التهديد من رأس التنظيم (المرشد بديع) لإحدى الأخوات التى مرقت عن التنظيم وقررت الانفصال عن زوجها لعيب يستحيل معه العشرة، فرد عليها بديع قائلاً (ماعندناش أخت بتطلق وإذا أصريتى على الطلاق فلا حقوق لك حتى فى ابنك).

إن هذا الحال يلقى عشرات الأحجار فى بحيرة مواجهة التنظيم الراكدة، عن دور الدولة فى الانتصار لمن سحقتهم أقدام التنظيم، وبالتأكيد حال فتح باب الانتصار لهذا النموذج سيفاجئنا الواقع بمئات النماذج لضحايا غُلِبوا على أمرهم.