الاقتصاد والطاقة والأمن تتصدر مباحثات الرئيس اللبناني في العراق

تفاهمات أمنية مرتبطة بمطاري بيروت وبغداد، وتبادل معلومات وتسليم مطلوبين، ستكون من بين التفاهمات العراقية اللبنانية.

بغداد - يبحث الرئيس اللبناني جوزيف عون مع المسؤولين العراقيين في بغداد التي وصلها الأحد، التعاون بين البلدين والتطورات الإقليمية، حيث يشتركان بشبكة معقدة من المصالح على رأسها الاقتصاد والطاقة والأمن والتي تُشكل أساسًا قويًا للعلاقات على الرغم من اختلافاتهما السياسية خصوصا بعد تراجع نفوذ حزب الله في لبنان.

واستقبل رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الرئيس اللبناني، وقال المكتب الإعلامي للسوداني، أن الجانبين سيعقدان مباحثات رسمية، تتناول مجمل العلاقات العراقية اللبنانية، وسبل تعزيزها وتطويرها على مختلف الصعد والمجالات، إضافة إلى استعراض الأوضاع العامة في المنطقة، وفرص تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.

وجدد رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني الأحد حرص العراق حكومة وشعبا على دعم لبنان وتقوية مؤسسات الدولة فيه، والوقوف إلى جانب الشعب اللبناني ورفض أي اعتداء على سيادته أو تدخل خارجي يحاول النيل من إرادته المستقلة.

وأكد السوداني، خلال اجتماعه مع عون موقف بلاد بـ"الاستمرار في الدعم والإسناد من أجل تجاوز لبنان التحديات الراهنة"  بينما أعرب عون عن شكره وتقديره لمواقف العراق المبدئية والعملية تجاه لبنان، خاصة في الظروف الصعبة التي مرت على اللبنانيين، ورفع قدرته على مواجهة المنعطفات المختلفة، ودعم العراق لسيادة لبنان واستقراره والسعي نحو توسعة آفاق التعاون لما فيه مصلحة الشعبين.

وتتصدر المصالح الاقتصادية قائمة الأولويات بين بغداد وبيروت. فالعراق كونه منتجًا رئيسيًا للنفط، يمكن أن يوفر للبنان مصدرًا مستقرًا للطاقة، خاصة في ظل الأزمات التي تعصف بالقطاع اللبناني.

وذكرت مصادر مطلعة، أن الزيارة ستشمل تأكيد مواصلة العراق تزويد لبنان بالوقود المخصص لتشغيل محطات الطاقة، وضمن الاتفاق السابق القائم على مقايضة الوقود بالخدمات، بأسعار أقل من السوق العالمية.

 وأكدت المصادر أن تفاهمات أمنية مرتبطة بمطاري بيروت وبغداد، وتبادل معلومات، وتسليم مطلوبين، ستكون من بين التفاهمات العراقية اللبنانية في هذا الإطار.

ومنذ تموز/يوليو 2021، يزوّد العراق لبنان بالوقود للمساهمة في تشغيل محطات توليد الكهرباء مقابل سلع وخدمات طبية. ويعاني كلا البلدين من أزمة كهرباء حادة بالإضافة إلى تهالك البنية التحتية، جراء عقود من الصراعات والإهمال والفساد.

وبحسب الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية، يبحث الرئيس عون مع الرئيس العراقي عبداللطيف رشيد ورئيس الحكومة العراقي "العلاقات الثنائية وسبل تطويرها، والتعاون اللبناني العراقي القائم على مختلف المستويات، إضافة إلى الأوضاع على الساحة الاقليمية".

ويرأس عون وفدا يضمّ المدير العام للأمن العام اللواء حسن شقير وعددا من المستشارين.

وتوجد علاقات قوية بين لبنان والعراق حيث الحكومة الحالية مشكّلة من أحزاب شيعية موالية لإيران بصورة رئيسية، ولها علاقات وطيدة مع حزب الله اللبناني ورغم تراجع نفوذه إلى أن لبنان يبدو حريصا على استمرار العلاقات الجيدة مع العراق.

وتعهّد العراق خلال القمة العربية التي عقدت الشهر الماضي في بغداد، تقديم 20 مليون دولار في إطار جهود إعادة إعمار لبنان بعدما أدّت حرب مدمّرة استمرّت عاما كاملا بين حزب الله وإسرائيل، إلى دمار واسع في البلاد.

واستقبل العراق خلال الحرب آلاف اللبنانيين الهاربين من القصف الإسرائيلي على قرى وبلدات الجنوب ومناطق أخرى لحزب الله نفوذ كبير فيها.

وقد تلقّى الحزب ضربة قوية نتيجة اغتيال إسرائيل لعدد كبير من قياداته وتدمير بناه التحتية. وتراجع نفوذه على الساحة السياسية منذ انتخاب عون رئيسا وتشكيل حكومة في لبنان برئاسة نواف سلام منذ مطلع العام. وتؤكد السلطات الجديدة العمل على حصر السلاح والسيادة في أيدي القوات الشرعية، ما ينزع من حزب الله أي ذريعة للاحتفاظ بسلاحه.
وشهدت الفترة الماضية هجمات إعلامية لقوى سياسية وفصائل مسلحة حليفة لإيران تجاه عون، إثر تصريحاته بأن بلاده لا ترغب في تكرار نسخة "الحشد الشعبي"، الأمر الذي اعتبرته أوساط عراقية "إساءة". وعلى إثر ذلك، استدعت بغداد سفير بيروت لديها. وأعقب ذلك عدم تلبية عون دعوة حضور القمة العربية في بغداد الشهر الماضي، وهو ما دفع إلى اعتبار زيارة اليوم بمثابة تأكيد بيروت أهمية العلاقات بين البلدين.

وتتجاوز الروابط بين العراق ولبنان الجانبين الاقتصادي والأمني لتشمل عمقًا ثقافيًا واجتماعيًا. مع وجود روابط عائلية واجتماعية قوية.

ويواجه العراق ولبنان تحديات مشتركة تتمثل في عدم الاستقرار السياسي، الفساد، والتدخلات الإقليمية. ومع ذلك، فإن هذه التحديات يمكن أن تدفع البلدين إلى العمل بشكل أوثق لتحقيق مصالحهما المشتركة.

ويقول محللون أن تعزيز الحوار السياسي رفيع المستوى، وتوقيع الاتفاقيات الثنائية في مختلف المجالات، وإنشاء لجان مشتركة لتتبع تنفيذ المشاريع، كلها خطوات ضرورية لترجمة المصالح المشتركة إلى واقع ملموس.