الامتحانات والتضخم يثقلان كاهل معرض الرباط للكتاب

الدورة الثامنة والعشرون للمعرض الدولي تشهد تراجع الإقبال على شراء الكتب في ظل وصول معدلات التضخم إلى مستويات قياسية في الأشهر القليلة الماضية.

الرباط - لاقى نقل تنظيم المعرض الدولي للكتاب والنشر من الدار البيضاء إلى الرباط بصفة نهائية استحسان عدد كبير من العارضين والجمهور على حد سواء، غير أنهم سجلوا تراجعا في الإقبال على الكتب بالنسبة لهذه الدورة وذلك بسبب تزامن فترة إقامة المعرض مع امتحانات نهاية السنة الدراسية وتراجع القدرة الشرائية للمغاربة في ظل وصول معدلات التضخم إلى مستويات قياسية في الأشهر القليلة الماضية.

وبدأت الدورة الثامنة والعشرون للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط في فاتح يونيو/حزيران الحالي وتنتهي غدا الأحد.

وشهدت هذه الدورة مشاركة 737 عارضا من 51 دولة واستضافة كيبيك-كندا ضيفة شرف لهذه الدورة.

وشارك بنعود محمد ربيع وهو مدير دار نشر مغربية ومستشار اتحاد الناشرين المغاربة عدة مرات في معرض الدار البيضاء، بالإضافة إلى مشاركته في الدورة السابعة والعشرين للمعرض بالرباط، إلى جانب حضوره في هذه الدورة أيضا.

وقال بنعود محمد ربيع لرويترز إنه لاحظ أن "الإقبال متوسط هذه السنة مقارنة بالسنة الماضية"، مرجعا السبب في ذلك إلى تزامن الدورة الحالية مع الامتحانات الثانوية والجامعية.

وأشاد بحسن تنظيم وتأمين مكان العرض، مشيرا إلى "إقبال العارضين من خارج المغرب وحضور دور نشر عربية وأفريقية وأوروبية"، لافتا إلى أن "الكتب التي تلاقي إقبالا أكبر هي الكتب الأكاديمية وكتب الطفل".

وكان المعرض الذي انطلق لأول مرة عام 1987 يقام سنويا في مدينة الدار البيضاء قبل أن ينتقل في الدورة السابقة إلى العاصمة الرباط.

ويرى العارض المغربي محمد البحبوح الذي شارك لأكثر من 12 مرة في دورات سابقة لمعرض الكتاب الدولي بالمغرب أن "نقل المعرض إلى مدينة الرباط قيمة مضافة، كان لا بد من القطيعة مع معرض الدار البيضاء الذي كان يغرق سنة بعد أخرى في العشوائية والفوضى".

وأضاف "الحضور شهد تراجعا مقارنة بالدورة السابقة بسبب تزامن فترة المعرض مع امتحانات آخر السنة، وبسبب الإكراهات المادية للمغاربة، فهذه سنة الغلاء والتضخم، وتلقي بظلالها على إقبال المغاربة على الكتب، كما تنعكس على القدرة الشرائية للباحثين".

وسجل التضخم في المغرب مستويات لم يسبق لها مثيل في الأشهر القليلة الماضية. وبلغ في نهاية فبراير/شباط على سبيل المثال 10.1في المئة.

ورفع البنك المركزي سعر الفائدة ثلاث مرات منذ سبتمبر/أيلول من العام الماضي إلى مارس/آذار في مسعى لاحتواء التضخم.

وأكدت فاطمة أوعمي وهي معلمة لغة فرنسية بإحدى المدارس الخاصة بضواحي الرباط "في العادة ننتظر مثل هذه المناسبات لاقتناء الكتب التي لا نعثر عليها بسهولة في المكتبات، لكن للأسف الأسعار غالية وليست في المتناول".

وقال موظف عرف نفسه باسم أحمد وهو يرافق طفليه "جئت مع طفلي لأشتري لهما كتبا لعلي أحببهما في القراءة"، مضيفا "ربما أسعار الكتب عادية، لكن ما مررنا به من غلاء قبل شهر رمضان وخلاله وبعده، ونحن مقبلون على عيد الأضحى يجعل ميزانيتي محدودة، مما اضطرني إلى أن أبرم معهما اتفاقا مسبقا ألا نتجاوز ميزانية محددة لاقتناء كتيبات".

غير أن إحصائيات وزارة الثقافة المغربية أظهرت أن المعرض استقبل خلال الأيام الأربعة الأولى من هذه الدورة 62 ألف زائر، بزيادة ثمانية في المئة مقارنة بالفترة نفسها من دورة العام الماضي.

ولم يتسن الاتصال بمسؤولين عن المعرض للتعليق على تراجع الإقبال على شراء الكتب وفقا لما ذكره عدد من العارضين.

وأعلنت الحكومة المغربية في الأسبوعين الماضيين عن تعميم تدريس اللغة الإنجليزية في المرحلة الإعدادية اعتبارا من العام الدراسي المقبل، في خطوة تهدف إلى تعزيز تواجد هذه اللغة في التعليم المغربي بعد أن هيمنت الفرنسية على التعليم الأكاديمي في البلاد لعقود.

وسجل عارضون إقبالا متزايدا على الكتب الإنجليزية في هذه الدورة، خاصة الأكاديمية منها وكتب الأطفال.

وقال العارض المغربي عثمان العراقي وهو مؤسس موقع إلكتروني متخصص في الكتب الإنجليزية "هناك إقبال متزايد على الكتب الإنجليزية، كنت دائما أراهن على الكتب باللغة الإنجليزية، بالرغم من بعض الآراء التي تقول إن المغاربة متشبثون بالثقافة الفرنسية".

وتابع أن "تنظيم المعرض بالرباط أفضل من الدار البيضاء بجميع المقاييس، إلا أن تنظيمه وقت الامتحانات تسبب في قلة الإقبال عليه".

وأفاد العارض هيثم جمعة من مصر "آتي إلى معرض الكتاب في المغرب منذ أن كان في الدار البيضاء، كان الإقبال فيها أكثر ربما لأن عدد سكانها أكبر من الرباط"، مضيفا "عموما هناك إقبال جيد على كتب الأطفال سواء الطبيعيين أو ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث تشتغل دار النشر عندنا على كتب لهذه الفئة من الأطفال".

وأبدى عبدالرحمن خلف مدير الحقوق والتسويق في دار نشر سعودية إعجابه بالمعرض وتنظيمه، قائلا "المعرض يحظى بإقبال جيد، وأرى أن المغاربة ليسوا قراء عاديين بل قراء نوعيين"، متابعا "لدينا كتب في الفلسفة والتاريخ والأدب وعلم النفس وعلم الاجتماع، والقارئ المغربي يتمعن ويسأل وهذا دليل على الوعي"، مشيرا إلى أن "المعرض مبشر بالخير ويشجعنا على الاستمرارية والمشاركة في قادم الأيام".